اقتصاد

خبيرٌ إقتصادي يحذّر: هذا الأمر يؤدّي إلى تفاقم الأزمة!

ليبانون ديبايت

سجّل سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء صباح اليوم الجمعة، ما بين 22550 و22650 ليرة لبنانية للدولار الواحد، بعد أن تراوح مساء أمس الخميس, ما بين 22600 و22700 ليرة لبنانية للدولار الواحد.
 

من ناحية أخرى، أشار الخبير المالي والاقتصادي، نسيب غبريل، إلى أنّ “الارتفاع المفاجئ في أسعار المحروقات وبعض السلع الغذائية أثار موجةً من الهلع لدى المواطنين، وحركة غير طبيعية أدّت إلى زيادة الطلب على منصة صيرفة”، لافتاً إلى “أزمة ثقة واسعة من الناس التي أصيبت بالهلع مما يحصل، ومن ارتفاع الدولار والتفلّت الحاصل في أسعار الطاقة، وهذا طبعاً يؤدي إلى تدهور في سعر الليرة أمام الدولار، وهو ما جعل الناس تتذكر أن هناك سوقاً موازياً، مع العلم أنّ التعميم 161 كان قد تمّ بالاتفاق بين حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير المال يوسف خليل، وهو الذي أدّى إلى لجم تدهور الليرة، وإلى سحب جزءٍ كبيرٍ من الكتلة النقدية، وإلغاء الهامش بين منصة صيرفة والسوق الموازي وتحديد الطلب”

وفي حديثٍ لـ “الأنباء الإلكترونية”, أوضح أنّ “التعميم 161 تبقى إجراءاته مؤقتة وموضوعية، ومصرف لبنان وجمعية المصارف لا يمكنهما تغيير شيء، فالمعالجة يجب أن تتم من خلال ضخ سيولة ورؤوس أموال من الخارج، وتوقيع اتّفاق مع صندوق النقد الدولي”.

وعن رأيه بموضوع توحيد أسعار الصرف، رأى غبريل أنّ “توحيدها يتطلب تطبيق الآلية المفترض حصولها بعد توقيع الاتفاق مع صندوق النقد، داعياً الحكومة إلى تقديم خطة التعافي المرتقبة، كاشفاً عن عودة وفد الصندوق إلى بيروت في النصف الثاني من الجاري لاستكمال المحادثات”.

ولفت إلى “ضرورة توقيع الاتفاق مع صندوق النقد قبل الانتخابات النيابية، لأنّ عدم التوقيع عليه يجعله يتأخر إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي، وربما إلى السنة المقبلة، وهذا يؤدي إلى تفاقم الأزمة، مطالباً الحكومة بالإفصاح عما وصلت إليه المفاوضات مع الصندوق”، ومشدّداً على أنّ “توحيد سعر الصرف يأتي بعد الإصلاحات وإعادة العجلة الاقتصادية، وتحرير الأموال المرسلة واستعادة الثقة”

على وقع الخضّات المالية وعودة سعر الدولار إلى الإرتفاع مجدداً والتداعيات الإقتصادية الدراماتيكية للحرب الروسية على أوكرانيا، سؤال وحيد يُطرح في الشارع اللبناني اليوم، وهو هل ستنجح الحكومة في إنجاز اتفاق على برنامج دعم مالي من صندوق النقد الدولي، في ضوء المعلومات المتداولة عن تجميد المفاوضات بعد رفض الصندوق، كل ما طرحته الحكومة حتى اليوم من خطط وبرامج إصلاح مالية ومصرفية وإدارية، لأنها بقيت من دون ترجمة على أرض الواقع.

