احتمال عدم انفجار السيارة صفر”… مسؤول أمني يكشف ويوضح
بقلم زياد عيتاني – أساس ميديا
في جلسة خاصّة، يأخذ مسؤول أمنيّ كبير نفساً عميقاً، ثمّ يقول: “لبنان اليوم يشبه سيّارة مشتعلة وخزّان وقودها ممتلئ، فما هي فرص عدم انفجار السيارة؟”. يصمت لثانية ويضيف: “احتمال عدم انفجار السيارة صفر”. ويتابع: “لم يكن لبنان محتقناً سياسياً وطائفياً وأمنيّاً واجتماعياً واقتصادياً كما هو الآن. لم يعد السؤال: هل ينفجر الوضع الأمنيّ؟ بل السؤال الدقيق الحقيقيّ هو: متى سينفجر الوضع الأمنيّ؟”.
يتمحور قلق المسؤول الأمنيّ حول تطوّرين:
1- ورود تقارير عن إمكانيّة قيام بعض الشباب في مناطق الاشتباكات الأخيرة بعمليّات قتل فردية ثأرية متبادلة، تماماً كحادثة قتل شقيق حسن غصن لعلي شبلي ثأراً لمقتل أخيه على يد شبلي في خلدة.
2- تطوّر الاحتجاجات الشعبية، وتحديداً تلك التي حدثت في بيروت يوم الإثنين الفائت، إلى أعمال فوضى عنفيّة تأخذ البلاد إلى ما لا تُحمد عقباه، ويصبح من الصعب احتواؤها.
فما وقع في شوارع بيروت، ونسبيّاً في طرابلس وعكّار وعند مدخل مدينة صيدا، من إقفالٍ للطرقات وإحراق للدواليب ومستوعبات النفايات وإقفال للمحالّ، بعضها بخاطره والبعض الآخر عنوةً، ثمّ الإطلالة الإعلامية في الطريق الجديدة ببيروت لبعض الفعّاليّات والأسماء البيروتية وتلاوتها بياناً، وهو ما لم يحدث في باقي المناطق التي شاركت في الاحتجاجات، يوصل إلى ثلاثة استنتاجات:
1- التحرّك الشعبي يوم الإثنين الفائت أراد محرِّكوه وموجِّهوه أن يكون تحرّكاً سنّيّاً خالصاً من دون شوائب أو منغِّصات. وهو ما تُرجم غياباً للضاحية الجنوبية لبيروت ذات الكثافة الشيعية عن مشهد الاحتجاجات رغم انضمام بعض سكّانها من السّنة إلى التحرّك، وقيام الجيش اللبناني بفتح طريق ضبيّة بسرعة ومن دون أيّ تراخٍ، ومنع أيّ محتجّ من قطعها.
2- إنّ الشخصيّات التي أذاعت البيان مع الاحترام الكامل لها ولتاريخها النضالي بوجه الاحتلال الإسرائيلي في عهد حركة “المرابطون”، معروفٌ تواصلها وارتباطها الاجتماعي والعملاني مع قوى سياسية مقرّبة من الحزب.
3- المشاركون على الأرض، من شباب وراكبي درّاجات ناريّة، كانوا كلّهم يدينون بالولاء لتيّار المستقبل، وتحديداً رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية، إلا أنّهم يعيشون، منذ فترة ليست بالطويلة، حالة يُتم رعوي مع غياب هاشمية عن مكتبه في فردان وإقفال أبوابه.
.. على خلفيّة هذه المشهديّة بكلّ تفاصيلها، يبقى السؤال: لماذا جرت هذه التحرّكات في الشارع السنّيّ؟ وما هو الهدف منها؟ ولِمَن وُجِّهت؟ هل هي ضدّ الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي أم هو غير معنيّ بها؟
هذه التحرّكات الموجّهة لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال فصلها عن حديث الساعة والشغل الشاغل للحزب وحلفائه، ومعهم رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط والكثير الكثير من القوى السياسية، ألا وهو إمكان انسحاب رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسية بدءاً من الانتخابات النيابية المقبلة.
وما حدث في شوارع بيروت وأزقّتها الرئيسية، وساحة النور في طرابلس ومداخلها الخارجية، ومفرق قرية المرج في البقاع، الحاضنة الزرقاء، كما هو معروف، لا يمكن صرفه لا في دوائر البنك الدولي لدفعه إلى الاستعجال في مساعدة لبنان ماليّاً، ولا في مصرف لبنان وعند حاكمه لدفعه إلى الاستقالة أو العودة إلى دعم المحروقات والموادّ الغذائية. ولا يمكن صرفه بكلّ تأكيد عند رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لا يخرج من السراي إلا في سياق أوامر عليا خارجية وداخلية. ولذلك كان كلّ ما حدث رسالةً إلى سعد الحريري من شركائه ومَن يدّعي خصومته لدفعه إلى التراجع عن قراره بالانكفاء والانسحاب من السياسة ودهاليزها ولو لدورة نيابية، أو لتبديد تشاؤمه، كما نُقِل عن وليد جنبلاط إثر زيارة نجله تيمور لأبو ظبي ولقائه الرئيس سعد الحريري في منتجع السعديات.
إلا أنّ سؤالاً يطرحه كلّ هؤلاء يجب التوقّف عنده: هل قرار الرئيس سعد الحريري نابع من قناعات شخصيّة أم هو استجابة لطلب بلغة النصيحة من جهات لا يقوى الرئيس سعد الحريري على تجاهل نصيحتها؟
الشارع السُنّيّ هو الساحة المرشّحة للتفجير، إن تحت عنوان “الغضب البيروتيّ” من تدهور الأوضاع الاجتماعية، أو تحت ستار هجرة الشباب الطرابلسي إلى “داعش”، إذا تمكّنت بعض الأجهزة من حبك هذه الهجرة وتبريرها. لكن يبدو أنّ في ذلك صعوبة محليّة وخارجية، لذلك تبقى العين على بيروت.