حملات “غير بريئة”.. هل يتحمّل النوّاب الجدد مسؤولية “تحليق” الدولار؟!
لم يمرّ أسبوع بعد على بدء مجلس النواب لولايته، حتى بدأت “الحملات” على بعض “الوافدين الجُدُد” إليه، تارةً لكونهم أثبتوا “تفوّقهم” في لعبة “الميديا والتسويق”،
لكنّهم لم يترجموا ذلك على الأرض،
وطورًا لأنّهم يعتمدون “الشعبوية” ويبتعدون عن البراغماتية، وبين الإثنين، لأنّهم لم “يثوروا” من داخل المؤسسات هذه المرّة، على قرار رفع الأسعار في قطاع الاتصالات، الذي يدخل حيّز التنفيذ مطلع تموز المقبل.
ثمّة بين مناصري الأحزاب التقليدية خصوصًا، من ذهب أبعد من ذلك، إذ هاله “تحليق” سعر الصرف في السوق الموازية، وعودة العملة الوطنية إلى مسلسل “الانهيار”، وتسجيلها المزيد من الأرقام القياسية، فلم يجد سوى النواب الجُدُد لتحميلهم المسؤولية، وليسألهم عمّا هم “فاعلون” إزاء هذا الوضع “الكارثيّ”، وكأنّهم يحملون “عصا سحرية” للإنقاذ بمجرد وصولهم إلى ساحة النجمة، ولا سيما أنّهم وعدوا بـ”التغيير” في حملاتهم الانتخابية.
وتوازيًا مع هذه “الحملات”، انتشرت الكثير من المعلومات عن انشغال بعض النواب الجدد بمطالب يصحّ وصفها بـ”الولادية”، تتعلّق بلوحات سياراتهم، ومواقع مكاتبهم في مجلس النواب، وما إلى ذلك، ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول أحقية “الحملات” التي تُشَن على نواب “التغيير”، والتي يصفها كثيرون بـ”غير البريئة”، ولكن أيضًا حول “النَّفَس” الذي يدخل به هؤلاء النواب إلى البرلمان، وقد عُلّقت الكثير من الآمال عليهم.
وبمُعزَلٍ عن المعلومات التي تمّ تداولها حول مطالب النواب الجُدُد المرتبطة بـ”المظاهر”، ثمّة العديد من “الملاحظات” التي يطرحها البعض حول “أداء” النواب الجُدُد في أسبوعهم “البرلماني” الأول، يرتبط معظمها بـ”الشعبوية”،
ولا سيما مع الصور المسرَّبة التي أرادوا الإيحاء منهم أنّهم “من الناس”، وبالتالي أنّ شيئًا لم ولن يتغير في نمط حياتهم، لكنّها قد تؤدي لمفعول “عكسي”، وفق مبدأ “المبالغة”.
وثمّة أيضًا من ينتقد النواب الجُدُد لقضائهم أسبوعهم
الأول عبر الإعلام، بدل الانكباب على العمل، حيث
رُصِدوا على كلّ الشاشات وفي كلّ البرامج الحوارية،
حتى إنّ أحد النواب لم يتنقّل بين الشاشات على مدار اليوم الواحد فحسب، بل لم يترك برنامجًا “يعتب عليه” على محطة واحدة، فتحوّل إلى “ضيف ثابت” على كلّ برامجها، وإن كان لدى هؤلاء “تبريرهم” بأنّهم يسعون لعرض “برامجهم وخططهم” قبل بدء العمل.
وفي ظلّ هيمنة “البروباغندا والشعبوية“، إن جاز التعبير،
ثمّة من “لام” النواب الجُدُد لأنّهم لم “ينتظموا” حتى
الآن في كتلة أو تكتل واحد، رغم كلّ ما حُكي عن
اتصالات خلف الكواليس واجتماعات تحضيرية وتمهيدية، علمًا أنّ ما زاد الطين بلة تمثّل في الحديث المتزايد عن “تباينات واختلافات” بين هؤلاء النواب،
عزّزت المخاوف من “شخصانية” البعض، التي قد “تطيح” بكلّ المكاسب المحقّقة، مكرّرة “سيناريوهات” خبرها اللبنانيون جيّدًا.
لكن، إذا كانت هذه الملاحظات تحتمل “الصواب” في مكان، وتبدو “موضوعية” إلى حدّ بعيد، فإنّ “الحملات” التي تُشَنّ على النواب الجُدُد في المقابل، تفتقد للكثير من “المنطق”، والحدّ الأدنى من “الاحترام”،
وفق ما يقول العارفون، الذين يستغربون “تمادي” البعض في
تحميل نواب لم يمرّ على وجودهم أسبوع واحد في البرلمان،
مسؤولية أزماتٍ لا ناقة ولا جمل لهم فيها، وعمرها سنوات
طويلة، لم يكونوا فيها جزءًا من “منظومة الحكم” التي يعارضونها.
لعل اللافت في هذا السياق أن يُحمَّل النواب مسؤولية
“تحليق الدولار”، وهو الذي لم “يثبت” إلا عشية الانتخابات لأسباب معروفة، كما أن يُلاموا لأنّهم لم يتحرّكوا رفضًا لقرار رفع الأسعار في قطاع الاتصالات، بعدما صعد نجمهم بسبب “انتفاضتهم” على “ضريبة الواتس اب” الشهيرة،
ما يطرح أسئلة بالجملة حول “ازدواجية” من يشنّون
الحملات، الذين يدركون أساسًا أنّ هذا القرار جاء
قبل بدء ولاية النواب الجُدُد، وأنّه تمّ التمهيد له لأشهر طويلة سابقة.
ولعلّ الأهمّ الذي يتعيّن على الكثيرين إدراكه
وفق ما يقول المتابعون، فهو أنّ الحضور في
البرلمان لا يحوّل النواب تلقائيًا إلى جزء من
“المنظومة الحاكمة”، خصوصًا إذا لم يدخل
هؤلاء في صلب الحكومات، وهو المرجَّح، إلا
أنّهم سيكونون أمام “امتحان” أقسى وأصعب،
يكمن في “تكريس” المعارضة، التي “غيّبها”
أركان الحكم، حين حوّلوا الحكومات إلى “ميني
برلمان”، فأضحت المفاهيم “مختلطة”
بالنسبة إلى كثيرين، وهنا بيت القصيد.
لا يزال من المبكر لأوانه الحكم على أداء النواب الجُدُد، طالما أنّ البرلمان لم يعقد أولى جلساته بعد، وأنّ العمل “الجدّي” في التشريعات والقوانين لم يبدأ بعد.
لأنّ أحدًا لن يصدّق أنّ نواب “التغيير” ( مجلس النواب )
مسؤولون عن “التحليق الجنوني” لسعر الدولار مثلاً!
مواضيع ذات صلة
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af/