وفيق صفا تمنّى والقضاء لبّى …. إنه العهد القوي
ليبانون ديبايت – ميشال نصر
كلما غاب عن الواجهة، عاد إليها بقوة مفجّراً كميات من النيترات المفقود، وفقاً لحجم الزلزال الذي يلتقط قوته ضحايا مجزرة المرفأ وأهاليهم، مؤكداً للجميع أن ” لحمه مرّ” لم ينفع معه تهديد، ولم يخفه تسريب، مصرّاً على السير وفقاً لتوقيت أجندته ومواعيدها حصراً. هكذا ملأ طارق البيطار الدنيا وشغل الناس، يوم قرّر أن يكون الفدائي رقم 2 خلفاً للقاضي فادي صوان، فسار على نهجه وخطّه، إلى أن وصل إلى ما وصل اليه، فيما كان “المجرمون” يسيرون على خطٍ مواز بمسار مشابهٍ لذلك الذي “اقتلع” سلفه، معيدين الفيلم ذاته.
فالخطوة التي اتُخذت بالأمس، طُبخت جيداً بين أكثر من مقرّ رسمي وغير رسمي، بعدما فشلت كل الإتصالات والضغوط على بعبدا لفتح دورة إستثنائية للمجلس النيابي لتجنيب النواب كأس رفع الحصانة من جهة، ومن جهة ثانية كخطوة استباقية بعدما وصلت معلومات إلى المعنيين، عن سلسلة قنابل ينوي المحقق العدلي تفجيرها، سواء من توقيفات أو استدعاءات جديدة.
وما زاد من ريبة حارة حريك ، ما وصل إلى بيروت من أصداء دولية سلبية ، بدأت مع اجتماع البرلمان الأوروبي ومناقشته لمسألة تفجير مرفأ بيروت، وكذلك الأجواء الأميركية التي لا تبشّر بالخير في ظلّ وجود توصيتين صادرتين عن الكونغرس حول أحداث الرابع من آب، ومشروع قانون يتناول المسألة نفسها، ما فرض على الحزب التحرك وبشكل علني لفرض أجندته، فكانت مسألة “نيترات البقاع”، لإعادة الطابة إلى الملعب المسيحي، بعدما كان حضر جميع المطلوبين المسيحيين إلى التحقيق، خصوصاً القادة الأمنيين والعسكريين، وقد كان لتلك المسألة دوراً أساسياً في خلط الأوراق لدى المعرقلين، الذين خسروا مع خطوتي قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ومدير مخابراته العميد كميل ضاهر، ورقةً قويةً عوّلوا عليها لنسف التحقيقات.
في كل الأحوال، لن يكون من السهل على محكمة التمييز السير بأي قرار قد تتّخذه، خصوصاً إذا ما كان في اتجاه كفّ يد القاضي بيطار، الذي ستكون أولى تداعياته ، دخولٌ دولي مباشر على الخط ، وبالتالي خروج الملف من دائرة الضغوط الداخلية الميليشياوية. قد يكون نافعاً هنا، دعوة المشكّكين لزيارة ضيعة البيطار العكارية، قرب القبيات، للوقوف على حقيقة التموضع السياسي لعائلته و”سليلته”، وبُعدها عن “البرتقالي” من “هون للقمر روحة رجعة”، وإذا “شافوا أن الكنيسة القريبة بتشفي”، فليخطفوا” إجرن عالعدلية وليسألوا عن ذاك القاضي زملاءه من قضاة ومحامين وموظفين، كي لا نقول المحكومين “من يللي ما عندن ضهر”.
فالعكاري “صاحب الرأس الكبير” الذي تشرّب أن “الحياة وقفة عزّ”، دقّ بالمحرّمات وأباح لعدله المحظورات، من ادّعائه على مدير عام الأمن العام اللواء “سندباد البيروتي”، باني الهيكل السياسي والإداري والأمني لجمهورية العهد القوي، الذي سحب الحزب الذي يسوّق له البساط من تحتها، إلى “غرندايزر” حكومة اللون الواحد، الذي مثّل في ما مضى فائض قوة حزب المقاومة، في ظاهرةٍ قد يصعب أن تتكرر في التاريخ الحديث، بإصدار مذكرة إحضار بحق من تقاطع عنده “كرامة” نادي الأربعة، ومقاومة عاصمة الممانعة اللبنانية، وما بينهما من سياسيين وأمنيين وقضائيين وإداريين، شاءت العناية الإلهية أن منشأهم الوظيفي هو نفسه.
