علاقة باسيل بفضيحة حذف “الرسالة”
بقلم منير الربيع – المدن
شكل حذف الرسالة التي وجهها لبنان إلى الأمم المتحدة، وأشار فيها إلى تمسكه بالخطّ 29 كحق له في مفاوضات ترسيم الحدود، فضيحة سياسية وديبلوماسية، للدولة اللبنانية كلها. وحُذفت الرسالة في ظل سعي حثيث من شخصية سياسية لتقديم أوراق اعتمادها للولايات المتحدة الأميركية، بغية رفع اسمها عن لائحة العقوبات.
ويدور في بعض الكواليس كلام كثير عن تواصل حققه رئيس التيار العوني جبران باسيل بالإدارة الأميركية، وكانت بوابته في الأساس ملف ترسيم الحدود والتنقيب عن النفط والغاز. وهذا ما دفعه إلى الإعلان عن استعداده للبدء بالإجراءات الإدارية للدخول في مسار قضائي لرفع العقوبات عنه. لكن الردّ الأميركي جاء سريعاً، على لسان أعضاء في الكونغرس رفضوا ذلك، وكذلك على لسان المكلف سابقاً بملف ترسيم الحدود في الخارجية الأميركية، ديفيد شينكر.
وموقف شينكر وأعضاء الكونغرس غايته إيصال رسالة سلبية إلى باسيل: طريق رفع العقوبات ليست معبدة ولا سهلة، وتحتاج إلى وقت طويل ومسار قضائي أطول وأعقد. وهناك تأكيدات أميركية بأن العقوبات لا يمكن رفعها بناء على متغيرات سياسية، بل قضائية. ولا يمكن التدخل في شؤون القضاء. وهنا تقول المصادر: “صحيح أن اتخاذ القرار بفرض العقوبات سياسي، ولكنه مبني على مسار قضائي. لذا من الصعب الخروج منه خروجاً سياسياً”.
وفيما ينتظر لبنان ما ستؤول إليه مفاوضات الترسيم،
وما إذا كان سيتم الوصول إلى اتفاق نهائي، لا يزال قائماً البحثُ عن
الشركات الدولية والعربية التي ستتولى التنقيب عن النفط وتستخرجه وتورده.
ولا مجال لإنجاز الترسيم، قبل الوصول إلى اتفاق سياسي لبناني داخلي، يتقاطع مع تسوية إقليمية، قد يكون مدخلها الاتفاق النووي، الذي أصبح معلقاً حالياً، على وقائع حرب روسيا في أوكرانيا وتداعياتها على مفاوضات فيينا، بل تأثيراتها المباشرة على الوضع في المنطقة
وتقول مصادر متابعة إن طلب سحب الرسالة التي وجهها لبنان إلى الأمم المتحدة،
جاء من جهات عدة، أبرزها الأميركيون. وهذا لأنه لا يمكن ترك وثيقة رسمية لبنانية في الأمم المتحدة -ولو كانت رسالة-
تشير إلى أن لبنان لديه حق ولم يأخذه في مفاوضات تقوم بها واشنطن أو ترعاها،
بمشاركة الأمم المتحدة، وحتى ولو أبدى اللبنانيون استعدادهم للتفاوض على الخط 23،
فيما تقول تلك الرسالة إن لبنان يطالب بالخط 29.
وما قيل بوضوح في متن الطلب الأميركي: “لا يمكن للمسؤولين اللبنانيين الموافقة
بشكل كلامي على التفاوض حول الخط 23، فيما هناك رسالة مكتوبة
تطالب بالخطّ 29″. وهذا ما أدى إلى إضعاف موقف لبنان إلى أقصى الحدود.
تشبه هذه المسألة، حادثة مشابهة حصلت في العام 2000 بعد تحرير الجنوب.
كان قد بدأ العمل على ترسيم الخط الأزرق آنذاك، في عهد الرئيس إميل لحود. وكانت أرسلت إلى الأمم المتحدة
وللأمين العام كوفي أنان، رسالة لبنانية تتضمن خريطة لرسم الخطّ الحدودي.
وصدر تقرير عن الدائرة القانونية في الأمانة العامة للأمم المتحدة،
يقول إن الخريطة مزورة، وقديمة وأدخلت عليها تعديلات.
وحالياً وصلت إلى لبنان إشارة إلى ضرورة سحب تلك الرسالة اللبنانية إلى
الأمم المتحدة. ذلك لأنه لا يمكن التفاوض على أساس إعلان القبول بالخطّ 23،
فيما تشير تلك الرسالة إلى الخط 29. لئلا يخرج أحد في ما بعد -اعتماداً على الرسالة إياها-
ويطالب بتوسيع المساحة البحرية.