أمر خطير قد يحصل… هل تقاطع الطائفة السنية الانتخابات النيابية؟
بقلم محمد المدني – Alkalima Online
منذ إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري تعليق نشاطه السياسي، تشهد الساحة اللبنانية توجهًا لدى بعض الشخصيات السنية لمقاطعة الانتخابات النيابية المزمع اجراؤها في 15 أيار، لذلك لا بد من مناقشة هذا الطرح، لأنه في حال حصلت مقاطعة سنية شاملة للانتخابات وانضم إليها بعض الدروز والمسيحيين قد تؤجل الانتخابات النيابية ونصبح امام واقع التمديد للمجلس الحالي.
إن فكرة مقاطعة الطائفة السنية للانتخابات يحتمل عدة تحليلات ووجهات نظر، فهناك وجهة نظر ريديكالية تقول بأن مع هذه الحالة التي يمثلها حزب الله وامساكه بالسلاح وهيمنته على الدولة والقرار السيادي، تصبح الانتخابات غير ضرورية وغير قادرة على احداث تغيير، أولاً لأنه في حال ربح الفريق المعارض لحزب الله أو خسر فالأمر سيان، لانه بالخسارة يخسر وقد يكون هذا الأمر مرجحاً، واذا ربح يخسر لانه غير قادر على فرض ارادة الاكثرية على الاقلية كما حصل بعد انتخابات 2005 و 2009، وهنا تكمن المشكلة الأساس.
هناك فريق آخر يقول أن صناديق الاقتراع والمواعيد الدستورية يجب أن تُحترم مهما كانت الظروف والاعتبارات، خصوصاً أن هذه المرة هناك رياح تغيير تهب على صناديق الاقتراع ويمكن أن تنشأ عنها نتائج لا يتوقعها كثيرون، ليس بالضرورة بسبب حزب الله، إنما أيضًا بسبب الازمات المالية والاقتصادية والمعيشية التي تخيم على البلاد والعباد، لذلك معظم القيادات السنية الوازنة تؤكد على ضرورة المشاركة بالانتخابات مهما كانت الظروف، لأن تجربة عام 1992 مع المسيحيين كانت كارثية وأدت إلى تهميشهم على مدار 15 عاماً، واستمرت الأمور على حالها حتى تم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانقلاب موازين القوى في البلاد.
لا يمكن التغاضي عن أهمية مشاركة الطائفة السنية في الانتخابات النيابية لانه اختبار لقدرة السنّة على فرز قيادة جديدة على مستوى لبنان ككل أو قيادات وازنة على مستوى مناطق ومدن محددة خصوصًا في العاصمة بيروت، لكن في السنوات الأربعة المقبلة من المستبعد أن تفرز هذه الانتخابات قيادة سنية جديدة توحد البلد، ويكون لها حضوراً بارزًا في كل المناطق اللبنانية كما كان الحال مع تيار المستقبل، لان هذه الشخصية أو الحالة الجديدة تحتاج إلى عوامل كثيرة لتفرض نفسها على الساحة السياسية، منها قبول الناس والمصداقية في مخاطبة الشارع السني بشكلٍ كبير، بالاضافة إلى تكوين ونسج علاقات عربية ودولية، وأن يكون لديها مصداقية لدى هذه المراجع العربية والدولية.
لغاية الآن هذه الشخصية أو الحالة غير موجودة، لكن بالتأكيد هذا ليس
سببًا حقيقيًا للسنّة كي يقاطعوا الانتخابات بل هذا أمر خطير يجب تجنبه،
لانهم في هذه الحال يعطون دوراً لغيرهم ليقرر عنهم
مصيرهم في المرحلة المقبلة، رغم انهم اذا شاركوا لن يكونوا القوة التي
تفرض رأيها في أي تعديلات أو تطورات سياسية مقبلة، لكن الانكفاء حتمًا سيؤدي إلى
مزيد من التضعضع في وضع الطائفة الداخلي.
أبرز ما على القيادات السنية التي تنوي خوض الانتخابات النيابية القيام به،
هو ضرورة اختيار المرشحين الذين يتميزون بالكفاءة والاخلاص والقيادة، كما ينبغي المشاركة بقوة بالانتخابات
وعدم تكرار اخطاء الآخرين عام 1992، وذلك كي لا تتسبب الطائفة بشطب
نفسها من المعادلة السياسية بانسحاب قياداتها من الترشيح أو عبر اعتماد
مبدأ المقاطعة، بل يجب المشاركة في الانتخابات بقوة وزخم ترشيحاً وانتخاباً
لتحافظ الطائفة على موقعها الوطني ووزنها في المعادلات الدولية والاقليمية والمحلية.