اقتصاد

بالأرقام…. تعرفة مواقف السيارات: مدخل إضافي لنهب الأموال…

“كتب خضر حسان في “المدن”:

فَرَضَ الاستقرار “الوهمي” للاقتصاد والليرة عدم الالتفات إلى بعض الأسعار والتعرفات، خصوصاً الخدماتية، ومنها تعرفة مواقف السيارات في بيروت. وعزَّزَ ذلك عدم وجود تسعيرة محدّدة يمكن مراقبتها كأسعار السلع في السوبرماركت. لكن انهيار القدرة الشرائية للرواتب والأجور جَعَلَ تعرفة المواقف ثقلاً إضافياً غير مرحّب به. وفي محاولة لضبط تفلّت الأسعار، أصدرَ محافظ بيروت القاضي مروان عبود، قراراً حدّد بوجبه التعرفة وفقاً لساعات ركن السيارات.

تداخل المسؤوليات
مواقف السيارات واحدة من القطاعات التي تتداخل فيها مسؤوليات جهات رسمية ووزارات عدّة. فلمحافظ بيروت سلطة على تحديد التعرفة في المواقف المكشوفة، ولوزارات الداخلية والاقتصاد والسياحة سلطة على ضبط الالتزام بالتعرفة وتنظيم ركن السيارات والتأكّد من وجود موقف مخصص للمطاعم والمراكز السياحية. بالإضافة إلى منع التعدي على الأملاك العامة، ومنها جوانب الطرقات، التي تُستَعمَل مِن قِبَل الكثير من المؤسسات، حيث سيارات الزبائن وتقاضي تعرفة الموقف لقاء خدمة تُنَفَّذ على الملك العام.
الوزارات لم يَعنِها الدور الذي تلعبه مواقف السيارات في زيادة المصاريف اليومية على المواطنين، فتدخَّلَ محافظ بيروت في محاولة لضبط الوضع. فأصدر يوم الجمعة 4 شباط،

قراراً يحدد التعرفة القصوى لمواقف السيارات

في المواقف المكشوفة “بما فيه خدمة استلام وتسليم السيارة Valet على مدخل الموقف، والضريبة على القيمة المضافة”.
ينقسم جدول تحديد الأسعار إلى فترتين، الأولى من السادسة

صباحاً حتى الثامنة مساءً، والثانية من بعد الثامنة مساءً حتى السادسة من صباح اليوم التالي.
في القسم الأول، يدفع صاحب السيارة 5 آلاف ليرة كتعرفة لمدة

الركن من صفر إلى ساعة. ومن ساعة إلى 3 ساعات، يدفع 6 آلاف ليرة.

ومن 3 إلى 5 ساعات، تصبح التعرفة 8 آلاف ليرة. وحتى ثماني ساعات

، تصبح التعرفة 10 آلاف ليرة. أما ركن السيارة حتّى 11 ساعة، فعلى

صاحب السيارة دفع 12 ألف ليرة. ومع زيادة المدّة حتى 14 ساعة، تصبح التعرفة 14 ألف ليرة.
في الفترة الثانية، من صفر إلى ساعتين، تحدد التعرفة بـ6 آلاف ليرة،

وتزيد 2000 ليرة لكل ساعة إضافية. أما الاشتراك

الشهري للفترتين النهارية والمسائية، فهو 225 ألف ليرة. وخلال الفترتين،

فإن كل كسر يزيد عن 10 دقائق، يستوجب الدفع وفقاً للمدة والتعرفة التي تليها.
ومع إصدار الجدول، يصبح على وزارة الاقتصاد مسؤولية التأكد

من التزام أصحاب المواقف. فيما دور وزارة السياحة لا يجب أن

يتوقّف لناحية التأكد من وجود مواقف للمطاعم والمؤسسات

السياحية، تلتزم أيضاً بالتسعيرة. ومن ناحيتها، على وزارة الداخلية

تسجيل مخالفات للسيارات التي يركنها بعض أصحاب المواقف

على جانبيّ الطريق، بهدف الاستفادة من أرباحٍ إضافية.

التعرفة مجحفة
غالبية أصحاب المواقف التي جالت عليها “المدن”، لم يصلها قرار المحافظ.

لكن الطامة الكبرى، ليست بوصول القرار إليهم، بل في التزامهم بالأسعار،

وهو ما رفضه هؤلاء معتبرين أن “التعرفة الجديدة مجحفة ولا تتناسب

مع مستوى المعيشة الذي فُرِضَ على الشعب منذ نحو عامين”.

تتراوح تعرفة أغلب المواقف للساعة الأولى بين 10 و15 ألف ليرة.

