بين فرض “الكاش” لدى التجار وتحديد سقف السحوبات… أين هي المُشكلة؟
اخبار اليوم
بعد قرار مصرف لبنان تغطية 60% من المساعدات الإجتماعية لموظفي القطاع العام، وإلتزام جمعية المصارف في بيان لها بقرار مصرف لبنان، إتخذ التجّار وعلى رأسهم تجار المحروقات والسوبرماركات قرارًا بعدم قبول الدفع بالبطاقة المصرفية وإعتماد الكاش بالكامل في قطاع المحروقات و50% كاش في السوبرماركات على سعر صرف دولار من خيارهم.
المشاكل الناتجة عن هذه القرارات تقع على كاهل المواطن غير القادر على تلبية طلب التجار بالكاش خصوصًا أن المصارف تضع سقوفًا على السحوبات، فما خلفية هذه القرارات؟
يقول أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية جاسم عجاقة، عبر وكالة “أخبار اليوم” “أن مبدأ التعميم 161 قائم على سحب السيولة بالليرة اللبنانية من الأسواق لوقف المضاربة، والإستعاضة عن الكاش بوسائل دفع أخرى وعلى رأسها البطاقة المصرفية وهما خطوتان متوازيتان لا يُمكن فصلهما عن بعضهما البعض”.
ويُضيف عجاقة: “ضخ السيولة بالليرة اللبنانية يعني تقويض التعميم 161 الذي إستطاع تأمين إستقرار سعر الصرف في حين أن عدم ضخ السيولة بالليرة اللبنانية وعدم قبول التجار البطاقات المصرفية، يعنى تحديد إستهلاك المواطن وهو أمر مُخالف للدستور نظرًا إلى أن هذا الأخير يضمن الحرية الإقتصادية في الإستثمار والإستهلاك”.
ويلفت عجاقة الى ان “التجار لا يُعيدون إلى المصارف غلتهم اليومية
وهو ما يمنع إعادة تدوير الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية حيث أن هناك
ما يُقارب الـ 20 تريليون ليرة لبنانية بحوزة التجار
والصرافين على إجمالي كتلة نقدية بالتداول تُقارب الـ 30 تريليون ليرة لبنانية.
وما صعود الدولار الأسبوع الماضي إلا دليل على أن إمتلاك التجار لكمّية هائلة بالكاش”.
وعن أسباب إقتناء كل هذه الكمّية من الكاش من قبل التجار والصرافين،
يوضح عجاقة ان “الهدف واضح بالنسبة للتجار، فهذا الأمر يسمح لهم
بالتعامل مع موردي خدمات وبضائع غير قانونيين، ويسمح بالتهرّب
الضريبي كما وهامش تحرّك في أوقات مُعيّنة كما حصل الأسبوع الماضي.
أمّا بالنسبة للصرافين، فإن إقتناء الكاش هو ضرورة لعملهم مع رغبة فاضحة
بالمضاربة، مع الاشارة هنا الى ان عدد صرافين أصبح يفوق الـ 4000 صراف
بمعظمهم غير مرخصين وعند إلقاء القبض عليهم، يوقعون
على تعهد ومن ثم يخرجون ليمارسوا عملهم بكل ثقة”.
وعن الحل لهذه المُشكلة يقول عجاقة “الحل يكمن في إلزام التجار
قبول الدفع بالبطاقة المصرفية من دون أي عمولات (وصلت
العمولات إلى 15% في بعض الأماكن) وإرغامهم على إعادة الغلّة
اليومية إلى المصارف، مع العلم أن عدم القيام بهذا الأمر سيزيد
من الضغوطات على المصرف المركزي لضخ الليرة في الأسواق وهو ما سيُعيدنا إلى مُشكلة سعر الصرف”.
ويختم عجاقة: “تبقى المُشكلة الأساسية في عدم وجود دولارات
كافية في السوق وهو ما يفرض إصلاحات إقتصادية ومالية ونقدية
في أسرع وقت بالإضافة إلى توقيع برنامج مع صندوق النقد الدولي
يسمح بإدخال الدولارات إلى الإقتصاد من باب القطاع المصرفي”.