من خذل ميقاتي… ومن أنصفه فخذله أيضاً؟
المصدر: الحدث- حسن سعد
من منطلق وروحية “واثق الخطوة يمشي ملكاً”، وعلى ما يبدو لاعتبارات مشبعة بنكهة الطموحات، أولها شخصي وثانيها طائفي وثالثها سياسي، تقدم الرئيس نجيب ميقاتي لتولي مهمة تشكيل الحكومة العتيدة، فكان له ما أراد، وأصبح الرئيس المكلّف “الثالث”.
فعلياً، تكليف الرئيس ميقاتي أدخله في مغامرة شاقة وملتبسة في آن، فمن جهة يزعم المجتمع الدولي أن “أولى” مهام الحكومة المنتظرة هي إنقاذ الشعب اللبناني بالتزامن مع تطبيق الإصلاحات المطلوبة، بينما من جهة أخرى تؤكد المنظومة الحاكمة أن “أول” شروط الإفراج عن الحكومة “الأسيرة لديها” هو ضمان عدم محاسبة مرتكبي الأزمات والضالعين في الفساد.
منذ الانطلاقة إلى اليوم، لم تجرِ رياح الأمور بما تشتهي سفن الطموح الميقاتي، فالواقع والوقائع والمجريات تؤشر إلى أن أحداً لم يخذل الرئيس المكلّف، بل هناك ما يشير إلى أن الرئيس ميقاتي هو من خذل نفسه “مسبقاً” ثلاث مرات وفي المقابل أُنْصِفَ مرة واحدة.
– المرة الأولى: خذل الرئيس ميقاتي نفسه، عندما ظنَّ أن الأسباب والشروط التي جعلت
من الرئيس سعد الحريري “ثاني المعتذرين” عن عدم تشكيل الحكومة،
والتي هي نفسها أفشلت المكلّف الأسبق و”المعتذر الأول” السفير مصطفى أديب،
المعلوم وقوف ميقاتي خلف ترشيحه، لن تجعل منه “المعتذر الثالث” أو ربما “المحتفظ بالتكليف” بلا جدوى.
– المرة الثانية: خذل الرئيس ميقاتي نفسه، عندما وافق على أن يُكبَّل بشروط زملائه في نادي
رؤساء الحكومة السابقين، والتي رسمت أمامه خطاً أحمر من غير المسموح له تجاوزه،
وفي الوقت نفسه تضمّنت ما يشبه التهديد برفع الغطاء عنه في حال تمرّد عليها.
– المرة الثالثة: خذل الرئيس ميقاتي نفسه، وهو العارف بأن مصالح المجتمع
الدولي مع المنظومة الحاكمة أكبر من أي ضمانة ممنوحة، عندما اطمأن وصدَّق أن الضمانات الخارجية المطلوبة باتت لديه
(من دون أن يحدد ما إذا كانت كلمة “الخارجية”
تعني الدولية والعربية معاً أو الدولية فقط)، وإلا لما كان أقدم على قبول التكليف، حسبما قال في أول كلمة له بعد تكليفه.
في المقابل، معظم الشعب اللبناني كان الوحيد الذي أنصف ميقاتي، عندما اعتبره
جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الحاكمة التي تلاشت ثقة اللبنانيين بكل مكوناتها إلى درجة الانعدام،
على أساس هذا الاعتبار وذاك الانعدام يكون ميقاتي، الذي يتطلَّع الى ثقة كل رجل وسيدة
وكل شاب وشابة، قد خُذِلَ أيضاً إلى أمد بعيد، وتحديداً من باب الإنصاف الشعبي.
مبدئياً، لا يُخذَل الواثق من نفسه وشعبه مرتين، فكيف لميقاتي أن ينجح بعدما خذل نفسه ثلاث مرات وعندما أُنْصِفَ شعبياً خُذِلَ؟
خير الكلام ما قل ودل، ومنه: حبذا لو أن “واثق الخطوة مشى نجيباً”، بلا شروط ولا خط أحمر ولا تهديد.
حـسـن ســعـد