بعد الارتفاع المفاجئ، مصادر صحفية تكشف ‘المتوقع’ لمصير منصة صيرفة وسعر صرف الدولار…. ماذا في الارقام والتفاصيل؟!
“لعبة “صيرفة” ومستقبل سعر صرف الدولار: هل يصل الى 30 ألفًا؟
كتب د. محمود جباعي فيموقع “العهد”:
يشهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية عدة تقلبات سريعة منذ عدة أيام حيث شهدت الأسواق ارتفاعًا جديدًا تخطى حدود 3000 ليرة للدولار الواحد بعد أن لامس سعر الصرف عتبة الـ 24 ألف ليرة للدولار الواحد، وهو ما لم يحصل منذ أكثر من شهر تقريبًا. فترة “الاستقرار النسبية” السابقة في سعر الصرف كانت نتيجة اجراءات المصرف المركزي المبنية على سحب الليرة اللبنانية من الأسواق مقابل سقف غير محدد من الدولار حسب زعمه بشكل يومي، علمًا أن هذا الاجراء كما يعلم الجميع قد حصل بعد ممارسة ضغوطات سياسية على حاكم المصرف المركزي مما رتب في حينها صفقة معينة قضت بالعمل على تهدئة سعر الدولار لأهداف تتعلق بالموازنة والانتخابات والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
أسباب العودة الى الارتفاع
كما كان متوقعًا، فإن اجراءات المصرف المركزي لتثبيت سعر صرف الدولار من خلال ضخ الدولارات مقابل الليرة دون سقف عبر منصة صيرفة والتي كانت تجري بشكل يومي في المصارف التجارية سوف تتوقف بتاريخ قريب كما يحصل اليوم، حيث بدأت المصارف بتوجيهات مباشرة من المركزي بابلاغ الزبائن أنه لم يعد بإمكانها تحويل ليراتهم الى دولار عبر صيرفة وفق ما كان قد وعدهم به سابقا مصرف لبنان (وعد بأنه سيستمر بالعملية الى نهاية شهر آذار الجاري). علمًا أن هذا الاجراء من الأساس يصنف على أنه غير منطقي وليس مبنيًا على أسس علمية تتصف بالديمومة والاستمرار الى فترة طويلة من أجل خلق استقرار نقدي حقيقي بل هو اجراء عشوائي ساهم في اهدار مزيد من الدولارات من دون أي فائدة تذكر على الصعيدين النقدي والاقتصادي.
فبدل أن ينظّم المركزي عملية استعمال هذه الدولارات عبر خطة علمية يكون قوامها مبنيًّا على زيادة حجم الدولارات المدفوعة للمودعين لفترة لا تقل عن سنة على الأقل، قام بتوزيعها لتجار السوق والمصارف من دون أي فائدة مستقبلية تذكر. والغريب بالأمر أنه كان يضخ بين 60 و80 مليون دولار
يوميًا حيث يستطيع الفرد العادي الحصول على 4800 دولار
يوميًا بدل تحويل 100 مليون ليرة لبنانية من خارج الحسابات
المودعة بينما المودع يحصل فقط بحد أقصى على 180 دولار اميركي
شهرياً وفقاً للتعميم 161 مما يبين أنه لا يوجد نية لدى المصرف المركزي
والمصارف في صياغة حلول بنيوية تبدأ بحل مشكلة المودعين وتمر
عبر خلق توازن نقدي في السوق لفترة طويلة، بل كل ما تريده هو فقط
خلق استقرار وهمي لفترة محددة لا تعالج أيًا من معالم الأزمة.
ومن الأسباب التي ساهمت أيضًا في تسريع عملية توقف منصة صيرفة
عن القيام بالتحاويل النقدية كالمعتاد نتائج وتداعيات الحرب الروسية –
الاوكرانية التي ساهمت في ارتفاع أسعار مصادر الطاقة والسلع الأساسية
التي يستوردها لبنان عبر دولارات المصرف المركزي الذي أصبح بحاجة الى
مبالغ مضاعفة لتأمين هذه السلع، وهذا ما رفع سعر منصة صيرفة التي
وصلت اليوم الى 20900 أي حوالي 21200 ليرة للدولار الواحد بعد احتساب
عمولة المصارف وهي مرشحة للارتفاع أكثر في الأيام القادمة.
مسار الدولار تصاعدي
منذ اللحظات الأولى لعملية تخفيض حجم السحوبات النقدية في المصارف
والتحويلات عبر صيرفة بدأ الدولار بالارتفاع بشكل ملحوظ بفعل ارتفاع حجم الطلب عليه في السوق الموازية
وهو طلب مرشح للارتفاع بشكل كبير في الأيام القادمة بسبب
عدم نجاح المصرف المركزي بسحب أكثر من 5 ترليون ليرة
من أصل حوالي 50 ترليون موجودة فعليًا في الأسواق.
وهذا ما سيخلق كمية عرض كبيرة من الكتل النقدية في الليرة اللبنانية
ومن شأنه رفع سعر الصرف من جديد الى مستويات تقارب الـ 30 ألف ليرة للدولار الواحد،
خاصة أن سعر منصة صيرفة بدأ بالارتفاع بشكل كبير مما سيلهب الأسعار في السوق السوداء.
من هنا، تشير كل التقديرات الى أن الدولار بات بحالة تفلت من جديد لأن
كل اجراءات المركزي لم تراعِ أي أهمية للاستمرارية والديمومة ولم تترافق
مع اصلاحات اقتصادية بنيوية تساهم في الحد من الطلب على الدولار
مما يشير الى أن المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من الارتفاع الجنوني للدولار.