6 شقق بسعر واحدة: العقار في لبنان لمزيد من التدهور!
المصدر: لبنان 24
شهد عام 2020 طفرة كبيرة في بيع العقارات وشرائها، إذ سجّلت، بحسب دراسة لـ”الدولية للمعلومات”، 82 ألف عملية بيع وشراء بقيمة 14.4 مليار دولار. فقد أدّى تفاقم أزمة القطاع المصرفي وتراجع سعر صرف الليرة واحتجاز الودائع في المصارف، إلى هروب المودعين نحو شراء العقارات بشيكات مصرفية، ظنّاً منهم أنّ هذا الأمر سيحافظ على القدرة الشرائية لأموالهم بدلاً من بقائها محتجزة.
ماذا عن وضع السوق العقاري اليوم لاسيما مع وصول الدولار مؤخرا إلى 20 ألف ليرة؟ وبكم أصبحت أسعار الشقق؟
جهاد الحكيّم أستاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الامريكية أشار لـ “لبنان 24” إلى ان أسعار الشقق انخفضت بين 80 و85 بالمئة، واعتبر انه طالما ان الوضع الاقتصادي مستمر بالتراجع سيتأثر القطاع العقاري الذي سيشهد بدوره تدهورا.
وقال الحكيّم: حاليا انخفضت أسعار الشقق 4 إلى 6 مرات مما كانت عليه سابقا، وبالتالي اصبح لدينا المعادلة التالية: “اشترِ 4 إلى 6 شقق بسعر واحدة”!
وعدد الحكيّم عددا من العوامل التي أدت إلى تدهور هذا القطاع، فلفت إلى انه في لبنان حاليا هناك معادلة العقار مُقابل الطعام التي بدأت تفرض نفسها، فاللبناني يبيع عقاره لتأمين احتياجاته المعيشية والاستشفائية .
فمدخرات اللبناني وضعت اليد عليها في المصارف ما يضطره لبيع شقته من أجل الهجرة
مثلا أو للاستشفاء او لشراء الدواء او تعليم الأولاد في المدارس والجامعات أو دفع بوليصة التأمين لاسيما وان كل شيئ في لبنان بات يتطلب “فريش دولار”
ولفت إلى ان العقار هو immobilier لا يتحرك وهو من ضمن الأموال غير المنقولة وعندما يُباع بشكل اضطراري
سيتكبد البائع تلقائيا الخسائر.
عامل آخر لا يمكن إغفاله فرضته جائحة كورونا التي سرعت
التحوّل الرقمي digitalisation بحسب الحكيّم، حيث ان العمل عن بُعد قلص الحاجة إلى مكاتب وعقارات،
فالكثير من اللبنانيين أصبحوا يقومون بأعمالهم ودراستهم من قراهم ومنازلهم من دون أن يضطروا لشراء أو استئجار
شقق في المدن كما أن زيادة التسوق عن بعد أصبح رائجا أكثر ما أثر بالتالي على المحال التجارية والـ Malls محررا مساحات عقارية كبيرة
وأشار الحكيّم إلى ان الهجرة عن بُعد عامل إضافي لبيع العقارات وهبوط أسعارها،
لان من أراد الهجرة هو بحاجة إلى مبلغ من المال في بداية الأمر بعد استحالة الوصول إلى المدخرات في المصارف،
مشيرا إلى ان سوق العقارات يتأثر أيضا بسعر الصرف ولاسيما مع ما نشهده مؤخرا من ارتفاع للدولار،
فالاغلبية الساحقة من اللبنانيين تتقاضى رواتبها بالليرة،
ومع تدهورها يتبخر المدخول وتزداد حاجة المواطن فيضطر لبيع عقاراته لسد حاجاته المتفاقمة.
وتابع: زيادة أسعار النفط عالميا تؤدي إلى خروج دولارات اكثر من البلد ما يؤثر أيضا على تدهور الليرة وهذا القطاع،
مشيرا إلى ان العقار شأنه شأن الأسواق المالية الأخرى والسلع يخضع لشروط السوق
ورأى الحكيّم ان انسداد الأفق سياسيا والتوترات والحوادث الأمنية كالتي حصلت مؤخرا تجعل أسعار العقارات تتدنى أكثر.
من يشتري؟
لفت الحكيّم إلى ان المغتربين هم من يشترون حاليا الشقق، فالشقة التي كان سعرها بـ 300 ألف دولار أصبحت
حاليا بين 45 و70 ألف دولار، والشقة التي كانت بـ 150 ألف دولار صارت بين 25 و35 ألف دولار، بالتالي أصبحت قيمة العقار
ما بين 15 و25 % مما كان عليه سابقاً وبالتالي هذا الأمر يمكن أن يناسب بعض المغتربين والمتمولين.
لأن من ليسوا ميسورين بما فيه الكفاية لن يقدموا على الشراء حتى ولو توفر معهم المبلغ خوفا
من حاجتهم لمبالغ ضخمة في حال إضطروا للذهاب إلى المستشفيات ودفع مصاريف الطبابة
واعتبر الحكيّم ان المواطن اللبناني خُدع سابقا وأوهم بأنه يُهرب أمواله من المصارف من خلال شراء العقارات،
فمن اشترى شقة ظنًّا منه أنّه يهرّب أمواله في آذار 2020 بموجب شيك مصرفي بقيمة 400 ألف دولار
بدل حسمه والحصول على 75% من قيمته، أي 300 ألف دولار نقدًا بقصد تحديد خسارته بـ 25% وجد نفسه ضحية لأنّه
حتّى لو تمكّن اليوم من بيع الشقة نفسها بـ 800 ألف دولار، قيمة الشيك أصبحت 150 ألف دولار نقدًا، وبالتالي يكون خسر أكثر من مرّتين.
وشدد الحكيّم على ان اللبناني “جاهل” بالأمور المالية والاقتصادية، ولم يكن لديه حماية
من الجهات الضامنة والقيمين على الأمور المالية، كما لم يكن هناك حماية لحد أدنى من حقوق الناس أقله لصغار المودعين.
ورأى الحكيّم ان لا حل قريباً لأزمة المصارف ولا قروض السكنية وبالتالي القطاع العقاري لمزيد من التأزيم.
إذا من المتوقع أن يستمر التباطؤ في هذا القطاع في عام 2022 وان تتراجع أسعار العقارات،
وأن يصبح صغار المستثمرين مرنين بالبيع نتيجة حاجتهم للمال في ظل شح المداخيل بلبنان.