وبصرف النظر عن النفي الرسمي، فإن الصورة واضحة على هذا الصعيد، كما يكشف الخبير الإقتصادي الدكـتور سامي نادر لـ “ليبانون ديبايت”، إذ يؤكد أن الحكومة الحالية لن توقّع اتفاقاً مع الصندوق، موضحاً أن القوى السياسية غير متّفقة على موقف واحد من هذا الملف، كما أن الحكومة الحالية لا تمثّل كل الأطراف المعنية بالإتفاق على برنامج دعم وتمويل، ممّا يجعل من العملية برمّتها، مجرّد مواقف وتصريحات من دون أي معطيات واقعية

ومن هنا، يعتبر أن التأكيد على استمرارية التفاوض من قبل الحكومة، هي مسألة بديهية ولو توقفت المفاوضات، لأن مهمة الحكومة الأساسية هي إجراء الإنتخابات النيابية، وتوقيع اتفاق مع صندوق النقد.

ويعزو الدكتور نادر إنطباعه “التشاؤمي” إلى ثلاثة عوامل:

ـ الأول يتمثّل بغياب الخطة الإصلاحية والإنقاذية، أو التي تعرف بخطة التعافي، لأن الخطة غير موجودة ولم يطّلع أي فريق عليها ولم تُنشر في الإعلام، وما زالت طي الكتمان، بسبب عدم التوافق السياسي عليها من جهة، وعدم شمولها أية إجراءات على المستوى المالي لناحية توزيع الخسائر المالية بعدالة من جهةٍ أخرى. وبالتالي، فإن ما نُشر حول تحميل الخسائر للمودعين، ثم التراجع عنه من قبل الحكومة، قد عارضه صندوق النقد بشدّة، ما أدّى إلى توقّف المباحثات عند هذه النقطة.

ـ أمّا العامل الثاني والأساسي الذي يهدّد المفاوضات وبرنامج التمويل، فيحدّده نادر، بانعدام أي إشارة عملية وجدّية لدى الحكومة، لتحقيق الإصلاحات المطلوبة من الصندوق وفي كل القطاعات من خلال تشكيل الهيئات الناظمة، وهي تبدأ بقطاع الكهرباء بالدرجة الأولى، حيث أن القديم ما زال على قدمه بالنسبة للإصلاح أو للهدر، بالإضافة إلى سقوط مشروع استجرار الطاقة من مصر والأردن، بعدما رفض البنك الدولي التمويل، لأنه عارض دفع نحو مليار دولار للتنفيذ في ظلّ الواقع الحالي، حيث امتنعت الحكومة عن اتخاذ إجراءات إصلاحية بالحدّ الأدنى، وليس خطة متكاملةً.

ـ ويتركّز العامل الثالث، في عملية الإصلاحات المايكرو ـ إقتصادية والبنيوية،

والسياسة المالية والموازنة التي يجب أن تخلو من أي تمويل للعجز من خلال

طبع العملة، ما يؤدي إلى التضخم والمزيد من التدهور في سعر الصرف.

ويشير نادر، إلى أنه من ضمن الإصلاحات توحيد سعر الصرف وإعادة

تأهيل وتصحيح القطاع المصرفي من خلال اتباع سلسلة مبادئ،

أوّلها الحفاظ على صغار المودعين، وتنقية القطاع المصرفي من الأصول المتعثّرة كي يقوم بدوره بتمويل القطاع الخاص.

ويشدّد الدكتور نادر، على أنّ “إفتقار الإجراءات الحكومية إلى الجدّية،

يجعل من المستحيل إبرام أي اتفاق مع الصندوق، الذي تحدث خلال

زيارة وفده الأخير إلى بيروت، عن أنه لم يلمس أي التزام من الحكومة

بالإصلاحات، أو بوضع خطة لوقف الإنهيار وبدء التعافي، وبشكل

خاص على المستوى المالي والتأخير في إقرار قانون ال”كابيتال كونترول”،

واستبدال سياسة دعم المحروقات بسياسة دعم الليرة، وبالتالي اعتماد ال”دولرة”.