شيئ واحد أكيد بحسب المتوفر من معلومات حتى الساعة ، أن أهالي الضحايا وخلفهم الشعب اللبناني، لن يمرروا الخطوة “على خير”، وكذلك المجتمع الدولي، بجناحيه الأوروبي والأميركي، الجاهز لسيلٍ من العقوبات ،
خصوصاً بعدما أصبحت المواجهة واضحة، بعدما قرر “حزب الله” خوضها علناً،
حفاظاً على ما تبقّى من “مافيته” السياسية –الأمنية- القضائية الحاكمة ،
والتي وصلت وقاحتها درجة إرسال الحاج وفيق صفا، رسالة تهديد واضحة مع مراسلة إخبارية،
بعدما كان السيد حسن نصر الله، كفّى ووفّى بتهديده ووعيده للقاضي بيطار.
تمرّد سياسي – أمني على القضاء، بعدما خرج عن قوس المحاكم حاملاً ميزان العدل عن “حقّ وحقيق”،
مقرّراً الإنقلاب على أساس منظومة الفساد وحماتها من تجمّع قضائي-أمني،
مهدداً المنظومة بالسقوط تحت قراراته ومذكراته المتتالية، بعدما أدركوا أن
” إيدو” قد تطال أبعد ممّا يتصوّر البعض. وتسألون بعد كل ذلك لماذا تلك الحرب؟
ولماذا ثمة من يصرّ أن التحقيق مسيّس؟ نعم وبكل بساطة لا يمكن للتحقيق إلاّ أن يكون مسيّساً في ملفٍ نخرته
السياسة وأمنها على عينك يا تاجر، وغطّته أحزاب السلطة من مقاومة وعميلة،
ما زالت مصرّة على هدر الدم السياسي، الذي كان آخر ضحاياه “بدري أبو كلبشة
” الحكومة السابقة، الذي راح فرق عملة بقرار ذاتي بالإنتحار “كرمى لعيون حاج”.
أمام هذا الواقع الجديد ،كيف ستتصرف بعبدا؟
وهل تسكت الرئاسة الأولى على محاولة الإلتفاف الجارية على القانون؟
وما هي الخطوات التي ستتخذها؟ وماذا عن ردة فعل الكنيسة التي بدا تموضعها واضحاً إلى جانب المحقق العدلي والأهالي،
أملاً في كشف الحقيقة؟ وماذا عن البعد الطائفي الذي ستتخذه القضية؟
وهل يكون الحدث – الإنفجار المُنتظر عنوانه تفجير المرفأ، بتأخير سنة بعدما أحبط ثورته الأولى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون،
خلال زيارته الأولى السيئة الذكر؟ هنا نصيحة من “الشاطر حسن،”
“عالماشي” ، خيّطوا بغير هالمسلّة، وصفّوا حساباتكم بعيداً عن المرفأ وملفه.
ختاماً ، سيسجّل التاريخ يوماً أن قاضياً خرج من بين صفوف قصور العدل ليقلب مسار العدالة،
وليشقّ طريق العدالة والحقيقة،. ما خاف ولا جبُن، ما تراجع ولا يئس، ثابر وتابع، فوصل واستحقّ
عن جدارة أن يكون قاضي قضاة لبنان، بانتخابٍ مباشر من الشعب وتفويضٍ كامل من اللبنانيين،
منجزاً مهمته، معرّياً تحالف الفساد والنهب بين الدولة والدويلة، كاشفاً دهاليز التآمر ومصالح مدّعي الدفاع الزائف
عن طوائفهم ومذاهبهم. هم المتحالفون من تحت الطاولة، والمتقاتلون من فوقها،
بعيداً عن الجدل القائم حول دستورية وقانونية قراراته، في بلدٍ يبقى فيه كل شيء وجهة نظر.