تطيير الانتخابات ما بين الواقع والاحتمال!
بالرغم من إنجاز كل التحضيرات المرتبطة بإجراء الانتخابات النيابية، وبالرغم
من أن كل الاحزاب السياسية أعدّت عدّتها وبدأت تسير ضمن مسارات
واضحة على مستوى الجهود التنظيمية والمالية لخوض المعركة المفصلية
الا أن هناك ثغرة غير مفهومة تسيطر على جوّ الرأي العام والقوى السياسية
تقول بأن حصول الانتخابات النيابية في موعدها المُحدّد لا يزال أمراً غير محسوم.
هذه الفرضية التي تتقدّم مع تقدّم الوقت من دون أن تخضع لكل المؤشرات
والمعطيات العملية التي تحصل في ارض الواقع، مبنية على تسريبات سياسية
عامة وتفاصيل تقنية اخرى. واذا كانت الاجواء السياسية العامة باتت معروفة والتي تؤكد
أن معظم القوى السياسية لا تُريد إجراء الانتخابات، حيث أن الواقع السياسي والمالي
لن يسمح لها بتحقيق النتيجة المرجوّة لأنّ ثمة هواجس حول طبيعة الفوز ومدى قوّته،
فإن الاسباب التفصيلية التقنية وغير التقنية هي عوامل ذات تأثير كبير أيضاً.
وفق مصادر مطّلعة فإن الأزمة المعيشية والفوضى الأمنية التي تصاعدت حدّتها
مؤخراً حيث شهدت بعض المناطق موجة اشتباكات بالاضافة الى تزايد عمليات الإخلال بالأمن، قد تكون احدى المسبّبات الرئيسية في حال ازداد تفاعلها في الاسابيع المقبلة التي تهدّد جدّياً حصول الانتخابات وذلك لعدم قدرة الاجهزة الامنية على ضبطها والسيطرة عليها في الظروف الطبيعية فكيف سيكون الحال في ظلّ
الانهيار الحاصل.
ولعلّ اولى الاسئلة تُطرح حول سعر صرف الدولار الذي بدأ يرتفع تدريجياً، وهذا الامر
إذا ما استمر في مساره التصاعدي سيهدّد القوى السياسية بهزيمة نكراء، إذ إن المجتمع برُمتّه سيكون تحت تأثير صدمة ارتفاع الاسعار الجنوني وبالتالي سيثأرون من الواقع اما بمقاطعة الانتخابات او بالتصويت ضد لوائح الاحزاب، كما انّ المزيد من التدهور قد يؤدي الى تصعيد شعبي في مختلف المناطق اللبنانية.
وتقول المصادر أيضاً بأنّ ثمة ثغرة ادارية مالية لوجستية وهي ثغرة اقتراع المُغتربين
. ففي حين وجود مساعٍ جدية لتأمين تمويل للسفارات في الخارج لحصول العملية الانتخابية بسلام، يبقى تعثّر التمويل عاملاً أساسياً، كما أن اضراب الجهاز الديبلوماسي قد يكون سبباً لتطيير انتخابات المغتربين والتي ستجعل القوى السياسية أمام خيارين؛ اما تطييرها فعلا او تأجيل الاستحقاق بأكمله.
من جهة اخرى، تشير أوساط متابعة الى وجود عامل سياسي، الامر الذي لا يبدو
مرجّحاً، ويركّز على رغبة المملكة العربية السعودية بعد عودتها الى لبنان بلملمة حلفائها
الامر الذي لا يمكن حصوله بعدما شُكلت اللوائح وأُقفل باب تسجيلها، لذلك فإن احتمال التأجيل، بحسب الاوساط، قد يكون وارداً لاعادة رصّ الفريق المعارض لحزب الله.
لكن مصادر اخرى اعتبرت أن هذا الطرح لا يبدو منطقيا، لأن المملكة العربية السعودية
لو كانت ترغب بهذا الامر لآثرت عودة السفير السعودي وبدء حراكه السياسي
والاجتماعي قبل المهل المحددة.
كل ذلك يفتح الباب امام فرضية تأجيل الانتخابات علماً أن الحكومة اللبنانية تبذل
جهوداً جدية من اجل اجرائها في الموعد المحدد، وحتى اللحظة فإن القوى السياسية
والدولية المعنية وتحديدا “حزب الله” والولايات المتحدة الاميركية لا يظهرون أي
رغبة بعرقلتها بعكس ما يدور من اتهامات واتهامات مضادّة.