“يُخطّط للسفر إلى فرنسا”.. معلومات “هامّة” عن شخصيّة البيطار
المصدر: العربية
نشرت “العربية.نت” مقالاً للصحفية جوني فخري، تحت عنوان: “اسمه شغل لبنان.. تعرف إلى القاضي الذي “أغضب” حزب الله”.
وجاء في المقال:
منذ أن دخلت التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت مرحلة الاستجواب لمسؤولين سياسيين وأمنيين، وتحديداً منذ تمُّوز الماضي، تصدّر المحقق العدلي طارق البيطار المشهد الداخلي في لبنان، وأصبح اسمه يتداول “بكثرة” في الخطابات السياسية.
فيما شكّلت قضية “رفع الحصانات” فتيل أوّل مواجهة بينه وبين الطبقة الحاكمة لاسيما حزب الله وحركة أمل، اللذان رفضا رفع الحصانة عن وزراء سابقين ومسؤولين أمنيين مدّعى عليهم ويريد استجوابهم.
واحتدمت المواجهة عندما بدأ بإصدار مذكرات جلب ومذكرات توقيف غيابية بحق هؤلاء المسؤولين، الذين رفضوا المثول بحجّة “عدم الصلاحية”.
وبلغت المواجهة ذروتها في الهجوم العنيف الذي شنّه أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله ذاكراً إيّاه بالاسم، مطالباً مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى بتغييره وإيجاد حلّ له، وهو ما طرح علامات استفهام حول خلفية تصعيد الحزب ضده ومما يخاف؟
ولم يكتفِ حزب الله بحملات التخوين والاتّهام للقاضي البيطار، بل بعث إليه برسالة “تهديد” عبر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا بـ”قبعه” (اقتلاعه)، “لأنه مُسيّس ويعمل باستنسابية”.
ولم تمضِ أيام على التهديد بـ”قبعه” حتى نفّذ حزب الله ومعه حليفته حركة أمل تحرّكاً أمام قصر العدل في بيروت الخميس الماضي للمطالبة بتنحية القاضي البيطار انتهى بأحداث عنف دامية شهده مثلث الطيّونة-الشياح-عين الرمانة ذهب ضحيتها 7 قتلى وعشرات الجرحى.
في شباط الماضي تسلّم البيطار ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت كمحقق عدلي خلفاً للقاضي لفادي صوان، الذي أمرت محكمة التمييز الجزائية بتنحيته، بعد قبول دعوى تطالب بذلك عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء السابق حسّان دياب وثلاثة وزراء سابقين.
لكن المفارقة كانت أن البيطار نفسه طُرح اسمه في البداية لتولّي التحقيق
إلا أنه سارع إلى رفض المهمة “لاعتبارات شخصية وعائلية” كما نُقل عنه حينها، إلا أنه عاد واستلم “دفّة” التحقيقات بعد تنحية صوان
رغم أن زملاء له نبّهوه من أنها “مهمة انتحارية”، لأنه يُحقق بثالث انفجار غير نووي في العالم خلّف أكثر من 210 ضحايا وآلاف الجرحى.
وفي الإطار، أكد الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة شكري صادر لـ”العربية.نت”،
أن طارق البيطار معروف بين زملائه بأنه جدّي وغير صدامي في حضوره وقليل الكلام ولا يُحبّذ الظهور الإعلامي”.
وما جعله “مميزاً” في مسيرته القضائية بحسب صادر “ترؤسه محكمة الجنايات
في بيروت بسرعة قياسية، مقارنةً مع زملائه الذين لا يزالون حتى الآن قضاة مستشارين بالاستئناف”.
إلى ذلك، أشاد صادر بعمل بيطار على رغم كل ما يُساق ضده من اتّهامات سياسية،
معتبراً أنه “أثبت أنه قاضٍ شجاع وهو ما تبيّن عندما تلقّى تهديداً بـ”قبعه”
من منصبه فكان جوابه “بيمون” (في إشارة إلى مسؤول وحدة الارتباط
والتنسيق في حزب الله وفيق صفا) وأكمل تحقيقاته وكأن شيئاً لم يكن.
فهو أصبح بشجاعته قدوة لزملائه في السلك القضائي”.
كما رأى أن “المعركة اليوم بين دولة القانون التي يُمثّلها البيطار وتُشكّل 80 بالمئة من اللبنانيين
ونظام شريعة الغاب الذي يستقوي بالسلاح”، مضيفاً أن “السيطرة حتى الآن هي لشريعة الغاب،
بحسب ما تظهره الوقائع على الأرض”.
كذلك، اعتبر أن “البيطار قَبِل بالهمّ (تحقيقات المرفأ) والهمّ لم يقبل به”، متسائلا “ماذا يريدون؟ فهم رفضوا في البداية التحقيق الدولي فلماذا يرفضون اليوم التحقيق المحلي؟”.
كذلك، أكد أحد زملائه في نادي قضاة لبنان لـ”العربية.نت”، أن “طارق البيطار قاضٍ نزيه ورصين وقليل الكلام،
ويتميّز بسرعة البتّ بالملفات التي يتولاها. فهو كان يقضي ساعات طويلة في مكتبه عندما تم نقله إلى محكمة الجنايات”.
ويشغل البيطار منصب رئيس محكمة جنايات بيروت منذ عام 2017.
وخلال تولّيه رئاسة المحكمة، نظر في عدد من القضايا الجنائية الكبيرة التي شغلت الرأي العام، من بينها جرائم قتل وإتجار بالمخدرات وإتجار بالبشر،
ووصفت بعض القرارات التي صدرت عن محكمته بالمتشددة.
ولعل القضية الأبرز التي جعلت اسمه يتداول على نطاق واسع في لبنان الحكم الذي
أصدره في أيار من العام الجاري في قضية طفلة لبنانية بترت أصابعها نتيجة خطأ طبّي.
إذ أصدر حكماً بدفع الجهات المتسببة بالضرر مبلغ مليار ليرة (حوالي 650 ألف دولار) لعائلة الطفلة،
إضافة إلى راتب شهري مدى الحياة لها، ما أثار غضبا داخل القطاع الطبّي.
وكما زميله في نادي قضاة لبنان، لفت أحد المقرّبين من البيطار، متحفظا عن ذكر اسمه،
إلى أنه “قاضٍ خجول، يتكلّم دائما بهدوء مع محدّثيه. حتى إنه عندما يكون داخل قاعة المحكمة
كان يتعاطى مع المتّهمين بجرائم جنائية بلطف ويسأل ماذا يريدون ويطلب تأمين طلباتهم”.
وأكثر ما يُميّز هذا القاضي على حدّ قوله، رفضه لكل أشكال التدخلات السياسية في الملفات التي كان يتولاها.
كما أكد لـ”العربية.نت”، أن “البيطار المولود في بلدة عيدمون بمحافظة عكار (عام 1974 )
يتمتع بشخصية قوية، ولا يرضخ للضغوط، ويمارس الاستقلالية بشكل تام”.
إلى ذلك، نقل أحد المقرّبين عنه “أنه يُخطط للسفر إلى فرنسا والالتحاق بشقيقه هناك الذي يتواصل معه يومياً،
وذلك بعد أن يُنهي التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت التي يعتبرها أكبر إنجاز في مسيرته القضائية”.
يذكر أن “مجلس القضاء الأعلى سيسلمه، الخميس المقبل، إلى البيطار وسط معلومات
عن اتجاه المجلس ووزير العدل، إلى إحالة القاضي إلى التفتيش القضائي “كمقدمة لتنحيته عن الملف”.
وإذا حصل ذلك فمعناه أن “السلطة السياسية وحزب الله نجحا بضرب استقلالية السلطة القضائية
وبالتالي حرمان اللبنانيين من الحق بمعرفة من فجّر مرفأ عاصمتهم في الرابع من آب 2020، ومن أتى بشحنة نيترات الأمونيوم القاتلة”.