بين اغتيال الحريري وانفجار المرفأ.. والحقيقة
المصدر: الكويتبة
كتبت زينة طبارة في “الأنباء” الكويتية:
قرر وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، عدم تبليغ رئيس الحكومة السابق حسان دياب، والوزراء السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر وعلي حسن خليل، دعوتهم للمثول أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، مستندا بذلك الى المادة 210 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي، وقد ابلغ المولوي قراره لكل من الامانة العامة لمجلس الوزراء، والامانة العامة لمجلس النواب، والنيابة العامة التمييزية.
وبناء عليه، رأى الخبير الدستوري والقانوني د. سعيد مالك في حديث لـ«الأنباء»، أنه من الثابت وعملا بأحكام المادة 210 من قانون رقم 17 المتعلق بتنظيم قوى الأمن الداخلي، أن لوزير الداخلية الصلاحية بتقدير ما اذا كانت هناك من ضرورة لتكليف قوى الأمن الداخلي بإجراء التبليغات، الا ان المادة المشار اليها اعلاه، قد استثنت اولا: حالة النقص في عدد المباشرين في المحاكم العدلية والجزائية، وثانيا: الدواعي الأمنية التي تحول دون تكليف مباشرين، وهنا يكمن ما رمى اليه المشرع في عبارة «الدواعي الأمنية»، حيث كان يدرك أنه في بعض الحالات قد يتعذر على المباشرين القيام بالتبليغ نظرا لظروف خاصة خارجية تفوق قدرتهم، وهذا ينطبق على ملف دقيق متفجر سياسيا وشعبيا وحتى مناطقيا، مثل ملف انفجار المرفأ الذي تحيط به محاذير أمنية جمة،
إضافة الى أن المطلوب إبلاغهم يتمتعون بحماية أمنية ومرافقة شخصية قد تعيق قيام المباشرين بمهامهم، معربا بالتالي عن خشيته، من ان يكون قرار وزير الداخلية، وبالرغم من صحة استناده الى نص قانوني والى صلاحياته،
يخفي في طياته نوعا من التلكؤ والعرقلة في سير التحقيقات، ووضع العصي في دواليب المحقق العدلي، تماشيا مع سياسة بعض من في السلطة، لطمس الحقيقة وعدم تحقيق العدالة.
وفي سياق متصل، أكد مالك أن هناك فارقا ما بين الإجراء الذي تقدم به الوزير السابق نهاد مشنوق لجهة رد المحقق العدلي،
والإجراء الذي تقدم به الوزير السابق يوسف فنيانوس لجهة نقل الدعوى للارتياب المشروع،
فبالنسبة الى مراجعة نقل الدعوى، وعملا بالفقرة 6 من المادة 340 من قانون اصول المحاكمات الجزائية،
يبقى المحقق العدلي واضعا يده على الدعوى،
ويبقى سائرا بالتحقيقات والاجراءات، إلا اذا ارتأت محكمة التمييز خلاف ذلك،
أما بالنسبة الى مراجعة كف اليد التي تقدم بها الوزير المشنوق، فعملا بالمادة 125 من قانون الأصول المدنية،
بمجرد أن يتبلغها المحقق العدلي، يقتضي عليه وقف السير بالدعوى حتى البت بطلب الرد،
وبالتالي، وبغض النظر عن عدم جدية طلب الرد بعد الإطلاع على مضمونه، نرى ان الهدف منه،
رفع يد القاضي بيطار حتى نصل الى العقد العادي الذي يصادف في الثلاثاء الأول بعد 15 اكتوبر، أي بتاريخ 19 منه، حيث تعود الحصانات الى ما كانت عليه.
أما لجهة رسالة التهديد التي وجهها مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا للقاضي البيطار،
أكد مالك، أن الأمر لا يقتصر فقط على موقف شاجب من هنا ومندد من هناك،
فالمادة 14 أصول المحاكمات الجزائية، واضحة ولا لبس فيها لجهة صلاحية ووجوب مطالبة وزير العدل، النيابة العامة التمييزية بفتح تحقيق،
وإجراء الاستقصاءات اللازمة حالما يتصل الى علمه أن جريمة طالت قاضيا من الجسم القضائي،
وذلك حماية لحصانة القاضي والقضاء، وصولا الى الادعاء على كل فاعل أو شريك أو محرض او متدخل،
ما يعني من وجهة نظر مالك، أن وزير العدل، الذي لم يشجب تهديد صفا للقاضي البيطار،
ولم يطلب من النيابة العامة التمييزية فتح تحقيق بالموضوع، قد خالف المادة 14 المذكورة أعلاه.
وردا على سؤال، حول رؤيته لما سينتهي اليه مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت،
قال مالك: «عندما طالبنا بلجنة تحقيق دولية، كنا ندرك اننا سنصل الى ما وصلنا اليه اليوم،
هناك وللأسف استحالة بالوصول الى الحقيقة، لأنه ليس من مسؤول في السلطة، سيرضى بتحميله
مسؤولية انفجار بهكذا حجم، وبالتالي ما ينطبق على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005،
نراه يتكرر اليوم، في لبنان جهاز قضائي ممتاز، وقضاة مميزون، مقابل سلطة فاسدة تمنع بشتى الوسائل والطرق،
الجهاز القضائي من الوصول الى الحقيقة، لذلك أنا لا أرى أن مسار التحقيق المحلي،
سيصل الى كشف الحقيقة، وبالتالي إن لم نتمكن من تجاوز العقبات،
تصبح هناك ضرورة قصوى، للذهاب الى المجتمع الدولي، ومطالبته بلجنة تقصي حقائق دولية».