الكلفة تضخّمت 2000 في المئة: كيف نصل إلى أعمالنا؟
كتبت ندى أيوب في “الاخبار”:
لن يلتزم علاء بالحضور إلى إحدى المؤسّسات العامة حيث يعمل
في مدينة صيدا. إذ إن كلفة الانتقال اليومية من منزله في
مدينة صور إلى صيدا، ذهاباً وإياباً، تقدر بأكثر من 200 ألف
ليرة ثمن نصف صفيحة وقود تحتاجها سيارته لقطع
هذه المسافة. أي ما يفوق مليون ليرة أسبوعياً عن 5 أيام
عمل، وما مجموعه 4 ملايين ليرة شهرياً. وإن أراد الاعتماد
على باصات النقل، ستبلغ الكلفة نحو 100 ألف ليرة يومياً، أي ما
مجموعه مليوني ليرة شهرياً. في الحالتين يقول علاء: «تبقى
كلفة الحضور إلى العمل، أعلى من قيمة بدل النقل بعد
تعديله ومجموعه الشهري مليون و280 ألف ليرة عن 20 يوم عمل».
بحسب الأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، فإن كلفة النقل تضخّمت بنسبة 2223% في الفترة ما بين بداية عام 2019 ونهاية كانون الثاني من عام 2022. هذا الأمر
يستدعي زيادة بدل النقل اليومي من 8000 ليرة كما كان في عام 2019، إلى 185000 لغاية كانون الثاني 2022، لتعويض التدهور في القدرة الشرائية الناتج من تضخّم كلفة النقل. لكن الحكومة وعلى مراحل كان آخرها بتاريخ 24 كانون الثاني 2022 زادت بدل النقل بنسب متدنية ليصبح أخيراً 64000 ليرة للقطاع العام و65000 ليرة للقطاع الخاص، أي بزيادة نسبتها 700% فقط أو نحو 31% فقط من المستحق. وهذا الرقم جرى التوافق عليه في لجنة المؤشّر في وزارة العمل أواخر تشرين الثاني من العام الفائت، بعد موافقة الاتحاد العمالي العام وأصحاب العمل عليه، بطريقة ارتجالية طالما أن اللجنة لم ترتكز على دراسة واضحة تأخذ
في الاعتبار العوامل التالية: التضخّم السريع خلال السنوات الأخيرة، ربط قيمة بدل النقل بارتفاع أسعار النفط عالمياً وانعكاسها على أسعار المحروقات المبيعة في السوق المحلّية، وربط سعرها بسعر دولار السوق الحرّة المطلوب لشراء المحروقات. بمعنى آخر لم يكن هذا الرقم حصيلة معادلة علمية تدلّ على أن مبلغ 65 ألفاً يعوّض تضخّم كلفة النقل، علماً بأن اعتماد معادلة كهذه من قبل لجنة المؤشّر المنكفئة عن الاجتماع منذ 7 سنوات، أمر يعدّ بديهياً للمعنيين، إلا إذا كانت قوى السلطة مستعجلة، وهو ما يفسّر صدور
مرسوم تعديل بدل النقل أولاً بدلاً من صدوره مع مرسوم
تصحيح الأجور. وذلك يقودنا إلى أمرين تضعهما الحكومة في حساباتها تجاه الخارج والداخل. فهي من جهة، تريد إعادة موظفي القطاع العام إلى مراكز عملهم، وتأمين شبه انتظام في دورة العمل، للقول إنها حقّقت «إصلاحاً» معيناً
لى طريق مهّمتّها المرتكزة على إنجاز خطّة التعافي الاقتصادي المطلوبة من قبل صندوق
النقد الدولي. وبالتوازي، تبحث عن إنجازٍ يعوّم
قواها السياسية على أبواب الانتخابات النيابية في أيار المقبل.
على أرض الواقع، يمكن الاستعانة بالمثل الشعبي
«حسابات الحقلة لم تطابق حسابات البيدر» لتوصيف
سطحية معالجة السلطة للأمور. فبعكس ما راهنت
عليه، لا يحضر موظفو القطاع العام إلى مراكز عملهم
بشكلٍ طبيعي، إذ يشير نائب رابطة لجنة موظفي الإدارة
العامة وليد الشعار إلى أن «مبلغ الـ65000 غير كافٍ
، ما دفع الموظفين القاطنين في أماكن بعيدة إلى
اقتصار حضورهم على يومين في الأسبوع». وكانت
الرابطة قد اقترحت على وزير العمل مصطفى
بيرم، قبل إقرار تعديل بدل النقل، ربط قيمة بدل النقل
بالمسافة التي يقطعها كل موظّف بين منزله
ومكان عمله ذهاباً وإياباً من خلال احتساب عدد الكيلومترات
بالاستعانة بتقنية الـ«GPS»، وعلى مسؤولية رئيس
الوحدة وبإشرافه. رفع بيرم الاقتراح إلى الحكومة لكّنه أُجهض
لأن «السلطة لا تريد القيام بعملها، بل تستسهل
تحديد مبلغ مقطوع لا يحقّق العدالة بين الموظفين».
للمزيد من الاخبار الرجاء الضغط على هذا الرابط: