حقائق من سوق الدولار.. المدعي العام المالي يكشف أمراً بارزاً
منذ أيامٍ عديدة، يبدو شارع المصارف في مدينة صيدا خالياً من الصرّافين غير الشرعيين، إذ اختفوا تماماً بشكلٍ كاملٍ ولم يعد لديهم أي وجودٍ هناك.
الأشخاص هؤلاء كانوا يتوزعون يومياً على جانب الطريق من ساحة النجمة وصولاً إلى البوابة الفوقا في المدينة،
ورصدتهم ذات مرّة عدسة “لبنان24” عندما كانوا ينتظرون “زبوناً” يريدُ بيع ما لديه من دولارات. حتماً، كان هؤلاء يُمارسون أعمال الصيرفة على “عينك يا تاجر” وتحت مرأى القوى الأمنية والدّوريات التي كانت تمرّ يومياً من الشارع
الذي يعجّ بالمارّة. غير أنه خلال الأسبوع الماضي، اختلف المشهدُ تماماً، إذ ألقت القوى الأمنية القبض على عددٍ من الصرافين غير الشرعيين، وقد ضُبطت بحوزتهم مبالغ هائلة من الدولارات والليرة اللبنانية.
لماذا حصلت هذه الخطوة الآن؟
في الواقع، فإنّ خطوة ملاحقة الصرافين غير الشرعيين ليست الأولى من نوعها ف، إلا أنها غابت كثيراً عن المشهد خلال الأشهر الماضية، في وقت تمكن فيه الأشخاص المذكورون من جمع كميات هائلة من الدولارات، مُستخدمين كتلة نقدية كبيرة من الليرة اللبنانية للتحكّم بالسوق.
ما حصل في يمكن أن يتكرّر في أي منطقة لبنانية، إلا أنه كان يجب أن يحصل بكثافة مع بداية أزمة الدولار وظهور صرافين غير شرعيين يتلاعبون بالعملة الوطنية. وفعلياً، فإنّ الحملات الأمنية الميدانية لم تكن على القدر المطلوب
خصوصاً أن الدولار اتخذ مساراً تصاعدياً بسبب المضاربات التي فرضها صرافون غير مرخصين بالدرجة الأولى
يقول المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم لـ”لبنان24″ إنّ “الحملة ضد الصرافين غير الشرعيين مستمرة وهي لم
تتوقف أبداً”، مشيراً إلى أن “هذا الأمر محسوم ومن واجب القضاء المالي التحرّك ضمن اختصاصه لضبط الأوضاع”.
غير أن إبراهيم كشف أنّ “الإشارة القضائية بتوقيف الصرافين المتلاعبين بالسوق، مُعطاة دائماً قائمة، إلا أنّ أمر عدم
القيام بأي خطوات ميدانية سببه لدى القوى الأمنية”، وأضاف: “أنا عاطي الاشارة دائماً وعامل اللازم.. بدك تشوف المعنيين و القوى بالتحرك الأمنية”.
من جهتها، قالت مصادر أمنية لـ”لبنان24″ إنّ “التوقيفات التي حصلت في صيدا جاءت تنفيذاً لإشارة القضاء، وقد استهدفت أشخاصاً معينين كانت لديهم صلة بالتلاعب بالدولار”.
وأوضحت المصادر أنّ “التحرك الأمني على الأرض يحتاج إلى قرار حاسم وفاعل ويطال مختلف الأطراف المنخرطة في
السوق الموازية، لكن بعض الاعتبارات منها سياسية وطائفية أعاقت اتخاذ هذا القرار”
وعلى سبيل المثال، فقد أوقفت دورية من الأمن العام الصرّاف “ع.حجازي” قبل أيام في صيدا وعثر بحوزته على 40
ألف دولار و440 مليون ليرة لبنانية. ووفقاً للمصادر الأمنية، فإنّ “حجازي يتبع لأحد الشخصيات الدينية، وقد تطرق
التحقيق معه إلى الخلفيات التي دفعته لشراء وبيع الدولار”.
إهانات للقوى الأمنية في سوق الصيرفة
ما كشفته المعطيات الأمنية أشارت أيضاً إلى أنّ هناك أشخاصاً استغلوا مقولة “ما في دولة” لفرض أنفسهم في
سوق الصيرفة والانخراط به أو الظهور ضمنه، وباتوا يفرضون أنفسهم كقوى أمرٍ واقع عبر اللجوء إلى السلاح والقوة الجسدية
تقول المصادر الأمنية لـ”لبنان24″ أحد الأشخاص ويدعى “م.قبرصلي” كان يعمل لدى صرّاف كحارسٍ، وقد استغلّ
الظروف للتمادي مع القوى الأمنية وتحديداً المديرية العامّة لأمن الدولة.
تشير المصادر عينها إلى أن “قبرصلي عمد مراراً إلى إهانة عناصر أمنية أثناء قيامهم بدوريات في مدينة صيدا، وقد
بادر إلى استفزاز رئيس الدوريّة، متذرعاً بأنه يعمل لدى صراف وأن السلطة الأمنية باتت ضعيفة”. وبسبب كل ذلك،
جرى توقيف قبرصلي إثر إشكالٍ بينه وبين الدورية، وتمّ تحويله على المحكمة العسكريّة.
إجراءات
حتى الآن، ما زال سوق الدولار يشهدُ المضاربات الكثيفة وذلك رغم اتخاذ مصرف لبنان بعض الإجراءات التي قال إنها
ستساهم في لجم ارتفاع سعر العملة الخضراء. ومع هذا، فإن خبراء في القطاع المالي يؤكدون أن أي إجراءات ورقية
وتعاميم لن تفي بالغرض لوحدها إن لم تكن معها إجراءات أمنية رادعة في السوق، وذلك من خلال توقيف كل
الصرافين غير الشرعيين مهما كانت انتماءاتهم وطوائفهم.
كذلك، يقول مراقبون أن ضبط سعر الصرف يحتاجُ إلى تواجدٍ كثيف للدولة على الأرض مثلما يحصل في أي دولة أخرى
تشهد أزمة مالية عقيمة، في حين أن دور القوى الأمنية يجب أن يكون فاعلاً بشكل أكبر، علماً أن التردد في التحرك
ميدانياً وسط وجود إشارة قضائية لضرب المتلاعبين بسعر الصرف، يفتح الباب أمام الكثير من علامات الاستفهام.
المصدر: لبنان 24