اخبار محلية

سر فضيحة الشهادات…

بقلم ميشال نصر – lebanon debate

حسب المقولة اللبنانية الشهيرة المنسوبة للرئيس الراحل كميل شمعون، “إذا أردت أن تعرف ماذا في بيروت عليك أن تعرف ماذا في بغداد”، للدلالة على واقع العلاقة والرابط بين البلدين، إلى حدّ أن بداية نهاية نظام الرئيس صدام حسين، تزامنت مع نهاية حليفه رئيس الحكومة الإنتقالي في لبنان ميشال عون، وسقوط المناطق الحرة، تلاها اعتقال الدكتور سمير جعجع ، ليدخل بذلك لبنان كلّه في دائرة سيطرة حزب البعث بجناحه السوري.

سيطرةٌ استمرت إلى عام 2005 التي سبقها في 2003 خروج صدام حسين بالكامل من الصورة، لتبدأ رحلةٌ شاقة من العلاقات المتذبذبة بين البلدين مليئة بالمطبّات و”النطرة ورا الكوع”، من أزمة أموال وحسابات النظام العراقي السابق التي ” تبيّضت وتبخّرت” في لبنان، وصولاً إلى طريقة تعامل الجمهور العراقي غير الرياضية مع المنتخب اللبناني لكرة السلة على ملاعب بغداد، وما بينهما من مساعدة المازوت مع بداية الأزمة في 2019 و التي تبيّن أنها غير صالحة للإستعمال، مروراً بصفقة الفيول وما رافقها من امتعاض وحديث عن سمسرات وعمولات، ليس آخرها ضرب سمعة القطاع اللبناني التعليمي عبر إثارة ما بات يعرف بأزمة ” الشهادات الجامعية”، والتي بالمناسبة انطلقت شرارتها من الإعلام، قبل أن تعود و”تنطفي الخبرية” كلّها بعد “هرج ومرج” أخد “الطالح بدرب الصالح” ، بسبب حسابات سياسية تبدأ في بلاد ما النهرين وتنتهي في بلاد الأرز.

وفي تفاصيل القصة التي شغلت الكثيرين، وتحولت إلى مادة إعلامية دسمة”، خصوصاً، عقب الأزمة اللبنانية – الخليجية، فإن “أصل العلة” فايروس كورونا وما رافقه من إجراءات إستثنائية أبرزها التعليم عن بعد، الذي شكّل مع طول فترة الإنقطاع عن الحضور الإلزامي، “ثغرة قانونية” سمحت لبعض المتربّصين والنافذين، من الدخول عبرها لتحقيق أرباح علمية عبر “غنم شهادات جامعية بسلام” لاستخدامها لتعزيز مواقعهم الوظيفية سواء في القضاء أو الإدارة أو البرلمان في العراق، إستناداً إلى قانونٍ أثار حفيظة الجهات العراقية حينها، إلاّ إنه طُبّق في النهاية، عبر مافيا “طويلة عريضة” سياسية حزبية ممانعة ومقاومة.

الأنكى أن داء مذهبة” المؤسسات الجامعية المستهدفة” استُعمل من قبل الطرف العراقي، للتخفيف من تأثير النقمة في بغداد، بناءً “لتوصية لبنانية”، خصوصاً أن من طالتهم الفضيحة ينتمون إلى محورٍ معين، فجرى إضافة اسم إحدى الجامعات المحسوبة، بحسب التقسيم المناطقي والطائفي، على الدروز، لخلط الحابل بالنابل، وتمييع البعد السياسي للملف، الذي يبدأ بالجامعتين الأساسيتين المعنيتين ولا ينتهي بطبيعة المستفيدين والجهات الحزبية التي ينتمون اليها والتي قامت بتمويل عملية دفع الأقساط والرسوم. وحده غلاء الأقساط، لعب لصالح الجامعات المسيحية “فزمطت بريشها”.

القضية بحدّ ذاتها، كان يمكن أن تمرّ بشكل عادي لولا الأبعاد السياسية، التي باتت واضحة اليوم، والتي أخذتها عشية الإنتخابات النيابة العراقية وما أفرزته من انقسامٍ حاد، حيث كان لأحد المتهمين بشراء شهادة كلمة أساسية في عملية الفصل بنتائجها، وفقاً للمصادر العراقية، وكذلك بالنسبة لعددٍ من النواب الذين فازوا في الإنتخابات ومسؤولين في السلطة القضائية بينهم رئيس المحكمة العليا الذي حصل على إحدى تلك الشهادات وهو في وظيفته دون أن يغادر العراق.

اللافت وسط كل هذا المشهد، الحماسة الرسمية اللبنانية المفقودة، إذ تتقاطع المعطيات المتوفّرة حتى الساعة، على أن أي تحرّك جدي للوزارة المعنية لم يحصل على صعيد التحقيق، إذ لم يتمّ الإستماع

إلى أحد ولا تمّ الإدعاء، بل اقتصر الأمر على تواصل بين الجهتين اللبنانية والعراقية المعنيتين،

إنتهى وبطلبٍ لبناني إلى منع تسجيل الطلاب العراقيين في ثلاث جامعات هي:

جامعة الجنان (سنّية)، الجامعة الإسلامية (شيعية تابعة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى)

والجامعة الحديثة للإدارة والعلوم(درزية)، مع فارق استيعاب كل منها لعدد الطلاب ودرجة الشهادة

، حيث أن الجامعة الأخيرة لا تشتمل درجة الدكتوراه، وهو أمرٌ مثيرٌ للإهتمام ويطرح أسئلةً إضافية

حول أسباب إضافتها إلى اللائحة. فلصالح من، أراد المعني تضييع الشنكاش؟

اذن هي السياسة اللبنانية المعهودة بزواريبها الضيّقة، التي امتهن أطرافها ضرب كلّ المقومات

التي قامت الدولة على أسسها فتميّزت في تلك المنطقة وعن محيطها، وها هي اليوم توجّه

ضربةً قد تكون قاتلة لقطاع التعليم العالي، والذي “كفّت ووفّت” الظروف الإقتصادية والمعيشية بالإجهاز عليه،

بالتكافل والتضامن مع كورونا وتعليمها عن البعد، المكمّل عالباقي… إذا بقي مخبّر….

ما يحصل إذن زوبعة في فنجان، وفقاً لمصدر مواكب للملف بتفاصيله، لأنه إذا أردنا “تقريش” البيان العراقي،

لاكتشفنا أن لا تزوير ولا شراء للشهادات و”لا من يحزنون” أقلّه حتى الساعة، بل اعتراض على محظورات شرّعتها ضرورات كورونا،

وكلام غير منطقي عن عدد الطلاب العراقيين في الجامعات الثلاث الذي يتخطى نصف عددهم الإجمالي،

أي حوالي13 ألف طالباً، فيما الـ 13 الباقين موزعين على باقي الجامعات اللبنانية، ولمزيد من التدقيق

تُبيّن أرقام وزارة التربية اللبنانية، أن عدد الطلاب في جامعتي الجنان والإسلامية هو12500،

فيما حصّة ال “بي. يو. ام.سي”؟ أقل من 500 طالب.

فاين تكمن القطبة المخفية؟ ولصالح من التعمية على الحقائق؟ ومن المستفيد من تلك الحملة؟

والى متى السكوت الرسمي في أمرٍ يتعلق بالأمن القومي اللبناني وسمعة قطاع التعليم العالي،

دون حسم الملف؟ فالمعطيات التي اطّلع عليها “ليبانون ديبايت”، تبيّن وجود ظلم كبير

لحق بإحدى الجامعات الثلاث، باعتراف المعنيين، ما قد يؤثّر على وضعها، خصوصاً أنها حازت

على أكثر من جائزة، دولية وأوروبية، وضعتها في تصنيفٍ متقدم على صعيد جامعات العالم.

فهل بات انخفاض القسط سبباً لضرب مؤسسة معينة؟

مصادر متابعة للملف، جزمت بأن قرارات لبنانية وعراقية ستصدر قريباً، تعيد الأمور إلى نصابها،

ملمّحة إلى أن جزءاً من الحلّ يبقى سياسياً، يعمل المعنيون على ترتيبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com