اخبار محلية

مقاطعة الحريري والدور السُنّي في صناعة القرار…حزب الله “يفتقد” الحريري

يطلُّ وزير العمل مصطفى بيرم عبر “ليبانون ديبايت” مُتناولاً تداعيّات

“عزوف الرئيس سعد الحريري عن المُشاركة في الإنتخابات وما مدى

تأثير المجتمع المدني في المَشهد الإنتخابي”.

يَجزم الوزير “المحسوب” على حزب الله أنّ “الإنتخابات النيابة حاصلة

في موعدها المُقرر في 15 أيار إلَّا في حال حصول حدث إستثنائي،

وليس من شيئ واضح في هذا الإطار ، إلّا أنّه يٌشدّد على أنّ “حزب

الله يُؤيد هذه الإنتخابات بشدّة، لأنّ من خلالها نستطيع أنْ نعرف تفكير

الناس في حال ما لم تحصل، فإنْ كانت من خلال تقصير داخلي ستكون

سلبيّاتها كبيرة، وإذا لم تحصل لأسباب خارجة عن التوّقع فإن تداعياتها تختلف”.

وهَل هُناك طرف داخلي بإمكانه تأجيل الإنتخابات، يؤكّد أنّه “حتى الآن

ليس هناك من طرف يتحمّل هذه المسؤولية التاريخية”، ويؤكّد أنّه “في

حال حصلت الإنتخابات لن يكون هناك تغيير جذري، وهي تعطي مؤشّر حول المزاج العام”.

وأين أصبح ما يُسمّى بالمجتمع المدني؟ فيلفُت إلى أنّه “أثبت أنه هو ضعيف و”مضعضع” ولا يختلف عن أهل السلطة ولم تستطع قوى الثورة هذه أن تُقدم بديلًا ولا نرى مشروعاً لها، ورغم ما نعيشه من أزمات فإنّ الخطاب الإنتخابي هو التحريض الطائفي نحن في مرحلة ترّقب كبير جدًا لكنّ هناك أمل فنحن أصبح لدينا مَناعة، وقد مرً علينا الكثير من المشاكل والضغوط والحروب التي جعلت لدينا مرونة نفسية أكثر”.

ودعا إلى “الكفّ عن النكايات خصوصاً بعد أنْ جرّبنا معادلة “خاسر خاسر” فخسِرنا جميعاً، وجرّبنا معادلة “خاسر رابح” لا الرابح حافظ على ربحه والخاسر بقي خاسر فآن الآوان أن ندخل بمُعادلة رابح رابح”.

ويقول: “لبنان يَسعنا جميعاً وعصيّ على التقسيم”.

ويعترفُ أنّ “غياب سعد الحريري أحدث إرباكاً لأنه شئنا أم أبينا هويمثّل الأكثرية في الشارع السني الكريم، صحيح أنّه أحدث إرباكاً لكنّ الطائفة السنية لا يُمكنها أن تعزل نفسها وهي أساس في الوطن”.

ولا يخفي أنّ “غياب الحريري له آثاره عمليا، فعدّة شخصيّات من الصف الأول غابت ولم تؤثر في المشهد، وهذا الغياب سيَنتج عنه بعض “الزعامات المحلية” عند السنة لملئ الفراغ ولكنّ لن نجد إلى غاية الآن من يَملأ الفراغ بشكلٍ كبير جدا، وكل المكوّنات الباقية حريصة على المكوّن السني لأن لبنان لا يصلح بدون أي مكوّن رئيسي”

ويُجدّد القول أنه حتى الآن لم “يأتِ أحد يملأ الفراغ الكامل الذي

تركه الحريري لكي نكون مُنصفين على الرغم من وجود عدد كبير من أصحاب الكفاءة عند السنة”، لذلك يُحذّر من أن يأتي أحد يستغلّ ويُتاجر ويبتز بإسم الطائفة السنية، هذه طائفة مؤسسة ومُنفتحة على الجميع وأساسية في لبنان ونحترم مزاجها “، ويؤكّد أنه “رغم الإختلاف السياسي مع سعد الحريري ولكن يمثل الأكثرية الموجودة في الساحة السنية، لذلك إعتبرنا عزوفه أمراً مُؤسفاً ونأسف للضغوطات الخارجيّة التي تسبَّبت بهذا القرار”.

لا شكّ أن إعلان الرئيس سعد الحريري، تعليق العمل السياسي وعدم خوض

الإنتخابات النيابية ترك فراغاً كبيراً على الساحة السنّية التي لطالما كان تيّار “المستقبل”، اللاعب الأكبر فيها والمُستحوذ على حصة الأسد في شارعها، من العاصمة بيروت الى صيدا والإقليم وطرابلس وعكار والبقاع الغربي، إذ كان يُشكّل نقطة الجذب الاكبر للسُنّة، حتّى أن سُنّة المناطق ذات الأغلبية الشيعية أو المسيحية، كانوا يرون في تيّار “المستقبل” ممثلاً لهم. ويمكن القول أن ما قدّمته هذه الطائفة للحريري الإبن في انتخابات 2005 و2009، لم تُقدمه لأي زعيم من قبل.

ومع غياب التيّار عن المشهد الإنتخابي ترشيحاً واقتراعاً، في ظلّ توجه

مناصري التيّار الأزرق لتبنّي خيار المقاطعة، إلاّ في حال إعطاء إشارات أخرى من قبل الرئيس الحريري، فمن المؤكد أن أي قوة سنّية أخرى لن تتمكّن من ملء هذا الفراغ بمفردها، وهذا ما تُبيّنه اللوائح التي تغيب عنها أي ترشيحات سنّية على مستوى جميع الدوائر ذات الثقل السنّي، حتّى أن دعم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة لبعض المرشحين اقتصر على دوائر مُحددة ولم يصل الى مستوى لوائح على صعيد لبنان. لذا فإن السيناريو الأرجح، سيكون تقاسم تركة الحريري من قبل مجموعة من الزعامات المحلية، والعائلات التاريخية، والشخصيات الدائرة في فلك تيّار “المُستقبل”، ونوابه الحاليين الذين خالفوا قراره بإعادة الترشح، ومُرشّحين جدُد يدورون في فلك ثورة 17 تشرين.

هذه الوراثة النيابية لتيّار “المُستقبل” من شأنها أن تُقابل “ببلوكات” طائفية

متينة لدى جميع الطوائف داخل مجلس النواب، فالشارع الشيعي سيبقى بيد

ثنائي “حزب الله – أمل”، وكذلك الكُتل المسيحية والدرزية، وإن سُجل تقدمٌ ما لنواب من طوائف مختلفة يملكون حيثيات مناطقية. هكذا يصبح خروج تيّار “المستقبل” من الساحة السياسية أبعد من مجرد اعكتاف، ليؤثر بدوره على الدور السُنّي التاريخي في صناعة تاريخ لبنان، وخصوصاً اذا ما تمّت مقاربته من ناحية الإستحقاقات التي تنتظر لبنان بعد الإنتخابات النيابية ولا سيّما الجانب الإقتصادي الذي سيُرسم بناءً على المفاوضات القائمة مع صندوق النقد الدولي.

في لبنان، جُرّب خيار المقاطعة في انتخابات عام 1992، وهدف في ذلك الوقت

لنزع الشرعية عن الإنتخابات المفصّلة على قياس حلفاء سوريا، ورغم الإختلاف

على تقييم هذه التجربة، إلاّ أنها ساهمت بشكلٍ أو بآخر، في خروج المسيحيين

من دائرة المشاركة في صناعة القرار. وفي حال اتخاذ الأغلبية السُنّية لهذا الخيار، فإن

مصير الدور السُنّي يصبح بخطرٍ أكبر من ذلك الذي تعرّض له الدور المسيحي، اذ لن

يقتصر على التراجع في المشاركة بصناعة

القرار فحسب، بل قد يصل الى درجة يصعب فيها استعادة هذا الدور، خصوصاً اذا ما أقرّينا بأن النظام

الطائفي اللبناني قادر على استثناء أي طائفة اختارت الخروج منه بطريقة أو أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى