بالتفصيل…ماذا يعني تعميم مصرف لبنان ؟
بالتفصيل…ماذا يعني تعميم مصرف لبنان ؟
في نيسان 2020، أصدر مصرف لبنان تعميمًا قضى بإمكانية سحب الأموال المودعة بالدولار على سعر صرف 3900 ليرة لبنانية. جاء ذلك في ظل تأزم الوضع الاقتصادي وارتفاع سعر صرف الدولار تزامنًا مع امتناع المصارف عن تسديد أموال المودعين بالعملة التي أودعت فيها في حال كانت العملة أجنبية.ومع تقدم الوقت، استمر سعر صرف الدولار بالصعود من دون تعديل هذا التعميمبل تم تمديده آكثر من مرة وآخر هذه التمديدات كانت في أواخر أيلول الماضي، أي الوقت الذي يجب أن تنتهي صلاحية التعميم خلاله. حينذاك مدد مصرف لبنان العمل بالقرار حتى تاريخ كانون الثاني 2022، إلا أن اللبانيين تلقوا بالأمس بيانًا يشير إلى رفع سعر صرف الدولار الأميركي من 3900 ليرة الى 8000 ليرة على أن يحدد سقف السحوبات الشهرية بحد أقصاه 3000 دولار أميركي بعدما كان 5000 دولار أميركي، “بانتظار الخطة الحكومية التي تسمح بتوحيد أسعار الصرف وحماية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والحد من خسائر المودعين”.
لا شك أن التعديل الذي أصدره مصرف لبنان شكل فرحة للمودعين بالدولار
خصوصًا وأنهم أصبحوا قادرين على سحب أموالهم بشكل أكثر من ضعف ما كانوا يسحبونه سابقًا على سعر 3900
بالرغم من أن لا يزال هناك اقتطاع كبير من أموالهم ولكن قليلًا من الكثير أفضل من لا شيء،
وهذا ما أكده مصدر اقتصادي لـ”لبنان 24″،
مشيرًا إلى أن المودعين فرحوا بهذا القرار إذ أصبح بإمكانهم أن يستحصلوا على المزيد من الأموال مع أرجحية أن يصرفوهم إلى الدولار
في ظل خوفهم من المزيد من الارتفاع بسعر الصرف في السوق الموازية،
ولافتًا إلى أن “حاكم مصرف لبنان استبق بخطوته الصرخات المتوقعة للمودعين
للمطالبة بتعديل التعميم السابق خصوصًا وأن الدولار يدور في فلك 25 ألف ليرة للدولار الواحد
وهذا ما يشكل نسبة ضئيلة جدًّا من الأموال التي يحق لهم أن يسحبوها”.
وأشار المصدر من جهة أخرى إلى أن هذا القرار سيؤدي أيضًا إلى المزيد بارتفاع سعر السلع إذ إن التجار يقومون بالتسعير كيفما يشاؤون.
لماذا تم التعديل الآن؟
مصادر اقتصادية أخرى، قالت لـ”لبنان 24″ إن مصرف لبنان لم يعد بإمكانه أن يبقى على التعميم السابق،
معللة ذلك بأن “سعر صرف الدولار أصبح مخيفًا وهو، قبل قرار التعديل، نحو 25000 ليرة للدولار الواحد
مقابل السحب من المصارف على أساس 3900 أي أن كان هناك اقتطاع من أموالهم (haircut) أكثر من 85%”
ولذلك، وفق المصادر فإن مصرف لبنان والمسؤولين اضطروا لرفع هذا السقف لتنفيس الضغط عن المواطنين
وتجنب الانفجار الاجتماعي الكبير”، مشيرة إلى أنه بالاعتماد على رقم الـ8000 انخفض الهيركات وأصبح نحو 70% على أموال المودعين
وأوضحت المصادر أنه في الأساس كان هناك طروحات عديدة لرفع سقف سعر صرف السحوبات بالدولار،
ومؤخرًا كان هناك 3 طروحات للتعديل، أحدها بأن يصبح السحب على أساس 10000 ليرة للدولار
وثانيها أن يكون على أساس 8000 وثالثها أن يكون السحب على سعر 6500 ليرة للدولار”
مشيرةً إلى أن لجنة المال والموازنة كانت متمسكة بأن يصبح سعر الصرف على أساس 10000 كما أن رابطة المودعين
كانت تصر على أن يكون سعر الصرف من المصارف مرتفعًا،
في حين أن المصارف كان بعضها لا مانع لديه أن يكون السحب على أساس 8000 ليرة
وأخرى كانت تفاوض على أن تكون السحوبات على أساس 6500 ليرة”.
