هكذا فجّر ميقاتي نادي رؤساء الحكومات!!
بقلم بولا اسطيح – Alkalima Online
صحيح أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلن وبالفم الملآن في مقابلته التلفزيونية الاخيرة انه ورئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري على توافق تام وان رؤساء الحكومات السابقين يعملون كقلب واحد ولا شيء يفرقهم، الا انه ومنذ تشكيل الحكومة لم يسجل اي اجتماع لنادي رؤساء الحكومات السابقين. لم يسجل حتى اي لقاء بين ميقاتي وأي من أعضاء هذا المجلس الذي شكل طوال مرحلة الأزمة الحكومية منبرا ومرجعية اساسية سواء لسعد الحريري حين كان رئيسا مكلفا ومن بعده لنجيب ميقاتي. فعدم رغبة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان بعكس خلفه باقحام نفسه بزواريب السياسة اللبنانية اليومية واستخدام دار الفتوى منصة لمواجهة العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، دفع برؤساء الحكومات السابقين الذين يعلم القاسي والداني ان ما يفرقهم اكثر بكثير مما يجمع بينهم، للتلاقي باطار هذا النادي تحقيقا لمصالح مشتركة يبدو انها بدأت تتلاشى
مع انجاز ميقاتي مهمته. ولم يكن أحد من أعضاء النادي ينتظر نهاية سعيدة قريبة لابن طرابلس الميلياردير،
فرهان الجميع غير المعلن بالطبع كان على تكليف طويل مماثل لتكليف الحريري، يستنزف رئيس “العزم” قبل الاستحقاق النيابي، هو الذي رسخ زعامة في مدينته في العام 2018 على حساب الزعامة الحريرية التي تلاشت تماما فيها.
اليوم يراهن هؤلاء على الارجح على فشل الحكومة الميقاتية خاصة
وان اي نجاح يحقق رئيس مجلس الوزراء الحالي سيأكل من ارصدتهم جميعا وعلى رأسهم رئيس تيار “المستقبل”
الذي لا يزال بالعلن داعما لميقاتي وحكومته
وان كان قد بدأ وفريق عمله يمهدون لانسحاب تكتيكي مدروس من الفريق الداعم للتحول
لفريق المعارضة في الوقت والظرف المناسبين، لأن خلاف ذلك سيعني مزيدا من تآكل
شعبية الحريري الذي لن يرضى ان يبقى بموقع المطبل لغريم سياسي خاصة على مسافة أشهر معدودة من استحقاق النيابة.
تمام سلام، الدبلوماسي اللبق قد يكون اقل تضررا من الحريري بدعمه ميقاتي.
هو على الارجح سيتمسك بموقعه الوسطي فلا يعلن معارضة الحكومة ورئيسها ولا يغالي بدعمه وتأييده لها.
هو بدأ ككل المرشحين الآخرين بالاستعداد للمعركة الانتخابية، ويدرس كل خياراته التي تفرض جميعها
ان يكون على علاقة جيدة بميقاتي والحريري على حد سواء،
وان يعتمد كما باقي القوى السنية خطابا ضد العهد والنائب باسيل يحملهما بشكل
اساسي مسؤولية الانهيار، من دون ان يغفل التصويب على حزب الله وسيطرته
على الدولة وكسره هيبتها، لزوم التجييش الطائفي والمذهبي.
وحده فؤاد السنيورة يبقى الاوضح والاكثر صراحة في مقاربته كل الملفات وفي علاقاته مع مختلف القوى. هو أول من خرج ليقول ان حكومة ميقاتي “تمدد الازمة” في وقت كانت معظم القوى تغازلها. لم يجد السنيورة
يوما مصلحة بمغازلة أو استرضاء هذا او ذاك. هو يتخذ موقعا خاصا به وان كان قد حاول في فترة
من الفترات فرض موقفه ورأيه على باقي رؤساء الحكومات من خلال “النادي” الشهير وهو ما
تجلى واضحا في اكثر من بيان صدر عنه خلال مرحلة تصريف الاعمال.
وتقول مصادر سياسية مواكبة لعمل “النادي” انه لم “يعد هناك مصلحة لميقاتي بأن يبقى
هذا النادي نشيطا لجهة تكثيف اجتماعاته وبياناته”، معتبرة انه “على الارجح تم تعليق عمله
الى أجل غير مسمى باعتبار ان احدا ن اعضاء هذا النادي لا يجد مصلحة له بأن يلعب اي دور في المرحلة الحالية”.
وتضيف:”لكن تعليق عمله لا يعني اعلان تفككه وانتهائه.
هو سيبقى قائما ليجتمع حين تقتضي مصلحة مشتركة للرؤساء الأربعة او حين تستدعي
الظروف موقفا سنيا موحدا. ليكون وجوده من عدمه غب الطلب.
ففي نهاية المطاف لا يريد ميقاتي الذي بات ومع عودته الى السراي المرجع السني –
السياسي الاول في البلد ان يكون هناك مرجعا غيره او مجلس وصاية يحدد له مواقفه او خطواته…
آخر ما يريده ان يتحكم فؤاد السنيورة به وبقراراته”.
لا يعير السنة لا شك بسعي رؤساء الحكومات لتحجيم بعضهم البعض او ممارسة الاقصاء
بحق بعضهم اذا سنحت لهم الفرصة او حتى السعي لافشال مهام من يكون في السلطة التنفيذية،
رغم عدم اقرارهم بذلك وتصوير العلاقة في ما بينهم مقدسة ومترفعة عن كل صغائر السياسة…
فالقادة المسيحيون سباقون بذلك، ولعل ما يميزهم أنهم أكثر جرأة وصراحة باعلان العداء لبعضهم البعض
وأكثر اقداما حين يتعلق الأمر بتهشيم والغاء الآخر!