ورداً على سؤال حول الخطوات المطلوبة من أجل استعادة مناخ الثقة

في عملية التفاوض التي تبدو معلّقة اليوم، يقول الدكتور نادر،

إن الحكومة أمام مسار طويل ومعقّد، واستحقاق إطلاق ورشات

عمل على محاور عدة أبرزها: إصلاح المالية العامة وإصلاح القطاع المصرفي وإصلاح مصرف لبنان.

ويتخوّف نادر من ارتفاع فاتورة الإستيراد بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً،

وخصوصاً المحروقات والقمح والمعادن بعد الحرب الأوكرانية المرشّحة

للتطوّر، والذي سينعكس تزايداً للطلب على الدولار محلياً، على الرغم من تدخّل مصرف لبنان المركزي

وأمّا عن التداعيات الإقتصادية لحرب أوكرانيا على لبنان، فأوضح نادر أنّ ‏‏

“أبرزها ستكون مسألة ارتفاع أسعار النفط والغاز والطاقة، وإرتفاع ‏أسعار

الحبوب والمعادن، إضافة الى الاضطرابات بسلاسل التمويل. كل ‏هذه العناصر ستؤدّي

الى مزيد من التضخّم وإرتفاع الاسعار، وجاءت ‏على خلفية أزمة كانت قائمة،

فالعالم لم يلملم بعد جراحه من تداعيات ‏وباء كورونا الذي أدّى نتيجة الضخّ الكمّي الذي قامت به الحكومات إلى ‏تضخّم”. ‏

‏ وتابع: “والآن هناك تضخّم فوق التضخّم،

والاقتصاد العالمي داخل الى ‏مرحلة كساد

(‏stagflation‏)، ما يعني إرتفاع بالأسعار وتراجع بالنمو ‏حتى لا نقول “نمو سلبي”،

وفي لبنان نحن نعاني أساساً من أزمة ‏إقتصادية – مالية نتيجة الفساد والهدر وغيرها من المسائل”. ‏

ولفت إلى أنّ “ما يدعو للقلق في الحرب الأوكرانية كما يبدو اتجاه ‏الأمور

نحو مزيد من الفصل والتفكّك على الساحة الدولية، وعودة الى ‏الحرب الباردة”،

منبّها الى أن “الخروج من هذه الأزمة العالمية لن يكون ‏سهلاً أو سريعاً،

ما يجري ليس غيمة صيف عابرة وآثارها ستكون ‏مستدامة، وبالتالي الوضع مخيف لأن ما يجري جاءنا في وقت غير ‏مناسب ودقيق جداً”. ‏

وإعتبر أنه “من شأن ذلك أن يشكّل ضغطاً كبيراً على الليرة اللبنانية ‏لسبب

بسيط أننا بلد مكشوف ليس فقط على ما يحصل في الإقليم، إنما ‏مكشوف

إقتصادياً بسبب عجز ميزان المدفوعات لأننا بلد يستورد أكثر ‏ممّا يُصدّر ولدينا

عجزٌ في الميزان التجاري، عجز هيكلي وخسرنا ‏السياحة وتدفّق الإستثمارات

الى الداخل اللبناني، ولم يعد لدينا سوى ‏تحويلات اللبنانيين في الخارج، ولكن هذا لا يكفي”. ‏

وشرح أن “ارتفاع الأسعار في الخارج سيزيد الضغط على الليرة بسبب

‏العجز الهيكلي في ميزان المدفوعات الذي بلغ العام الماضي أكثر بقليل

‏من 3 مليار دولار، ومن المؤكّد أنه سيزداد هذا العام بشكل كبير لأن ‏فاتورة

الإستيراد ستكبر لذلك قفز سعر صرف الدولار من 20 الى 23 ‏الف ليرة لأن

التجار يستوردون المواد الأساسية من مازوت ومحروقات ‏وقمح ومعادن،

وهذا كله تضاعفت أسعاره في الخارج والأسعار مرشّحة ‏الى مزيد من الإرتفاع”. ‏

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com