اقتصاد

دولار 2022 الرسمي: بين 3 و6 آلاف ليرة

بقلم عماد الشدياق – أساس ميديا

يبدو أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتجه مطلع بعد الأعياد أو ربّما في الأشهر الأولى من السنة الجديدة، إلى رفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 إلى 6000 ليرة.

هذا القرار لا يلبّي مطلب صندوق النقد الدولي توحيد سعر الصرف، لكنّه في نظر سلامة يقرّب الأسعار من بعضها البعض، وربّما يجمعها مستقبلاً، قريباً من “كلمة سواء”

التقديرات الأولية تشير إلى أنّ الرقم الجديد سيكون قرابة 6000 ليرة لبنانية، في حين تذهب تقديرات بعض المراقبين أبعد من ذلك، فتعتبر أنّ الرقم ستحدّده التطورات السياسية المقبلة، وسيكون مربوطاً بشكل وثيق:

– أولاً، بعودة الحكومة إلى الاجتماع.

– ثانياً، بانطلاق المفاوضات رسمياً مع صندوق النقد الدولي.

في هاتين الحالتين سيمسي تحديد الرقم الجديد أمراً سهلاً مهما كان، وبالتالي لا يمنع من أن يكون 6 أو حتى 8 آلاف ليرة، طالما أنّ هذا الرقم هو الرقم الرسمي الأدنى من بين الأرقام الثلاث التي يتبنّاها سلامة، وهو ثلث تسعيرة منصّته: “صيرفة” (الأرقام الثلاث هي: تسعيرة 8 آلاف ليرة للتعميم 601، وتسعيرة 12 ألفاً للتعميم 158، وتسعيرة 22 ألفاً لمنصّة “صيرفة”).

المؤشّرات إلى قرب اتّخاذ قرار كهذا ليست جديدة. فقد سبق أن ظهرت مع نشر نصّ التعميم 161 الذي تحدّث عن إعطاء الموظفين رواتبهم بالدولار بدل الليرة، وعلى سعر صرف منصّة “صيرفة”. وعلى الرغم من أنّ عمره ينتهي بنهاية السنة الحالية مبدئياً، إلاّ أنّه مرشّح للتمديد، لأنّ المجلس المركزي أكسبه صفة “التعميم الأساسي”، وهي صفة تخصّ التعاميم التي تحوز على مفعول طويل، وهي القابلة للتعديلات عبر “التعاميم الوسيطة”، وهذا يعني أنّ التعميم كان “نقطة تحوّل واضحة باتجاه بداية الابتعاد عن سعر الصرف الرسمي، الذي ساد منذ العام 1997، (بحسبما يؤكد خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي).

وقد بدا هذا الواقع جلياً أيضاً، بعد تصريح سلامة لـ”فرانس برس” يوم الثلاثاء الفائت. إذ قال إنّ “سعر 1507 ليرات للدولار المعتمد رسمياً منذ 1997 لم يعد واقعياً”، معتبراً في الوقت نفسه أنّ توحيد سعر الصرف أمرٌ غير ممكن قبل الوصول إلى اتفاق اتفاق مع صندوق النقد الدولي

أوساط مصرف لبنان تكشف لـ”أساس” أنّ “رفع سعر الدولار المصرفي إلى 8 آلاف ليرة بموجب التعميم 601 يؤكد أنّ ثمّة تعديل لسعر الصرف سيبصر النور قريباً”، خصوصاً بعد تقبّل اللبنانيين لمضمون التعميم المذكور وموافقتهم الضمنية على رقم 8 آلاف ليرة للدولار المصرفي الواحد، ما يعني أيضاً أنّ التعميم كان بمثابة جسّ نبض بين الناس.

هذه الأوساط تعتبر أنّ لا قرار واضح حتى اللحظة بما يخصّ تحديد الرقم الرسمي الجديد،

ولو أنّها ميالة لاعتبار رقم مثل 8 آلاف ليرة صعب على الناس تحمّله، خصوصاً في

حال لم يستثنِ قروضَ الدولار لدى المصارف، وبالتحديد القروض السكنية التي

تبلغ قيمتها بحسب أرقام “المركزي” نحو 15 مليار دولار (القروض باللبناني وبالدولار).

وبالتالي فإن رفع السعر الرسمي إلى هذا الحدّ “سيتسبب بأزمة عقارية

مع اعتراض المقترضين وتوقفهم عن الدفع”. وهذا بدوره قد يؤثر على أرقام الخسائر التي

توصّلت إليها الحكومة مع المصارف والمصرف المركزي، لكنّها في المقابل

ترجح أن يكون الرقم الجديد “المبدئي” (مع التشديد على مصطلح مبدئي) نحو 3000 ليرة لبنانية.

وقد يكون هذا الرقم مجرّد انطلاقة في مسير توحيد أسعار الصرف، إذ لا يُستبعد أن

يحصل ذلك على “جرعات”، من خلال رفعه تدريجياً: في المرة الأولى 3 آلاف،

ثم بعد ذلك إلى 6 آلاف وصولاً إلى سقوف أخرى، بحسب المقتضى، قد تقترب من 10 آلاف ليرة أو أكثر.

ولا يُستبعد أن تُستبقى هذه الخطوة، بقرار يسمح بدفع القروض السكنية

وتلك الشخصية المتبقية “دُفعة واحدة”، لفتح المجال أمام من هو قادر على تسديدها، قبل زيادة سعر الصرف.

لكن كيف تُحتسب التسعيرة الرسمية الجديدة؟

إبان الأزمة التي انطلقت شرارتها بعيد 17 تشرين الأول 2019 كان حجم الكتلة النقدية بالليرة،

في السوق، بحسب أرقام مصرف لبنان، 13.5 تريليون ليرة لبنانية،

في مقابل سعر الصرف الرسمي 1507 ليرات للدولار الواحد.

أما اليوم فإنّ الكتلة النقدية، بحسب آخر تقرير أصدره مصرف لبنان في التاسع من الشهر الحالي،

تصل إلى 54 تريليون ليرة، وهذا يعني أنّ الكتلة تضاعفت 4 مرات تماماً.

وعليه فإنّ سعر الصرف البديهي هو 4 أضعاف الرقم الرسمي الحالي (1507) أي 6000 ليرة لبنانية.

المعلومات المستقاة من أوساط مصرف لبنان تكشف أيضاً أنّ “المركزي”

ما عاد قادراً على امتصاص الليرات اللبنانية أكثر مما يفعل حالياً، لأنّ خفض الكتلة النقدية إلى أقلّ من الموجود

في السوق اليوم “سيتسبب بأزمة سيولة حادّة قد تُكبّل الاقتصاد وتشلّه”، ومن هنا على ما يبدو،

جاء ابتكار التعميم 161 الذي قام على فكرة خلق “عرض مصطنع” على الدولار من خلال دفع المستحقات

من ودائع “اللولار” ورواتب الموظفين بالدولار الأميركي بدل الليرة،

من أجل تجنّب زيادة الكتلة النقدية باللبناني قدر المستطاع.

في المحصّلة، يمكن القول إنّنا أمام مفترق جديد مطلع السنة الجديدة،

ربّما لا يلبي تطلعات صندوق النقد كاملة، لكنّه في المقابل سيضع حتماً على كاهل المواطنين المزيد من الأعباء، لأنه سيرفع بشكل مؤكّد،

أسعار نحو 90% من السلع. بدءاً من “حبة العلكة” ووصولاً إلى التلفزيون أو الفرن أو البراد أو السيارة والإنترنت…

طالما أنّ هذه السلع كلّها مستوردة من الخارج، وطالما أنّ الرسموم الجماركية

والضريبة على القيمة المضافة ستُحتسب بموجب الرقم الرسمي الجديد.

هذا كلّه متروك إلى مصير الحكومة وقدرتها على الاجتماع مجدّداً، وإلاّ فإنّ سعر صرف الدولار في “السوق الموازي” لن تلجمه أيّ منصة، ولن ينفعه دفع الودائع والرواتب بالدولار.

وفي حينه ستكون الطامة كبيرة… بل كبيرة جداً.   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com