اخبار محلية

هاجس التّغيير… ومُفاجآت صناديق الإقتراع

المركزية

على مسافة 30 يوما من موعد الإنتخابات النيابية المقررة، يتفاعل هاجس التغيير لقلب موازين القوى وتغيير المعادلة وانتزاع الأكثرية النيابية ما يجعل من هذه الحسابات ركيزة لتحديد مصير انتخابات 2022 والتي ستتبعها المعركة المفصلية والإستحقاق الأهم بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في تشرين الأول 2022. وإلى هاجس التغيير ثمة دوافع تتخطى الأطر المحلية لإجراء الإنتخابات منها الحركة الدبلوماسية الجديدة وعلى رأسها عودة سفراء دول الخليج إلى لبنان مما يؤشر لحصول الإنتخابات في موعدها عدا عن أن الواقع الراهن لا يحتمل أي فراغ دستوري يفرضه التأجيل.

وانطلاقا من معادلة من يستطيع أن يعطّل الانتخابات لا يرغب بذلك، ومن لديه الرغبة في تطييرها لا يملك القدرة على ذلك فالأرجحية تبقى بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ بعكس التأجيل الذي هو في المطلق غير دستوري. فهل يكون اللبنانيون على مستوى طموحات ومعارك المرشحين على لوائح المعارضة ومجموعات ثورة 17 تشرين، لا سيما وأنها الإنتخابات النيابية الأولى التي تجرى بعد الثورة؟

رغم حملات المرشحين على لوائح المعارضة التي تحضّ الناخبين على الإقتراع بكثافة، إلا أن معظم الإستطلاعات تُظهر حتى اللحظة أن هاجس تبدّل التركيبة البرلمانية يقتصر على الشعارات المرفوعة على اللوحات الإعلانية والبرامج الإنتخابية التي تدور كلها في فلك التغيير المنشود بهدف الوصول إلى المجلس النيابي وسيقتصر على زيادة عدد النواب في بعض الكتل ومنها كتلة “القوات اللبنانية” وانخفاضهم في كتل أخرى ومن أبرز الخاسرين – ودائما وفق رأي القيمين على الإستطلاعات – كتلة “لبنان القوي” التي أظهرت النتائج انخفاض نسبة مؤيديها بحدود 50 في المئة. أما بالنسبة إلى “الثنائي الشيعي”، فتشير الإستطلاعات إلى عدم حصول أي تغيير لجهة انخفاض عدد نوابه لا بل يرجح ارتفاع العدد بنسبة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في حال حصول مفاجآت في صناديق الإقتراع، وهذا ما هو متوقع. فعن أيّ تغيير يتكلّمون؟

“كما في كل مرحلة مفصلية، لنكتشف ونتعلم”، يقول النائب السابق فارس سعيد ، ومن مرحلة الإنتخابات النيابية يفنّد ملاحظاته الآتية: “اكتشفت في هذه المرحلة مدى تراجع وضع المسيحيين ليس على المستوى الإقتصادي والمعيشي ومدى قدرة العائلات المسيحية على تجاوز الأزمة، إنما أيضا على الوضع السياسي. وكان يفترض على النخب المسيحية بعد العام 2005 وبعد استرجاع الأحزاب شرعيتها الإدارية والسياسية والشعبية أن تكون موجودة فلا تكتفي بأن تكون متابعة للأحداث بهدف إعادة تكوين سبب وجودي وسياسي في لحظة سياسية شديدة الخطورة سواء في المنطقة أو العالم”.

يقارب سعيد المرحلة اليوم بتلك التي عاشها لبنان بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مع سقوط الأمبراطورية العثمانية وبداية الإنتداب الفرنسي البريطاني. “يومها أخذ المسيحيون قراراً وأنشأوا لبنان الكبير. اليوم لا ألمس مدى تقدير خطورة هذه المرحلة حيث من الممكن أن تُشطب فيها شعوب وطوائف ومجموعات إذا ما أدركت قراءة الأوضاع وتجاوزها. ولسوء الحظ أن الأحزاب السياسية اختزلت العمل السياسي بالسلطة، والسلطة بالنفوذ والنفوذ بالإنتخابات، والإنتخابات بالحزب والحزب بالشخص”.

بعيدا من السلطات السياسية، ثمة دور للسلطة الكنسية التي

يعول عليها اللبنانيون وتأتي زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان

في حزيران المقبل لتكرّس هذا الدور وتعيد فائض الأمل والطاقة للبنانيين. 

وفي هذا السياق، يردف سعيد: “تشكل الكنيسة حجر الأساس

في هذه المرحلة وإن كنا لا نلمس مدى قيادتها المعنوية في

مواكبة الأحداث إذ إنها  تحتاج إلى الإحاطة بمجموعات نخبوية

وسياسية ومراكز دراسات وكلها غير متوافرة . فالجامعات تغرق في همومها الأكاديمية وكيفية تأمين حاجاتها. والنُخب

هاجرت إلى الخارج والإنهيار يشمل الجميع وقد طال تحديداً رغبة

المسيحيين بالبقاء في هذه المنطقة مرفوعي الرأس ومن خلال

تفاعلهم مع الآخرين والمحيط وخاصية الآخرين وليس في ظل هذا الفريق إذا ما رضيَ عليهم او ذاك”.

تبدو مقاربة الأمور والأحداث عشية الإنتخابات المفصلية التي يرجو

منها اللبنانيون تغييرا يضمن بقاءهم وعيشهم بكرامة وسيادة في هذا الوطن شبه تعجيزية. ولعل أصعبها العودة

إلى ما كان عليه لبنان وشعبه “قبل 100 عام كنا حاجة إستشفائية

وتربوية وعلمية ومصرفية، وكانت بيروت عاصمة قطاعي المال

والمصارف لكل العالم العربي  وليس مجرد مدينة وعاصمة،

والمؤسف أن لا أحد يواكب هذا الإنهيار الكبير. أكثر من ذلك، يخطئ

من يظن أن اختزال السياسة في الإنتخابات النيابية لوصول هذا

المرشح أو ذاك يحدث تغييرا أو يخرجنا من هذا النفق المظلم”.

ويختم سعيد: “الفراغ السياسي المتمثل في السلطة والمؤسسات والقضاء والأحزاب

إضافة إلى الفراغ المعنوي والإقتصادي والإجتماعي والتربوي والإستشفائي

في المجتمع لا يعالج في الإنتخابات، والتغيير المنشود لا يتحقق إذا

ربح هذا المرشح أو ذاك، إنما من خلال الوعي وإدراك خطورة هذه اللحظة.

وحتى اللحظة لم ألمس هذا الوعي. من هنا سعينا الدؤوب في لقاء سيدة

الجبل والمجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان لإعادة تكوين بوتقة 

تفكر بمستقبل هذه المنطقة ومصلحة اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصاً

ليعيشوا بصفة مواطنين وليس كأهل ذمة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى