اقتصاد

أنطوان صحناوي: “فاعل خير” من جيوب المودعين ومنتج أفلام… بوليسية!

“درج”:  رامي الأمين – صحافي لبناني

تظهر بوضوح خطورة صحناوي على الصعيد الأمني، وارتكابات مرافقيه الإجرامية، واستخدامه السلطة والمال لإسكات من يستطيع اسكاته في القضاء والإعلام والسياسة، واللجوء إلى البلطجة والسلاح لإسكات من يعجز عن اسكاتهم.

يعرّف أنطوان صحناوي عن نفسه على موقع “ويكيبيديا” بأنه “مصرفي ومنتج أفلام وفاعل خير”. وقد خصصت الصفحة زاوية تحت عنوان “التبرعات والدعم المالي” للإسهاب في الحديث عن الجهات التي يدعمها صحناوي بالمال، وينتهي الفصل الخاص بالتبرعات والدعم المالي، بالإشارة إلى أن صحناوي يرعى منظمات ناشطة في مجال حقوق الحيوان. هكذا يشمل خير صحناوي البشر والحيوانات على السواء. ولأن “ويكيبيديا” قابل للتدخل لإضافة معلومات، قام أحدهم بإضافة جملة، تبدو اعتراضية وخجولة، على المقالة الخاصة بصحناوي، مفادها أنه “تعرّض لانتقادات عدة في لبنان”، وأنه متهم بـ”استغلال المال لكسب النفوذ”، ويمثل “الطبقة الرأسمالية المتحكمة بالبلاد”، إضافة إلى اتهامات بتدخله في قضية القبض على قريبه (ابن عمه) خليل صحناوي بتهمة قرصنة مواقع رسمية وأمنية، والضغط لإخلاء سبيله بطريقة مثيرة للشكوك.

حفظ “ويكيبيديا” عن صحناوي شيئاً وغابت عنه أشياء. فقد غاب عن الموقع الشهير دور صحناوي، من خلال مصرف “سوسيتيه جنرال” في مصادرة أموال المودعين والاستفادة من الهندسات المالية التي أدت إلى زيادة ثروات أصحاب المصارف وأوصلت البلاد إلى أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، دفعت بمعظم اللبنانيين إلى حافة الانهيار وهبطت بهم إلى ما دون خط الفقر. والأنكى أن أصحاب المصارف، وبينهم صحناوي، لم يرفضوا تحميلهم المسؤولية والمشاركة في تكبّد الخسائر وحسب، بل عمدوا إلى المكابرة ومحاولة كتم الأصوات التي تعلو مطالبة بأموال اللبنانيين المسروقة. 

حدث هذا الأمر راهناً مع رودي حنا، حين كان “يرش” عبارات على حائط مصرف sgbl، تندد بسياسة المصارف وتطالب بإعادة أموال المودعين. حينها، “حضر جيب فيه أشخاص عرفوا عن أنفسهم أنهم من أمن الدولة وقالوا إن علي التوقف عن التعرض للمصرف وإلا سيعتقلونني”، يقول رودي، ثم حضرت سيارتان فيهما حوالى عشرة أشخاص واعتدوا عليه بالضرب وقالوا له إن مصرف sgbl خط أحمر وممنوع المساس به. كانوا أشبه بميليشيات تابعة للمصرف. عادة يكون أمام المصارف رجال أمن ببدلات رسمية. لكن هؤلاء بلطجيون مدنيون. لا يستطيع رودي أن يؤكد او ينفي لـ”درج” علاقة من ضربوه بأنطوان صحناوي. لكنهم كانوا واضحين بتهديدهم: ممنوع المسّ بالمصرف. ومع أنطوان صحناوي لا شيء مستبعد.

سيرة الرجل حافلة بـ”البلطجة” وبدعاوى قضائية مثيرة للجدل، انتهت كلها إلى

طرح أسئلة كثيرة حول استقلالية القضاء ومدى خضوعه لنفوذ أصحاب السلطة والمال.

اقترنت باسم انطوان صحناوي جريمتان شهيرتان، الأولى ارتكبها مسلحون مرافقون له في

ملهى “الميزون بلانش” الليلي، والثانية قيام مرافق لصحناوي يدعى طارق يتيم بارتكاب

جريمة قتل بحق جورج الريف. وفي تفاصيل حادثة “الميزون بلانش”، التي ضجت

بها وسائل الاعلام في شباط/ فبراير 2010، فإن صحناوي تبين وجود مازن الزين،

وهو شخص تربطه به خلافات قديمة، داخل الملهى. فطلب إلى صاحب “الميزون بلانش” طرده،

ولما لم يرضخ الأخير لطلبه، توغّل مسلحون من مرافقي صحناوي داخل الملهى وبدأوا بإطلاق

النار خصوصاً باتجاه الزين، الذي أصيب بثلاث طلقات نارية، نقل على إثرها إلى المستشفى

في حال حرجة. صحناوي غادر لبنان بعد الحادثة مباشرة، وصدرت في حقه مذكرة بحث وتحر،

ولم يخضع للاستجواب الا بعد سقوط مذكرة البحث والتحري، أي بعد 43 يوماً. وأفضت

تدخلات نافذين على تماس مع صحناوي، إلى منع المحاكمة عن الرجل الذي يمتلك السلطة والمال والسلاح والرجال.

تلحظ مطالعة قانونية للمحامي نزار صاغية والباحث فادي ابراهيم نشرتها “المفكرة القانونية”،

أن تلكّؤ القضاء عن ملاحقة المجرمين والخضوع لضغوط من صحناوي لتغيير مسار العدالة،

أديا إلى استسهال مرافقي صحناوي ارتكاب جرائم أخرى، بعدما أفلتوا من العقاب في قضية

“ميزون بلانش”. وقد أعطت المطالعة، التي وصفت جريمة “الميزون بلانش” بأنها “

درس في فنون إفلات أصحاب النفوذ من العقاب”، ثلاثة أمثلة بالغة الدلالة،

عن مآلات تخلية سبيل المجرمين عبر تدخلات سياسية في حالة أنطون صحناوي

وما نتج عنها من جرائم مروّعة: ” المثل الأوّل، أنّ عيد نمّور وإميل سمعان

(وهما المرافقان اللذان لم يتمّ توجيه أيّ اتّهام إليهما في قضية “ميزون بلانش”

رغم توافر الأدلة وقد ذكرتهما محكمة الجنايات في ختام حكمها) قد عادا بعد سنتين

ليرتكبا جريمة قتل إيلي نعمان في أيار/ مايو 2012 في مكان عام في وضح النهار”.

أما المثل الثاني، فيتمثل في أن “طارق يتيم أحد المرافقين الذي

تمّ إخلاء سبيله بعد تسعة أشهر من ارتكاب جريمة ميزون بلانش رغم أنه كان

بين المرافقين الذين أطلقوا النار، عاد ليرتكب في أيار 2012 جريمة بالغة البشاعة،

تمثلت في قطع أذن أستاذ الرياضة في مدرسة زهرة الإحسان قبل أن يخلى سبيله

هنا أيضاً بعد نحو شهرين”. والمثل الثالث الذي تذكره “المفكرة القانونية”، “أنّ يتيم نفسه (والذي استفاد

من إخلاءيْ سبيل في جريمتين بالغتيْ الخطورة هما ميزون بلانش وزهرة الإحسان)

عاد ليرتكب في تموز/ يوليو 2015 جريمة قتل جورج الريف في مكان عام أمام عشرات

المواطنين وفي وضح النهار ومن دون أيّ مبرّر”. ومع هذه الأمثلة الثلاثة، تظهر بوضوح

خطورة صحناوي، على الصعيد الأمني، وارتكابات مرافقيه الإجرامية، واستخدامه السلطة

والمال لإسكات من يستطيع اسكاته في القضاء والإعلام والسياسة، واللجوء إلى البلطجة والسلاح لإسكات من يعجز عن اسكاتهم

ولا توفر بلطجة صحناوي القضاء نفسه. فهو، إذا ما وجد من يتجرّأ على ملاحقته في القضاء،

كما حدث مع القاضية غادة عون التي أصدرت مذكرة بحث وتحر بحق صحناوي على خلفية

شحن دولارات إلى خارج لبنان، فإنه لا يتوانى عن رفض المثول أمام القضاء، وتسخير علاقاته

السياسية والإعلامية لشنّ حملة ضد القاضية وتسويق أنها ستعزل من منصبها، وبالفعل

قام غسان عويدات مستنداً إلى سلطته الهرمية كنائب عام تمييزي، بتجريد عون من صلاحياتها في التحقيق في الجرائم المالية وجرائم الفساد. 

خلال إطلاق موقع ICIBEYROUTH الفرنكوفوني، قال رئيس مجلس إدارة الموقع مارك صيقلي إن الهدف من وراء المشروع

“هو نقول شو منعتبر انو واضح وصريح ومنيح لكل الشعب اللبناني، وليبقوا اللبنانيين بلبنان،

الشباب والختيارية وكلهم، ويرجعوا، ونرجع نعمّر لبنان مع بعضنا”. أما مدير التحرير ميشال

توما فقال إن الموقع يحمل رسالة أمل إلى الشباب اللبناني بأن “لبنان ما انتهى”، وان الموقع

يقاوم من يحاولون تغيير وجه لبنان. ما علاقة انطوان صحناوي بكل هذا وبـ”هنا بيروت”؟  

هو يقف وراء تمويل هذا الموقع الجديد، الذي يحمل هذه الشعارات التي لا تتوافق

نهائياً مع نهجه وسلوكه، ويدفع رواتب الصحافيين فيه من أموال المودعين المحجوزة

في مصرفه. وهذا جزء من “فعل الخير” الذي يمارسه صحناوي كهواية، إضافة إلى البلطجة وإنتاج الأفلام… البوليسية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com