بعد إعادة انتخابه.. هل يستعدّ ماكرون لإحياء “المبادرة الفرنسية” في لبنان؟
بعد إعادة انتخابه.. هل يستعدّ ماكرون لإحياء “المبادرة الفرنسية” في لبنان؟
مع إعادة انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسًا لولاية
ثانية في فرنسا، عقب فوزه على “غريمته”
مارين لوبان في الجولة الثانية من
الانتخابات الرئاسية، “استبشر” الكثير من
اللبنانيين “خيرًا”، باعتبار أنّ الملف
اللبناني لطالما شكّل “أولوية” لدى
الرئيس الفرنسي، ولو انشغل عنه في الآونة
الأخير، ربطًا بالاستحقاق الانتخابيّ وما أحاط به من ملابسات
ولأنّ لبنان حضر أساسًا في البرنامج الانتخابي لماكرون،
الذي تعهّد بمواصلة ما بدأه في هذا البلد، رغم كلّ الصعوبات والمعوّقات، ثمّة من اعتبر أنّ “المبادرة الفرنسية” التي خفّ وهجها في الآونة الأخيرة، قد “تنتعش” من جديد في المرحلة المقبلة، حيث قد يبحث الرئيس الفرنسي عن تحقيق “إنجاز”، خصوصًا في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية.
إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فهل
يستعدّ الرئيس الفرنسي فعلاً لإعادة “إحياء” المبادرة الفرنسية في لبنان؟ وهل تتوافر له “المقوّمات” المطلوبة لذلك؟ وهل يمكن أن ينجح أساسًا في ما عجز عنه في الولاية
الأولى؟ وكيف سيتلقف الأفرقاء اللبنانيون المسعى
الفرنسي، بعدما “انفتحوا” عليه سابقًا، إلا أنّهم
“ضيّقوا عليه” بشكل أو بآخر؟!
ماكرون “راجع”
يؤكد العارفون بالسياسة الفرنسية ودهاليزها أنّ
المبادرة الفرنسية لم تنتهِ أصلاً ولم تتوقف، ولو أنها تراجعت لعدّة أسباب واعتبارات، بينها ما هو مرتبط بالسباق الرئاسي الفرنسي وانشغال ماكرون به، ولكن بينها أيضًا ما هو مرتبط بالاستحقاقات اللبنانية الداهمة، من الانتخابات النيابية المفترضة في غضون أسبوعين، إلى ما سبقها من مفاوضات مع صندوق النقد، وخطة التعافي المالي، وكلّها تصبّ في خانة “جوهر” المبادرة الفرنسية.
ويشير هؤلاء إلى أنّ الرئيس الفرنسي لم يتخلّ عن
لبنان، ليعود إليه اليوم، ولكن الظروف هي التي فرضت
نفسها، حيث كان الفرنسيّون واضحين منذ البداية بأنّ
المطلوب من لبنان أن ينجز ما عليه أولاً،
لتنتقل المبادرة الفرنسية
إلى مرحلة جديدة، وقد كان شعار “ساعدوا أنفسكم
” أكثر من معبّر في هذا الإطار، وهو لا يزال ساريًا
حتى اليوم، حيث ينتظر الفرنسيون ما ستحققه
الحكومة اللبنانية على هذا الصعيد.
لكنّهم يؤكدون في الوقت نفسه، أنّ العمل الفرنسي
لم يتوقف خلال الفترة الماضية، بالتنسيق مع الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي،
وذلك مع الدول المعنيّة بالشأن اللبناني، بدليل ما أعلن في الأيام القليلة
الماضية عن صندوق فرنسي سعودي لمساعدة الشعب اللبناني،
والذي يشكّل “نواة” لمساعدات أعمّ وأشمل ينبغي أن تبصر النور بعد الانتخابات النيابية،
وبدء العمل الفعلي والجدّي من جانب لبنان بما يلبّي تطلعات المجتمع الدولي.
كيف يتلقّف اللبنانيون؟
وسط ذلك، تُطرَح الكثير من علامات الاستفهام عن كيفية التعامل اللبناني
مع “المبادرة الفرنسية” بنسختها الجديدة، المنقّحة إن جاز التعبير،
خصوصًا أنّ هناك من يعتبر أنّ هناك في لبنان من
لا يزال يضع “الألغام” في وجه هذه المبادرة، ولو جاهر بعكس ذلك، تارة
من خلال التشويش على المفاوضات مع صندوق النقد، وطورًا من خلال
عرقلة الآليات التنفيذية، بدليل ما جرى على سبيل المثال مع قانون “الكابيتال كونترول
وإذا كان كلّ شيء في لبنان مؤجَّلاً إلى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة،
التي قد تتبلور معها “ملامح” التعامل مع المبادرة الفرنسية وغيرها من الملفات،
في ظلّ السباق على “انتزاع” الأكثرية النيابية الجديدة، فإنّ أغلب الظنّ أنّ الاستحقاق
المنتظر لن يفضي إلى “تغيير جذري” على هذا الصعيد، وأنّ “التوافق” سيبقى عاملاً
حاسمًا في تحديد الأطر العملياتية لتطبيق المبادرة الفرنسية.
من هنا، يعتقد كثيرون أنّ المطلوب من القوى السياسية أن تعتمد
“مقاربة جدية” بعد الانتخابات، لتسرع بتشكيل حكومة من دون إبطاء
أو صراع على الحصص، لتواصل ما بدأته الحكومة الحالية،
التي أسّست لـ”نواة” مشروع الإنقاذ، على أن يواكبه المجلس النيابي
المنتخب بالتشريعات اللازمة، بعيدًا عن “الشعبوية الانتخابية” التي
يرى البعض أنّها لم تكن “موفّقة” في زمن “الانهيار” الذي بات يضرب كلّ القطاعات.
فرِح بعض اللبنانيين بفوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبقائه في قصر الإليزيه،
باعتبار أنّ ذلك يؤشر إلى مواصلة السياسة الفرنسية الداعمة للبنان حتى العظم.
لكنّ الأكيد أنّ لا ماكرون ولا غيره يستطيع أن يحلّ مكان اللبنانيين أنفسهم،
الذين عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية أخذ زمام المبادرة، والمضيّ في مشروع “الإنقاذ”
، الذي بات أكثر من ضروري، في ضوء المنحى “الدراماتيكي” الذي تأخذه الأزمة.