“الحاكِم” في قفص الاتهام المُحّكم بـ”80 مستنداً و6000 صفحة”
المصدر: احوال ميديا
فيما كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء يحلق إلى معدلات قياسية، وتستعر الخلافات السياسية في ظل تردد رئيس الجمهورية بالدعوة الى الحوار الوطني بسبب تضارب مواقف الكتل النيابية حياله، برزت تطورات جديدة على صعيد ملف مقاضاة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وسجل خطوة نوعية، تمثلت بإصدار المدّعية العامّة الاستئنافّية في جبل لبنان القاضية غادة عون، مذكرة منع سفر، بحراً و براً وجواً، بحق سلامة، بناءً للشكوى المقدمة من الدائرة القانونية لمجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام”، ما يضع سلامة في قفص الاتهام المُحكم.
وتأتي هذه الخطوة بعدما كثُر الحديث عن مصير سلامة في الآونة الأخيرة والانقسام السياسي حول اقالته في مجلس الوزراء، في ضوء التجاذب والمماطلة اللذين يشهدهما ملف التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وبالتوازي مع انهيارات مالية واقتصادية متلاحقة، واقتراب مصارف عدة من شفير الافلاس، وغضب يسود أوساط المودعين جراء الخسائر التي يتكبدونها بسبب التعاميم التي يصدرها مصرف لبنان، والتي تهدف الى سد الفجوة المالية المُقدّرة بعشرات مليارات الدولارات، قبيل انطلاق عملية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وسائر المؤسسات الأخرى.
فما هي حقيقة المعلومات في هذه القضية؟ وهل ستنفذ مذكرة منع السفر؟ وعلى ماذا استندت؟ وهل سيصل التحقيق الى خواتيمه ويجري توقيف سلامة ومقاضاته؟ أم أن القضاء سيقف كما جرت العادة عند حدود السياسة؟
مصدر مطلع على الملف كشف لـ”أحوال” أن المعلومات التي قدمتها مجموعة الشعب يريد إصلاح النظام الى النيابة العامة “معزّزة بوثائق ومستندات، منها مستقاة من احدى الدول الأوروبية ومصارف كبرى تم التعاون معها خلال الفترة الماضية، كُلّها تؤكد جرائم واضحة ارتكبها سلامة منصوص عليها في قانون العقوبات، كالإثراء غير المشروع، وتحويل الاموال الى الخارج بطرق غير شرعية ومشروعة. وقد تسلمت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان هذه المستندات أمس وقررت فتح تحقيقاً فورياً وارتأت بعد اطلاعها على المستندات اصدار مذكرة منع سفر كون المعلومات خطيرة جداً ولا لُبس فيها”.
وتوقع المصدر أن تعين القاضية عون جلسة لاستجواب الحاكم سلامة حول هذه الملفات خلال الأسبوع المقبل. ويشدد المصدر على أن “ما تسلمته عون خطير جداً، وسيقلب الموازين ويحسم مسار القضية”، كاشفاً أيضاً أن “عون تسلمت 80 مستنداً يضمّ 6 آلاف صفحة لا يمكن انكارها، وتتركز الجرائم على التلاعب بأرقام الموازنات،
وتضليل الحكومات، ومخالفة قرارات المجلس المركزي ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان،
وتغيير ارقام الخسائر المالية، واحتياطات مصرف لبنان، والهندسات المالية مع المصارف”.
أما القضية المحورية التي تشكل “أم” الفضائح، كما يكشف المصدر، فتتمثل بقيام مصرف لبنان
مطلع العام 2020 بمنح عدد من المصارف مبلغ 6 مليارات دولار “فريش” على شكل قروض،
وقد أعادت هذه المصارف تسديدها على سعر 1500 ليرة لبنانية للدولار، أو بما يسمّى لولار،
أي دولار رقمي”. ولفت المصدر عينه إلى أن القاضية عون عقدت أمس جلسةً مع مدير الشّؤون القانونيّة
في مصرف لبنان بيار كنعان، بحضور عدد من المحاميَين، كما استجوبت مسؤولين كبار في مصرف لبنان وبعض المصارف”.
وأكد المصدر أن النيابة العامة عممت على الاجهزة الامنية المذكرة، لا سيما الامن العام الذي تبلغ بها وسيعمل على تنفيذها،
وبالتالي بات سلامة ممنوعاً من السفر حتى اجراء التحقيقات معه واثبات براءته.
وكشفت المصدر عن دعاوى سابقة تقدم بها محامون، أمام القاضي المنفرد الجزائي في بيروت الرئيسة لارا عبد الصمد،
ودعاوى أخرى على سلامة، أفضت الى الاستحصال على قرار بالحجز على أملاكه ومنع التصرف بها من دائرة تنفيذ
بيروت ومن 13 مصرفاً في البقاع.
لكن أوساط سياسية تربط ما بين قرار القاضية عون وتحريك الدعوى، وبين توجه رئاسي
للضغط على سلامة، الذي يتهمه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل باستخدام “سلاح الدولار”
للضغط على العهد وتضييق الخناق عليه بالتعاون مع خصوم العهد لأهداف سياسية، لافتة الى “طبقة
سياسية مؤلفة من خصوم العهد السياسيين يؤمنون الغطاء السياسي لسلامة، اضافة الى طبقة مالية
تتضمن مصارف كبرى وشركات ورجال أعمال، اضافة الى الغطاء الخارجي المتمثّل بالولايات
المتحدة الأميركية ودول الخليج، كون سلامة ينفذ كافة السياسات الخارجية في لبنان”.
وكشفت الأوساط أن سلامة رفض مرات عدة طلب مسؤولين رفيعي المستوى في الدولة
كرئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة السابق حسان دياب تقديم أرقام دقيقة
وحقيقية عن الاحتياط في المصرف المركزي، لكن مصادر رسمية تشير لـ”موقعنا” أن
سلامة أكد بأنه يملك 21 مليار دولار عشية تسلم الحكومة السابقة بداية العام 2020
وثم رفض بعدها تقديم رقم جديد في السنوات التي تلتها.
وتختم الأوساط بالقول “ليس من السهل ادانة سلامة ومحاكمته واقالته من منصبه”.
وتخوّفت أن يتسبّب فشل هذه المواجهة بارتفاع إضافي في سعر صرف الدولار أكثر بعد هذه الخضة القضائية – المالية.