لا يوجد “فراطة”: المصارف تعرقل سحب “دولارات التعميم 161”
أعطى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بموجب التعميم رقم 161 “الحق” للمودعين والموظفين بسحب سقوفهم ورواتبهم الشهرية ب”الدولار”، وفق سعر منصة صيرفة على أنه لم يعالج ثغرات التعميم التي ابتدأت بحرمان المودعين جزءاً من سقف السحب المخصص لهم عن شهر كانون الأول. فالتعميم صدر منتصف الشهر، على أن يسري على ما تبقّى من سقوف السحب، سواء للمصارف أو للمودعين. وبذلك يستفيد أصحاب الرواتب الموَطَّنة.
واستدرك رياض سلامة الخطأ، ومدَّدَ العمل بالتعميم شهراً إضافياً
لكنه لم يعالج الثغرة الأكبر، وهي ذريعة المصارف بعدم توفّر “الفراطة” لتسديد كامل المبلغ المستحق لصاحبه.
فالتعميم ينص على أن تقوم المصارف “بدفع كامل المبالغ، أوراقاً نقدية بالدولار الأميركي”.
وكامل المبالغ تتضمّن كسوراً، كأن يوازي المبلغ المستحق 135 دولاراً مثلاً. ويتذرّع المصرف بأنه لا يملك 35 دولاراً
وأحياناً يذهب أبعد من ذلك، فيُعلِّق عملية الدفع بذريعة عدم امتلاكه 5 دولارات، تاركاً القرار لصاحب المبلغ،
إما بعدم السحب أو بتقاضي 100 دولار نقداً، وتقاضي 30 دولاراً أو 5 دولارات بالليرة.
وتُقفَل القضية في حال ارتضى الزبون ما يعرضه المصرف
وتتحوَّل إشكالاً في حال الإصرار على تقاضي كامل المبلغ بالدولار،استناداً إلى التعميم.
بعض المصارف عمدت إلى ابتكار حلٍّ يقضي بأن يدفع الزبون فارق “الفراطة” بالليرة وفق سعر المنصة
ليصبح المبلغ كاملاً، ويتقاضاه بالدولار. وإذا كان المبلغ المستحق للزبون 50 دولاراً، ويتوفر لدى البنك 20 دولاراً،
يبقى على الزبون تأمين 30 دولاراً بالليرة، يعطيها للبنك، فيحصل على 50 دولاراً.
لكن المسألة ليست بهذه البساطة، فالـ30 دولاراً بسعر المنصة هي نحو 700 ألف ليرة حالياً، وترتفع مع ارتفاع سعر المنصة.
وهذا المبلغ يوازي نحو نصف راتب الموظف، ولا قدرة له على تأمينه. ويرتفع المبلغ مع ارتفاع الكسور.
ومع ذلك، يبقى هذا الحل، اجتهاداً خاصاً لبعض مدراء الفروع، أو قراراً جزئياً لإدارات بعض المصارف، وليس إجراءً متّبعاً لدى الجميع.
الإجراء المعتمد لدى بعض المصارف ليس حلاً مستداماً ولا يمنع الإشكالات. ففرع بنك الموارد في مدينة صور،
ضاقت به السبل ولم يستطع تأمين 17 دولاراً لأحد الزبائن،
وأصرّ مديره على عدم تأمينها وعدم قبول عرض الزبون بتأمين فارق المبلغ المطلوب بالليرة، ليقع الإشكال.
المصارف خلقت هذه المعضلة علماً أن “تأمين الدولار من مسؤوليتها وليس مسؤولية الزبون،
ولذلك عليها هي تأمين أوراق نقدية من فئات صغيرة ودفع المبلغ المطلوب كاملاً، لأنه من حق الزبون.
وتعميم مصرف لبنان واضح حيال تأمين المصرف كامل المبلغ”، وفق ما تقوله مصادر مصرفية لـ”المدن”.
ومسؤولية مصرف لبنان في هذه الحالة
هي في عدم ضغطه على المصارف لتتحمّل المسؤولية وليس الزبون.
فالمركزي هو سلطة الوصاية على القطاع المصرفي. أما سكوت المركزي فلا يمكن أن يُفهَم إلا تواطؤاً مع المصارف
“للسماح لها بتوفير أكبر قدر من الدولارات”، تضاف إلى ما ستختزنه، من خلال عدم وضوح حجم سقوف سحوباتها من مصرف لبنان،
والتي قد تفوق حجم السيولة المسحوبة بالدولار للزبائن. وبالتالي يكون مصرف لبنان قد أمّن دولارات للمصارف على مدى شهرين.
والمصارف برأي المصادر “تحتاج إلى الإشكالات لتكون ذريعة لعرقلة عمليات السحب، فتوفِّر بذلك الدولارات”.
المصدر: المدن – خضر حسان