‘التسعيرات الجديدة خيالية للاتصالات، الانترنت، والستلايت : كم ستصبح؟
“كتب د. محمود جباعي في موقع العهد:
صرح رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أن الموازنة العامة للعام 2022 قد أقرّت في مجلس الوزراء وبناء عليه من المفترض أنها تحولت إلى المجلس النيابي لدراستها قبل مناقشتها في جلسات متعاقبة. ورغم أنها لم تقر في الحكومة حسب الأصول، إلا أن الكرة أصبحت اليوم في ملعب المجلس النيابي الذي ستكون له كلمة الفصل في اقرارها من عدمه وهذا يعد امتحانًا حقيقيًا لكل القوى السياسية عشية الانتخابات النيابية المقبلة.
الواضح من أسلوب وطريقة تهريب الموازنة من الحكومة، أنها تتضمن بنودًا قاسية جدًا بحق المواطنين اللبنانيين وفق ما أجمع عليه معظم الخبراء والمحللين الاقتصاديين. ومن أبرز النقاط المشبوهة والخطيرة هي البند المتعلق بزيادة التعرفة في قطاع الاتصالات ومشتقاته، والتي حسب ما اقترح وزير الاتصالات جوني قرم ستكون على سعر منصة صيرفة وهذا من شأنه أن يرتب على المواطن مزيدًا من التقهقر في قدرته الشرائية التي باتت متآكلة أصلاً بفعل انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية ومعدل التضخم الجامح الذي تخطى كمعدل عام الـ 300 %، علمًا أن الأسعار قد ارتفعت بالعموم الى حدود 700% كمعدل وسطي.
إصلاح القطاع على حساب المواطن
رفع التعرفة في قطاع الاتصالات من 1507 ليرات للدولار الى سعر منصة صيرفة التي تتراوح اليوم بين 20 ألف و21 ألف ليرة للدولار الواحد حسب حجم العمليات النقدية اليومية سيؤدي الى ارتفاع كبير في التسعيرة والفاتورة التي يدفعها المواطن كإشتراك شهري. وبناء على ذلك سوف يرتفع سعر التشريج الشهري للخطوط المسبقة الدفع من حوالي 45 ألف ليرة (30 دولارًا على سعر صرف 1500 ليرة) الى حوالي قرابة 700 ألف ليرة شهريًا على سعر المنصة. علمًا أن سعر بطاقة التشريج الشهرية من الشركة قرابة 22 دولارًا (على سعر
صرف 1500 ليرة)، تباع في المحلات بقرابة 45 ألف ليرة لبنانية وهو
بالأصل رقم كبير جدًا بالمقارنة مع مثيلاته في معظم دول العالم حيث
يبلغ المعدل الوسطي للاشتراك الشهري حوالي 4 دولارات عالميًا وهذا
ما يؤكد أن المواطن كان يدفع زيادة شهرية تقدر بـ 18 دولارًا في قطاع
لا يقدم الخدمات المتوفرة عالميًا. وكذلك سيرتفع اشتراك الانترنت الى
حدود المليون ليرة شهريًا علمًا أن السعر الحالي هو 50 دولارًا ( 75 ألف ليرة على سعر صرف 1500 ليرة)
للاشتراك الشهري تقريبًا وأيضًا سوف ترتفع فاتورة اشتراك “الستالايت” من 40 دولارًا (60 ألف ليرة تقريبًا
على سعر صرف 1500 ليرة) الى ما يقارب 800.000 ليرة بعد اعتماد سعر منصة صيرفة (قرابة 21 ألف للدولار)
كل هذا ممكن أن يحصل والقطاع الى اليوم لا يوفر خدمات الجيل الخامس المعتمدة في
معظم الدول الأخرى.
الحل يكون في الاصلاح البنيوي للقطاع
إن قطاع الاتصالات حاله كحال معظم القطاعات الأخرى التي تعاني من الهدر
المالي وضعف الانتاجية، لذلك وجب على الحكومة أن تعمل على ايجاد
حل بنيوي ومستدام للقطاع من خلال اعتماد الخصخصة على طريقة
التحويل لفترة زمنية محددة مع المحافظة على إشراف الدولة على
التسعير وبذلك يتم تلزيم القطاع الى شركات عالمية تعمل بمواصفات
عالية الجودة والتي يمكنها أن توفر الخدمات بتكاليف أدنى بكثير من
المعمول بها حاليًا على أن تحدد الأسعار بالليرة اللبنانية وفقًا لسعر
اشتراك منطقي كما هو الحال في الدول الأخرى. وبذلك تكون الدولة
قد حققت ايرادات مالية بالمقابل تحسنت الخدمة والجودة، ويدفع المواطن
بالتأكيد فاتورة أقل بكثير من اعتماد الأسعار الحالية. أما تحميل المواطن
وحده كل الأعباء فهذا يعتبر إمعانًا مقصودًا في اذلاله وهدم كل قدرته
المعيشية لأن الأرقام المتوقع الوصول اليها ستفرض معادلة واحدة
وهي أن الاتصالات والانترنت سيكونان فقط في متناول الاغنياء ومن استطاع
اليهما سبيلاً أما المواطن العادي فسيصبح مضطرًا الى التخلي عن أبسط معايير الحياة الطبيعية في المجتمعات الحديثة..