لماذا 8000 ليرة؟
وأكدت المصادر أنه “كما هو معلوم فإن المصارف الكبيرة في حال أصرت على عدم رفع سعر صرف السحوبات
فلن يتخذ قرار برفعه إلى سقف لا يناسبها”، مشيرة إلى أنها “مارست ضغوطًا على لجنة المال والموازنة ومصرف لبنان
ولم ترضخ لأن يصبح سقف السحوبات 10000 ليرة للدولار الواحد تحت حجة أن ليس لديها سيولة كافية بالعملة اللبنانية
لتلبية هذا الطلب لأن مصرف لبنان (كما تقول المصارف) يضع سقوفُا على المصارف بالسحوبات بالليرة”.
توازيًا، أشارت المصادر إلى أن “الاعتماد على السحب على أساس سعر صرف 8000 ليرة لبنانية للدولار ليس مسنودًا لأي دراسة أو مخطط علمي،
فهذا الرقمي اعتباطي واختير بتفاوض المصارف مع بعضها ويؤدي إلى مزيد من التضخم”،
لافتة إلى أن المصارف كان بإمكانها أن تخفض سقف السحوبات مع إعطاء المودعين أموالًا بالدولار وبهذه الحال ينخفض التضخم”،
ولكن هل تملك المصارف أموالًا بالدولار؟
هنا أشارت المصادر إلى أنه “لا يمكننا أن نقول أن المصارف لا يمكنها أن تسدد أموالًا بالدولار
ومن جهة أخرى لا يمكننا أن نجزم أنها تستطيع أن تسدد كامل الوادئع ،
وذلك لأنه لحد الآن لم يحصل تحقيق شفاف بحجم الخسائر للمصارف وهناك أرقام متضاربة ولكن هذا حق للمودع في نهاية المطاف”.
هل الدولار إلى مزيد من الارتفاع؟
وتزامنًا مع إعلان مصرف لبنان عن تعديل سعر صرف السحوبات للمودعين بالدولار،
لاحظ المواطنون ارتفاعًا جديدًا في سعر صرف الدولار في السوق الموازية إذ تخطى سقف الـ25000 ليرة للدولار الواحد،
وهنا أشارت المصادر إلى أن “التجار والصرافين يعلمون تمامًا إلى أين يتجه التضخم ويراقبون السوق عن كثب
ويعلمون كيف يتاجرون بالعملة”، لافتةً إلى أنه “مع قرار مصرف لبنان اتجه التجار والصرافون إلى شراء الدولار من السوق
وهو ما سرع في ارتفاعه وذلك تحسبًا لارتفاع قوي بسعر صرف الدولار، كما أن الجميع يتوقع أن يرتفع سعر الصرف أكثر وهذا ما دفع المواطنين إلى شرائه بشكل أكبر”.
وإذ أشارت المصادر إلى أنه لا أحد يمكن أن يحدد رقمًا لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، أكدت أنه:
“في حال لم تستأنف الحكومة جلساتها ومفاوضاتها مع صندوق النقد
بالتأكيد سيصل الدولار إلى مستوى لا أحد يمكنه أن يسيطر عليه”، مع التأكيد أنه :
“حتى لو استأنفت الحكومة اجتماعاتها ومفاوضاتها إلا أن الفرج الكبير يحتاج إلى وقت
ولكن على الأقل نكون قد بدأنا بآلية المعالجة وطريقة التحكم بالأزمة الاقتصادية”.
المصدر : أيسر نور الدين- لبنان 24