فيما كانت تتراوح قبل عامين بين 3 و5 آلاف ليرة. والتعرفة المعمول بها حالياً “لا تفي بالغرض، لكنها مقبولة”،

وفق ما يقوله أحد أصحاب المواقف، الذي يشير في حديث لـ”المدن”،

إلى أن “إضافة بعض الخدمات الخاصة، كغسيل السيارة أو الحرص

على إبقائها بعيدة من الشمس الحارقة صيفاً والمطر الموحل شتاءً،

يزيد التعرفة وفقاً لكَرَم الزبائن. وهذا يحقق دخلاً إضافياً لصاحب الموقف”.

لا يُبدي أصحاب المواقف خشية من عدم الالتزام بقرار المحافظ،

فالرقابة “لطالما كانت غائبة في أيام العزّ، فكيف بها في هذه الأيام؟”.

ويضحك أحدهم عند سماعه بجولات وزارة الاقتصاد

أو شرطة بلدية بيروت “فكلّها حركات موسمية لا طائل منها”.

أما إذا تطوّر الأمر وأخذ منحىً جدّياً فـ”اتصال واحد كفيل بحلّ المشكلة”.

في إشارة إلى النفوذ السياسي والحزبي لأصحاب المواقف،

والذي ساعدهم لسنوات في التملّص من محاضر الضبط عند

ركنهم السيارات على جانبيّ الطريق وأمام المحال التجارية، رغم إعاقتها لحركة المرور وتسبّبها بازدحام السير.

بالتوازي، يمكن لأصحاب المواقف التحايل على القرار والرقابة عن طريق

عدم إعطاء الزبائن فاتورة تثبت التعرفة المدفوعة. فأغلب المواقف

لا تقدّم فاتورة لزبائنها. عدا عن أن الموظّفين يخبرون الزبائن قبل ركن السيارة،

بالتعرفة المخالفة، ويتركون لهم حرية الاختيار بين الدفع وعدم الركن. ولأن

المساحات في بيروت ضيّقة، والبحث عن مكان مناسب لركن السيارة شبه

مستحيل، خصوصاً خلال فترة الدوام الرسمي للقطاعين العام والخاص،

لا يبقى أمام صاحب السيارة سوى الانصياع للتعرفة المفروضة.
كما يلجأ البعض لتقاضي تعرفة كسر الساعة الإضافية مسبقاً،

معتبراً أن “أغلب الزبائن يقولون بأنهم سيغيبون لساعة فقط،

ويعودون بعد ساعتين ولا يمكن التأكد من هوية كل شخص. فنأخذ التعرفة مسبقاً”.

وهو إجراء مجحف بحق الزبائن الذين يلتزمون بالوقت المحدد، وبعضهم يعود قبل انقضاء المهلة المحددة،

ومع ذلك، لا يستعيدون المبلغ الإضافي. أما السؤال عن سبب عدم اعتماد

فواتير أو جداول تحدد المواعيد، فإجابته تُلقى على عاتق “الوقت”

. فالنسبة لأصحاب المواقف “لا وقت للدخول في متاهات الجداول

والتسجيل وانتظار الأشخاص. فتقاضي التعرفة مسبقاً، أضمن وأسرع”.

حماية المستهلك
يُعَدُّ صاحب السيارة مستهلكاً لخدمة يقدّمها صاحب الموقف. وبذلك،

تتحرّك جمعية حماية المستهلك لضمان حقّ صاحب السيارة في دفع تعرفة مناسبة وعدم وقوعه ضحية الاستغلال.

لكن الأمور اليوم “فلتانة عالآخر” على حد توصيف رئيس جمعية المستهلك

زهير برّو. ومع أن شرطة بلدية بيروت عليها التأكد من تطبيق قرار المحافظ،

فإن لا انعكاسَ على أرض الواقع للقرار الجديد. لكن الجمعية، وفق ما يقوله

برّو لـ”المدن”، ستتأكد من تطبيق القرار “عبر جولات مندوبيها خلال أسبوع.

وعلى ضوء النتائج تحدد الجمعية موقفها”.

قبل ترك الأمور للوقت، فإن أزمة انفلات سعر صرف الدولار وعدم

قدرة الدولة على تأمين العملة الخضراء لدفع مستحقات الشركات التي تتعاقد معها، ساهم في تأمين بعضاً من

حقوق اللبنانيين. فمشروع عدّادات الوقوف (البارك ميتر) الذي

أعطت بموجبه بلدية بيروت شركة خاصة حق استثمار المجال العام،

وتقاضي بدل وقوفٍ وتنظيم محاضر ضبط، توقَّفَ بفعل عدم تجديد

العقد مع الشركة المشغّلة. فبات للمواطنين مساحة مجانية لركن السيارات.

ولا يمكن للقوى الأمنية تنظيم محاضر ضبط بحق راكني السيارات، لأن تلك

الأماكن مخصصة للركن، بغض النظر عمّا إذا كانت مجانية أم مدفوعة.

لكن استغلال تلك المساحات خاضع للسباق مع الوقت، لأنها متوفّرة للجميع.

وبالتالي، أعادت الأزمة بعضاً من الحقوق المسلوبة للمواطنين، في ما يخص إشغال الأماكن العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com