الدولة تستجدي الدولار من “المركزي”… فهل تلجأ إلى الذهب؟
لله يا مركزي”، لدينا التزامات داهمة، ونقص في
الغذاء، وأزمة اقتصادية هي الأسوأ، ونعاني تداعيات
ارتفاع الأسعار عالمياً وارتدادات الحرب الروسية
الأوكرانية، وانهيار القدرة الشرائية… هذا غيض من فيض
عبارات استجداء الحكومة للاستقراض من مصرف
لبنان. الحكومة جمعت كل الظروف الاستثنائية،
وحالات الضرورة القصوى التي نصت عليها المادة
91 من قانون النقد والتسليف في حالة طلب قرض،
لاستكمال الاستيلاء على حقوق المودعين. ضاربة شرط صندوق النقد بعد الاقتراض من المركزي، ومتخطية بذلك المادة 90 من القانون نفسه التي تنص صراحة على
أنه “باستثناء تسهيلات الصندوق المنصوص عليها بالمادتين 88
و89، فالمبدأ ألا يمنح المصرف المركزي قروضاً للقطاع العام”.
إستناد الحكومة إلى المادة 91 من قانون النقد والتسليف
للاقتراض من مصرف لبنان “مخالف للمادة شكلاً ومضموناً”، بحسب مصدر متابع. فما يمرّ فيه لبنان لا يمكن اعتباره من حيث الشكل ظرفاً استثنائي الخطورة، كالفيضانات والحروب والكوارث الطبيعية، إنما نتاج تعمّد المسؤولين استمرار الأزمة. وهذا ما عبّر عنه البنك الدولي في تقرير “الإنكار الكبير” لخريف 2021، والذي يشير إلى أن الكساد المتعمّد في لبنان هو من تدبير قيادات النخبة في البلاد التي تسيطر منذ وقت طويل على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية. أما في المضمون فإن المادة 91 تنص على ضرورة البحث عن مصادر تمويلية أخرى كإجراء توفيرات في بعض بنود النفقات أو ايجاد موارد ضرائب جديدة. وهذا
ما لم تحققه الدولة في موازنتي 2021 و2022 اللتين لم يجر إقرارهما ولم تكونا تتضمنان أي تعديل في الإنفاق أو إجراءات تضمن زيادة الايرادات.
المادة 91 تذهب أبعد من ذلك، مشترطة اقتراح المصرف
المركزي على الحكومة، إن لزم الأمر، التدابير التي من شأنها الحدّ مما قد يكون لقرضه من عواقب اقتصادية سيئة، وخاصة الحد من تأثيره، في الوضع الذي أعطي فيه، على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية. وهنا يسأل المصدر عن طريقة تأمين مصرف لبنان القرض بالدولار. فإن لم يكن من حقوق السحب الخاصة فسيكون من التوظيفات الإلزامية أي حقوق المودعين. وهو الأمر الذي ستكون له تداعيات كارثية
على حقوق المودعين، وإضعاف أي أمل بحلّ الأزمة. وسيساهم في تضييع ما بقي من نقد صعب، ويؤدي إلى المزيد من الانهيار في قيمة الليرة. كما أنه لا يوجد أي مؤشر على توقف الدولة عن طلب القروض لتسديد المستحقات وتأمين المتطلبات الأساسية، ما سيقود في وقت ليس ببعيد إلى تشريع استعمال الذهب لتغطية مصاريف الدولة.
طلب الاقتراض مجدداً من مصرف لبنان يأتي بالتزامن مع
زيارة بعثة صندوق النقد الدولي، التي تشدد على ضرورة
وقف عمليات الإقراض من المركزي للدولة. وكان سبق
أن توجهت مجموعة من المحامين في شباط الماضي
من العام الحالي برسالة إلى الصندوق بشخص المدير
ورئيس البعثة في منطقة الشرق الأوسط Ernesto Ramirez، مشددين
على أن تمويل مصرف لبنان للدولة غير قانوني ويهدد مصير أموال المودعين.
إذا تخطينا عدم وجود ظرف استثنائي والأضرار التي
ستلحق بالمودعين وسعر الصرف، فإن أخطر ما في هذه الخطوة، بحسب المصدر، أن “الأموال ستوضع في سلة محاكة بقش الفساد والسرقة وعدم وجود النية للإصلاح… وبالتالي ستضيع الملايين كما ضاعت قبلها المليارات ولن يستفيد الاقتصاد بشيء”.