في هذه الحالة المصارف اللبنانية قد تعلن إفلاسها… وتبيع أصولها!
بقلم محمد المدني – Alkalima Online
كثرت في الآونة الأخيرة الدعاوى القضائية المقدمة من قبل المودعين بحق المصارف التي تحتجز أموال اللبنانيين المقيمين والمغتربين، حتى بات بعض الخبراء يطالب بضرورة اللجوء إلى القضاء كحل وحيد لاسترداد الاموال المحتجزة في البنوك منذ أكثر من عامين، لكن هل فعلاً الدعاوى القضائية هي الحل الوحيد أمام المودعين لاسترجاع جنى عمرهم؟
تشير مصادر جمعية المصارف، إلى أن موضوع الدعاوى ضد البنوك، وخاصة ما حكي عن المادة 8 من مسودة قانون الكابيتال كونترول، خلق بلبلة ونوع من عدم اليقين في موضوع أهداف الكابيتال كونترول أولاً، وفي موضوع الدعاوى سواء كانت دعوى محلية أو خارجية ضد مصارف ثانياً، مشيرة إلى أن المادة 8 من قانون الكابيتال كونترول تنص على أن أحكام القانون استثنائية وتطغى على كل نص يتعارض معها وتطبق فوراً بما في ذلك على التحاويل التي لم تنفذ بعد، كما تطبق على الدعاوى والمنازعات في الداخل والخارج التي لم يصدر فيها حكم مبرم وغير قابل لأي طريق من طرق المراجعة وذلك خلال مدة نفاذه.
واوضحت أن هذا الاجراء هدفه معالجة موضوع الودائع بطريقة عادلة، لأنه أولا لا يمكن الإستمرار بطلب التحاويل والدعاوى من جهة وفي الوقت نفسه إقرار قانون الكابيتال كونترول. ثانياً، أي قانون كابيتال كونترول في العالم يتضمن مادة من هذا النوع. لذلك المشكلة أن مشروع الكابيتال كونترول كان يجب أن يطبق منذ بداية الأزمة، أي في أيلول أو تشرين الأول 2019 على أبعد تقدير. ثالثاً، قانون الكابيتال كونترول ليس هدفه تحديد مصير الودائع، لان هذا الأمر يحدده البرنامج الإصلاحي المتكامل الذي تعمل عليه الحكومة بالتعاون مع مصرف لبنان
بالنسبة لموضوع الدعاوى، تذكر المصادر أنه أولاً، لا يوجد قرار نهائي مبرم من المحاكم في لبنان بشأن الدعاوى المحلية، ولا يوجد أحكام نهائية صادرة عن محاكم الدرجة الأولى، والمصارف تحترم المسار القضائي من بدايته حتى نهايته، لكن اليوم لا أحكام نهائية صادرة عن محاكم الدرجة الأولى في لبنان.
– ثانياً، المصارف اللبنانية لا تنكر حق المودع بودائعه بالكامل، على عكس ما يصور في وسائل الاعلام، إذ أن قانون الكابيتال كونترول يجمد الدعاوى لكن لا يمس بحق المودع. بل على العكس هو لصالح المودع لأننا إذا أخذنا بعين الاعتبار موضوع الدعاوى في الخارج، إذا ربحت جهة دعوى وغيرها ربح دعوى أخرى، سيضطر المصرف إلى استخدام السيولة لديه في المصارف المراسلة في الخارج لدفع هذه الودائع، لكن المشكلة أن السيولة قليلة جداً في المصارف المراسلة في الخارج، وإذا جفت هذه السيولة ماذا يبقى للمودعين في المصارف؟.
وأوضحت أنه اذا وصلت إحدى الدعاوى إلى النهاية، وإذا افترضنا أن مصرفاً أجبر كحكم نهائي
على دفع الودائع التي يعترف بها، سيدفعها من السيولة لديه في المصارف المراسلة.
وإذا جفت هذه السيولة، سيدفع الثمن المودع الذي لم يرفع أي دعوى وهو ينتظر حقه.
وتابعت، أيضاً، إذا فرضنا وصل الحكم إلى نهايته لصالح صاحب الدعوى، المصرف
يستطيع إعلان إفلاسه وهكذا يؤدي إلى تصفية المصرف وبيع أصوله ويوزع
ما تبقى على المودعين. هذا خيار قانوني أمام المصرف،
ونحن نعلم أنه منذ بداية الأزمة، الكلام عن إفلاس القطاع المصرفي ليس دقيق لأنه
من السهل على مجلس إدارة أي مصرف إعلان إفلاسه والخروج من السوق وتصفية
موجوداته وتسليم المفتاح وتوزيع ما تبقى من فتات على المودعين، يينما جميع المصارف
باقية وتحاول الإستمرارية ولا تتنكر أبدا لحقوق المودعينن، وهدفها تمكين المودع من معرفة
مصير ودائعه وبأي طريقة سيسترجعها وضمن أي مهلة زمنية.
ولفتت إلى أن المشكلة الأساسية اليوم هي شح السيولة التي بدأت في أواخر 2017 وتطورت في تشرين الأول 2019،
وأدت إلى تراجع حاد في تدفق رؤوس الأموال إلى لبنان ابتداء من أيلول 2019 ثم إلى توقف شبه كامل لتدفق
رؤوس الأموال بعدما قررت الحكومة الرئيس حسان دياب التعثر عن سداد سندات اليورو بوند،
لذلك إن الحل يكمن في إعادة السيولة إلى الإقتصاد اللبناني من خلال استعادة الثقة وإعادة تدفق رؤوس الأموال
إلى لبنان من خلال برنامج إصلاحي حيث يتم التفاوض مع صندوق النقد الدولي ويتم توقيع اتفاق تمويلي إصلاحي،
وتبدأ العملية الإصلاحية مباشرة ويبدأ صندوق النقد تدريجياً بتحرير الإموال المتفق عليها بين الطرفين،
ما يفتح الباب أمام مصادر أخرى للتمويل، لأن توقيع صندوق النقد على اتفاق تمويلي اصلاحي
يعطي مصداقية لهذا البرنامج، ويعطي انضباط لتطبيقه.
واعتبرت المصادر نفسها، إن موضوع الدعاوى غير منصف للمودعين لأن المصارف لا تتنكر لحقهم،
وهي أول جهة تريد أن يتمكن المودع من التصرف بوديعته، وبالتالي لا يمكن استمرار الطلب
للتحاويل إلى الخارج، واستمرار الدعاوى في الوقت ذاته وإقرار قانون الكابيتال كونترول.
كما أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي لا يمكن أن يتم دون تجميد الدعاوى ليحفظ المودع حقه ويسترد وديعته.
وختمت مؤكدة، أن المصارف لا تتنكر
لحق المودع لكامل وديعته، والكلام عن haircuts غير صادر عن البنوك، بل هدف المصرف هو أن يتمكن المودعين من حفظ ودائعهم واستردادها عاجلًا ام اجلاً.