من يريد الإطاحة بالرئيس نبيه بري؟
المصدر: ليبانون فايلز
“نبشت” تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والتي خصصها للدفاع عن الرئيس نبيه بري في معرض هجومه على المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الخلافات داخل الثنائي حول موقع الرئاسة الثانية والذي يشغله الرئيس نبيه بري وبجدارة، “البعض يأخذ الكلمة بالمنحى السلبي والبعض الآخر بالمنحى الايجابي”، طوال سنوات جمهورية الطائف الى يومنا هذا، وفتحت التغريدة ولو باكراً المعركة على هذا الموقع في حال قرر الرئيس نبيه بري الاكتفاء بالسنوات الـ 32 التي اعتاد فيها المطرقة النيابية التي تحولت الى جزء من شخصيته وادواته المستعملة في مفاوضاته الداخلية والدولية.
خرجت التحاليل والمقالات، التي ذهب بعضها بعيداً في توصيفه علاقة رئيس حركة أمل بالنظام في سورية، ووضعت حواراً افتراضياً بدا بعيداً عن الواقع الذي لا يمكن أن يُرسَم له نهاية عزل بري أو تصفيته، ولا سيما أمام رجل يُعد اللاعب الثاني على الساحة الشيعية ويرأس حركة لها امتدادها المؤسساتي الواسع يصعُب اختصارها بشيء من السذاجة. ورغم كل التباينات التي ظهرت بين بري والنظام في سورية أو تلك المتصلة بعلاقة الرجل مع الاطراف في الداخل وتحديداً العهد، الا أن مسألة تولي الرئيس نبيه بري رئاسة المجلس الذي ستنتجه الانتخابات المقبلة معقدة وترتبط بالدرجة الاولى بالبديل الاساس عنه وبالمَخرَج الذي يليق برجل وصفه الخصم والحليف بـ “ميزان السياسة اللبنانية”.
في المسألة المتعلقة بالبديل، لا يمكن التكهن من الآن رغم أن الحديث عن امكانية طرح اللواء عباس ابراهيم للانتخابات النيابية في الجنوب وارد، ولكن هذه المسألة بحاجة الى مزيد من الدرس، سيما وأن مدير عام الامن العام يمسك بملفات أمنية حساسة وبحاجة الى تواصل دائم مع الجهات الاقليمية والخارجية، وبالتالي فإن البحث أيضاً عن بديل له غير متوفر حالياً، لا سيما من جانب الثنائي الذي يولي لإبراهيم أهمية كبيرة في المسائل المتعلقة بالأمن والمفاوضات المتصلة به وايصال المعلومة الصحيحة والدقيقة للجهات الغربية بطريقة تبدد هواجس الثنائي وتحديداً حزب الله، فاللواء ابراهيم يلعب دوراً حرفياً في هذا السياق والملفات التي تَمَكن من حلها في سنوات خدمته، لا سيما خلال الصراع السوري وردع الخلايا الارهابية وارتداداتها على المنطقة كبيرة ومتشابكة، وعليه فإنه من الصعب انتقال اللواء الى الندوة البرلمانية ورئاستها قبل انهاء الملفات أو تسليمها لبديل يكون محل ثقة داخلية وخارجية.
اما في حال سلمنا بسيناريو البديل عن الرئيس بري، فهذا الامر يرتبط برئيس حركة أمل بشكل مباشر،
فهو المعني باتخاذ قرار الترشح من عدمه الى الانتخابات النيابية المقبلة، وقد يلجأ بري الى هذا القرار في
حال وجد في الاشهر المقبلة أن التوافق الداخلي على اسمه بات غير مضمون
أو وصلت اليه رسالة تشير الى أنه لم يعد رجل المرحلة،
عندها يمكن أن يصدر موقف واضح عن بري يؤكد عدم خوضه الانتخابات
وتركه الساحة البرلمانية والعودة الى المصيلح، حيث الحنين الى الجنوب وتبغه ومقاومته.
غير أن العقدة الابرز أيضاً في عودة بري الى دارته في المصيلح تكمن في الارتباط الوثيق بين رئاسته لمجلس النواب ولحركة أمل، المعادلة التي لا يمكن لأحد أن يفكها طالما أن بري لا يزال سيد “أفواج المقاومة اللبنانية”،
ولن يكون من السهل لأي رئيس مجلس نيابي أن يجلس على كرسي الرئاسة الثانية
من دون أن يدرك أهمية هذا الامر، فالحركة ما تزال رقماً صعباً داخل الشارع الشيعي
ومن الصعب اخراجها من المعادلة الا بالاتفاق معها وتحت غطاء حزب الله،
وستنسحب المعادلة التي كرسها “الرئيس القوي” عند انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية
على الرئاسة الثانية، ولن يقبل حزب الله أو حركة أمل بأقل من هذا المستوى من التمثيل
لأي شخص سيُسمى رئيساً لمجلس النواب، وبالتالي فإن البديل سيكون من ضمن هذا الثنائي،
واختيار اللواء عباس ابراهيم لهذا المنصب يكون من حصة الفريقين ولن يقبل
حزب الله أن تخرج ورقة الاختيار الا من جيب الرئيس نبيه بري،
حفاظاً على مسيرة الرجل الذي وقف مع “المقاومة” في السلم والحرب
وخاض حرباً دبلوماسية شرسة في العام 2006، لن يكون سهلاً التغاضي عنها بالنسبة للحزب وأمينه العام السيد حسن نصرالله.
اما رئاسة حركة أمل فهذه ايضاً تتعلق بالدائرة الضيقة للرئيس بري، وتحديداً نجليه
مصطفى وعبدالله من جهة، ونجله من السيدة رندة بري باسل، وهذا الامر له خصوصيته
وحساس بالنسبة للرئيس بري الذي يفضل ابعاد نار الوراثة عن الحركة كي لا تحرقها.