فرنجية اقتنع بالا “نعم رئاسيّة”… وباسيل لبّى
على ابواب 35 يوما من استحقاق يترقبه كثر، وتتوجه له انظار الخارج قبل الداخل، وبعد اسبوع
على اقفال باب تسجيل اللوائح، التحق من التحق وطار من طار، وبعدما كان ما يعرف
بمحور 8 آذار معولا حتى اللحظات الاخيرة على جمع الحلفاء في صف واحد، والذهاب
موحدين لمعركة يعتبرها حزب الله بمثابة “حرب تموز” سياسية، ها هو حزب الله يفعلها
ويفاجئ الجميع، فيجمع حلفاء الامس خصوم اليوم، تحت رعاية شخصية من امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله.
بعيدا عن الاعلام ومن دون اية تسريبات مسبقة، تفاجأ الوسط السياسي والاعلامي صباح
السبت بخبر صادر عن العلاقات الاعلامية في حزب الله مفاده: “استضاف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على مائدة الإفطار مساء أمس الجمعة، رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل بحضور عدد من القيادات المعنية”. وذكرت العلاقات الإعلامية في حزب الله أنّ “اللقاء كان فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”. انتهى بيان حزب الله الذي اورد القليل القليل وترك لمخيلة المحللين والمتابعين التكهن بمضمون اللقاء، وما دار فيه من احاديث بعد انقطاع طويل بين الرجلين، وتباعد بين “المردة” و”التيار الوطني الحر” قارب الـ 6 سنوات، عمّقه انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية.
فما الذي حصل؟ وكيف رضي الطرفان اليوم ما كان يرفضانه في الامس ؟
لا يختلف اثنان على اهمية وحجم اللقاء، سواء في الشكل او التوقيت او المضمون، فمصادر
موثوقة تؤكد بان حزب الله “راعي الصلح” نجح بلمّ الصفوف وتوحيد المحور الاستراتيجي في
اصعب معركة يقودها الجميع ضده، لاسيما في وجه اولئك الذين “يدّعون معركة السيادة”
كشعار انتخابي، وهو تمكن من كسر حال الجمود الذي فرضته قطيعة الـ 6 اعوام بين فرنجية وباسيل،
ولو من دون فرض التحالف الانتخابي.
في الشكل والتوقيت، اتى لقاء الضاحية الطويل لافتا، اذ تكشف المعلومات ان اللقاء الذي
حضره الى رئيس “تيار المردة” ورئيس “التيار الوطني الحر” والأمين العام لحزب الله حلقة ضيقة
من معاوني السيد، دام ساعات عدة قاربت ال 4، تخللها افطار.
مدة اللقاء، دفع باحد المصادر المتابعة للقول: ” بدأ قبل الافطار وتخلله افطار واستمر لساعة
بعد الافطار”. وتصر المصادر على التأكيد بان جو اللقاء كان وديا وصريحا جدا، طلب خلاله السيد
نصر الله من الحليفين السابقين، والخصمين اللدودين اليوم “المهادنة ” سياسيا لا انتخابيا، حتى
تمرير هذا الاستحقاق و”بعدا لكل حادث حديث”.
وبحسب المعلومات، فقد شدد السيد نصر الله امام ضيفيه، على ان المرحلة مقبلة على خيارات
كبرى، ولبنان على مفترق طرق، ويجب خوض المعركة الانتخابية كفريق موحد لا مشرذم، داعيا
الطرفين لعدم السماح للخلافات الانتخابية او الشخصية ان تسيطر على الامور الاستراتيجية التي
تجمع بينهما
اما الضيفان باسيل وفرنجية فوعدا، بحسب المعلومات، السيد بوقف الهجوم السياسي من دون
ان يلغي ذلك التنافس الانتخابي المحتم، لاسيما في دائرة الشمال الثالثة، معقل المرشحين
المحتملين لرئاسة الجمهورية.
مصادر الاطراف الثلاثة، اصرت على التأكيد بان هدف اللقاء لم يكن انتخابيا، فحزب الله
كان يحضّر لارضية اللقاء، واكبر دليل انه لم يحصل قبل اقفال مهلة تسجيل اللوائح.
وعن السبب الذي ادى الى نجاح انعقاد اللقاء راهنا، بعدما كان الحزب يحاول جاهدا لجمع
باسيل وفرنجية بلائحة واحدة في الشمال من دون ان ينجح، ردت مصادر مطلعة على جو
اللقاء بالقول ممازحة: ” بوقتا ما كان مارشربل ادّخل بعد”، وفي ما يشبه الاشارة الى ان اللقاء المتأخر افضل من لا لقاء، والاجتماع كسر النفور، والاكيد انه يبنى عليه للمستقبل، وحزب الله “ما بدو اكتر من هيك” في المرحلة الراهنة.
وكشفت المصادر ان اللقاء ساده انفتاح من الطرفين وبلا اي شروط، غامزة من قناة “الطموحات
الرئاسية”، بما معناه ان اللقاء لم يخرج باية وعود لاي طرف، ولم يناقش بموضوع الاستحقاق
الرئاسي الذي له “معطيات اقليمية قد تفرضه في حينه”.
ولكن لماذا قبل فرنجية اللقاء مع باسيل اليوم، فيما كان رافضا في الامس؟ علما ان الرجل
مهد للحوار مع التيار في كلامه الاخير عن “اننا مستعدون للحوار مع الجميع”. اوساط مطلعة تجيب
ان فرنجية كان رافضا اي لقاء مع باسيل من دون حصوله وضمانه شروطا مسبقة تتعلق
“بوعد رئاسي” مسبق من السيد نصر الله، بالسير به رئيسا للجمهورية في المرحلة المقبلة، الا ان حزب الله لم يلب هذا الطلب وهو اصر على ان هذا الموضوع يبحث لاحقا وله توقيته المناسب
وهنا تكشف المعلومات ان باسيل كان “اطرى” من فرنجية سابقا تجاه اي لقاء يجمعه معه بمعيّة حزب الله، وكان مستعدا لذلك، الا ان فرنجية ظل رافضا حتى بات على قناعة بان حزب الله ليس بوارد اعطاء اي وعد لاي شخص في المرحلة الراهنة، فتراجع وسلّم بوجوب توحيد الصف خدمة للاهداف الاستراتيجية الكبرى، علما ان بعض المعطيات افادت بان هناك من نصح فرنجية بعدم القبول بعقد لقاء مع باسيل قبل الانتخابات النيابية، الا ان الرجل الزغرتاوي عاكس هؤلاء وارتضى بعقد اللقاء.
وعليه، تشير الاوساط الى ان ما اراد ايصاله السيد نصر الله من رسالة واضحة خلال اللقاء مفادها: ” فلنمرر الاستحقاق النيابي ولنتوحد كمحور استراتيجي، وبعدا لكل حادث حديث”…فكان له ما اراد!
من هنا تنطلق الاوساط المتابعة لتؤكد، بان نصر الله لم يعط وعدا لا لباسيل ولا لفرنجية باي امر مستقبلي، وهو ركز على وجوب خوض الانتخابات لمحاولة الفوز بالاكثرية.
ولكن اين سيقف حزب الله في الانتخابات ؟ ولصالح من ستصب الاصوات الشيعية حيث التنافس بين “المردة” و”التيار” في اوجّه؟ اوساط مطلعة على جو حزب الله تكشف بان الحزب سيمنح الطرفين و”مطرح ما بيكون سليمان محتاج بيعطي ومطرح ما بيكون جبران عايزنا رح نوقف حدو!
على اي حال وبالانتظار، فالاكيد ان المصالحة او المهادنة تمت بين باسيل وفرنجية، وقد نجح السيد نصر الله بتغليب المصلحة الاستراتيجية على المصالح الشخصية واعادة رص الصفوف وتمرير الاستحقاق النيابي وبعده الحكومي الى حين نضوج الامور رئاسيا و”بعدا منشوف”!
وفيما اكدت كل المعلومات، بان النوايا كانت صادقة خلال لقاء الضاحية، كشفت بان باسيل وفرنجية اكدا انهما من الفريق السياسي الاستراتيجي نفسه ، وقالا : “صحيح ان امورا عدة نختلف فيها ببعض التفاصيل، لكننا في السياسة الاستراتيجية الكبرى فنحن في خندق واحد”، وتابعا: “بالماضي كنا هيك وبالمستقبل رح نبقى هيك”!
وبحسب المعلومات ايضا، ان لقاء الضاحية سيؤسس حكما للمرحلة المقبلة وهو سيتبعه تواصل مرتقب بين باسيل وفرنجية، وقد يكون على شكل اتصال تهنئة بالعيد!
باختصار فعلها السيد نصر الله، وخرج من لقاء الضاحية مسجلا مرة جديدة انتصارا سياسيا بلا شروط مسبقة، ودون ان يمنح الضوء الاخضر الرئاسي قبل حلول موعده، ولو انه قال ذات يوم على ابواب استحقاق رئاسي حسم آنذاك موقف السيّد تجاه عون: “ميشال عون عين، وفرنجية العين التانية”، فهل يمنح نصر الله “النَعم الرئاسية” الموعودة لعينه الثانية بلون اخضر هذه المرة؟ او يعود للعين الربتقالية مرة جديدة بعدما منيت باقسى العقوبات الاميركية وكلفت مسارا ومصيرا سياسيا مطوقا من الجبهات الكافة؟
“بكير على هالحكي” تختم اوساط مطلعة على جو حزب الله!
جويل بو يونس – الديار