اقتصاد

الحلول الجيّدة للخروج من الأزمة الإقتصادية والنوايا السيّئة!

الأزمة الإقتصادية والنوايا السيّئة مشاريع الحلول والأفكار الجيّدة والمبتكرة للخروج من الأزمة موجودة ومطروحة من أكثر من طرف، وحتى هناك خطط بديلة تقدم بها

وزراء ونقابات وخبراء ولم يتم التعامل معها بجديّة لسبب

واضح ووحيد وهو أن هناك مشروعاً واحداً قيد التنفيذ منذ انفجار الأزمة وحتى الآن.

في نفس الوقت، هناك فورة من مشاريع التعمية والطروحات الأيديولوجية التي تتسلل إلى النقاش الإقتصادي لتصفية ثأر قديم مع النموذج الإقتصادي إن وجد،

أضافةً إلى الحملات المنظمة التي تسوّق لمصالح معيّنة لأطراف داخلية أو لمجموعات الضغط ومن ورائها من جهات لها مصالح وحسابات في الوضع اللبناني.

رغم عمق الأزمة وجدّية الموقف الصفة الغالبة على كامل النقاش المالي والإقتصادي هي انعدام المنطق وغياب المقاربة العلمية والسعي الدائم إلى

تهريب حلول معلّبة تخدم مصالح معروفة تارة

بحجة التوافق عليها مع صندوق النقد الدولي وطوراً تحت ضغط حملات البروباغندا والشيطنة من اليسار واليمين والوسط ومن وراءهم.

الأزمة الإقتصادية والنوايا السيّئة


العفو العام المالي

ما تسعى إليه المنظومة هو نوع من عفو عام مالي عن نفسها وعن ارتكاباتها على مدى عقود يستمد بعض «شرعيته» من اتفاق أولي على مستوى الموظفين مع صندوق النقد،

ويستكمل شرعيّته بالقوانين المنوي إقرارها في المجلس النيابي الجديد. هدف هذا المشروع هو القفز فوق ضرورة تحديد المسؤوليات وتطبيق مبدأ المحاسبة والتدقيق الجنائي في أسباب وتفاصيل أحد أكبر الإنهيارات المالية والإقتصادية في التاريخ الحديث. لقد وجد أنصار هذا الخيار من أبناء المنظومة وجماعة المستشارين الطامحين ومجموعات الضغط ورعاتها الخارجيين كبش محرقة مثالياً،

ليتم تحميله الخسائر والأعباء ونتائج أكثر من ثلاثين عاماً من البهلوانيّات الماليّة والهرطقات الإقتصادية، هذا الطرف هو المودعون أو ما تبقى من هؤلاء بعد هروب النافذين واستمالة «المزعجين» منهم.ليتم تحميله الخسائر والأعباء ونتائج أكثر من ثلاثين عاماً من البهلوانيّات الماليّة والهرطقات الإقتصادية، هذا الطرف هو المودعون أو ما تبقى من هؤلاء بعد هروب النافذين واستمالة «المزعجين» منهم.

وتكون خاتمة هذا المشروع الرؤيوي بالإسراع في إقفال الملف تحت ضغط الوضع الإقتصادي وتفلت الأسعار والحملات الإعلامية،

وهكذا تطوى الصفحة تحت عنوان «عفا الله عمّا مضى» و «النهوض الإقتصادي أهم من الودائع» ومقولة «كان عليهم أن يعلموا»، لأن الطغمة الحاكمة وزبانيتها بدأوا بإخراج أموالهم منذ 2016.

إعادة الخدمات المصرفية إلى لبنان

لبنان لم يعد يحتمل الإستمرار في التعايش مع بنوك

الزومبي المفلسة إحتيالياً مع إستمرار الإعتداء على

حقوق الناس والتحايل على القانون. فالبلد بحاجة إلى خدمات

مصرفية منتظمة وموثوقة اليوم قبل الغد لتواكب

محاولات وقف الإنهيار والخروج من الحفرة، وكل

هذا لا ينتظر إعادة هيكلة المصارف وتنظيف القطاع المالي بأكمله

والصفقات المرافقة والذي لم يبدأ بعد رغم مرور ثلاث

سنوات على إنفجار الأزمة. فالمنطق البسيط

يفرض اللجوء إلى الإتفاق مع بضعة بنوك عالمية وعربية قد تكون

مهتمة بالإستثمار في السوق اللبناني، فتدخل وتقدم الخدمات المصرفية للأفراد والشركات تحت إشراف دولها ووفقاً لقوانينها خلال مرحلة إنتقالية.


صفحة جديدة وإقتصاد جديد

بعد إعادة الخدمات المصرفية الأساسية، لا سبيل

لفتح صفحة جديدة وبناء إقتصاد متماسك

وقوي يخدم دور لبنان بين إقتصادات المنطقة ومستقبل شعبه،

إلّا بمحاسبة شاملة تلقي الضوء على الأسباب

الحقيقية التي أدخلت بلداً وشعباً بكامله في

إحدى أصعب الأزمات في التاريخ. وعلى خلاف ما يدّعي الكثيرون،

التنظيف العميق للنظام اللبناني ممكن ولكنه

سوف يصطدم بالكارتيل الكبير المتجذّر والذي

يتقاسم كل شيء ويدير كل جوانب الحياة. خطوات

صعبة لكن ضرورية للإصلاح الحقيقي والخلاص

النهائي من الذهنية المافيوية وممارساتها. فلا صفحة جديدة دون المحاسبة وتوزيع المسؤوليات:

p1 – إلغاء السرية المصرفية بالكامل واعتماد المعايير العالمية في مكافحة الفساد والتهرّب الضريبي والإقتصاد الموازي.

2 – التدقيق الجنائي بالقيود المصرفية لجميع الأفراد

والمؤسسات العامة والخاصة ووضع اليد على

جميع الأموال والأملاك التي يعجز أصحابها عن إثبات مصادرها.

يظهر التدقيق الجنائي أيضاً كل الأموال التي

عبرت في النظام المصرفي ثم حُوّلت إلى الخارج،

كما بإمكانه أن يكشف قسماً كبيراً من أموال المضاربات والتبييض

والتهريب كما أموال الأنظمة البائدة التي عبرت أو استقرّت في المصارف اللبنانية، مستفيدة من سرية مصرفية هي أقرب إلى أومرتا المافيا.

3 – بعد التدقيق في الحسابات سوف يكون مصير

أرقام كبيرة جداً منها الحجز أو المصادرة أو الشطب،

كما ستتكوّن ملفات تمكن الجهات

المسؤولة من ملاحقة المرتكبين

والحجز على أموالهم وممتلكاتهم وثرواتهم في مختلف بلدان العالم، وصولاً الى إسترجاع هذه الأموال من الخارج عبر دعاوى قضائية أو اللجوء إلى الهيئات الدولية التي تُعنى بمثل هذه الحالات.

4 – التدقيق العلمي في الحسابات سوف يؤدي إلى

تحديد الأموال النظيفة والخالية من الشبهات التي

جناها المغتربون والمتقاعدون والتي يجب إعادتها إلى أصحابها

بكاملها وبعملاتها الأساسية. هذا يمكن أن يكون المدخل العادل والقانوني لمعضلة الودائع الشرعية. أمّا الحسابات المشبوهة، فإما تصادر لمصلحة أحد الصناديق

السيادية للإستثمار أو تشطب. (نعم هذا يبدو ضرباً

من الخيال العلمي مع وجود مافيا متجذرة لا تزال

حتى هذه الساعة تهندس وتوزع الريع على الأزلام).

5 – القطاع المالي والمصرفي اللبناني بحاجة إلى نفضة كبيرة وإعادة تكوين بدءاً بالقوانين المنظمة وصولاً إلى إعادة إنشاء مصرف مركزي وقطاع مصرفي مناسب لحجم الإقتصاد اللبناني ودوره في المنطقة والعالم.


6 – الإصرار على المحاسبة وإسترجاع الحقوق

العامة والخاصة من مال عام منهوب وودائع

محجوزة سوف يكون له أثر كبير

على مستقبل البلد ونهوضه الإقتصادي

وتحديداً في إعادة بناء الثقة. فالنقد والإقتصاد

والإستثمار والمصارف والسياحة جميعها

قائمة على «الثقة» أولاً وقبل الخطط والمشاريع. فاسترجاع الثقة سوف

يكون له مردود اقتصادي ومالي مهم

جداً يمكن تقديره برقم معيّن من قبل الجهات المتخصصة.

الحرب الكونيّة وأنواع الصناديق

لا بد هنا من التطرق إلى مسألة الجدال الدائر

حول موضوع «الصندوق السيادي» الذي لم

يتمكن من التغطية عليه موضوع

الإنتخابات ولا ترسيم الحدود البحرية.

فالصناديق ليست غريبة عن لبنان وكان لنا

معها تجربة مريرة. فهناك صناديق أنشئت

لأهداف معينة ولكنها تحولت إلى أبواب

للهدر والسرقة وتوزيع الرشاوى على الأزلام. بالإضافة إلى الصناديق هناك

شركات مملوكة من الدولة

إن مباشرةً أو بالواسطة تحولت هي أيضاً

إلى صناديق سوداء للرشوة والوظائف الوهميّة

وتوزيع الهبات وعقود الإستشارات

والإعلانات والرعايات. هذه

الصناديق يجب إقفالها وشمولها بالتدقيق ا

لجنائي بهدف تحديد المسؤوليات ومحاسبة

المستفيدين بدون وجه حق وإسترجاع الأموال الموهوبة والمنهوبة.

لذلك يمكن إلى حد ما تفهم ردّة فعل البعض تجاه فكرة الصناديق، أما البعض الآخر فينخرط في إطار حملة متعددة الأطراف ظاهرها حماية أصول الدولة

وباطنها التحضير للإستحواذ على هذه الأصول

بأبخس الأثمان، إن من قبل الكارتيل نفسه أو

من صناديق الإستثمار الخارجية. بعد

عقود من الفشل والفساد المستشري

وتحلل الإدارة العامة ومؤسساتها فالنهوض

الإقتصادي بالبلد يحتم إنشاء صندوق سيادي لا بل مجموعة صناديق

توكل إدارتها إلى جهات أجنبية متخصصة وموثوقة، أو إدارات مختلطة وغير مرتبطة بالكارتيل القائم بأي شكل من الأشكال. من هذه الصناديق:


1 – صندوق سيادي لإدارة و إستثمار عائدات النفط والغاز.

2 – صندوق استثمار وطني لإدارة المرافق

والشركات الموجودة حاليّاً. مهمة هذا الصندوق

هو إعادة هيكلة مؤسسات الخدمات العامة

باستعمال مروحة من الخيارات والأدوات، بهدف

تطوير الفعالية ونوعيّة الخدمات مع ربطها

بالوصول إلى الربحية والإستدامة، مع مراعاة حق وقدرة المواطن العادي في الحصول على

الخدمات الاساسية بكلفة معقولة. أمّا بالنسبة للشركات ذات الإمتيازات الإحتكارية التي تملكها الدولة فيجب وضع إستراتيجية لتطويرها وتوسعتها، للحصول على أعلى درجات الربحية والمردود المادي مع حفظ حق الدولة بالملكية ومراعاة الصالح العام.

3 – صندوق وطني لاستثمار وتطوير أملاك الدولة

العقارية بما فيها الأملاك البحرية والنهرية عبر

مجموعة من الأدوات منها الإمتيازات الطويلة الأمد والتطوير العقاري

، عبر مخططات توجيهية وإيجاد بنى تحتية وإطار قانوني تعمل من ضمنه الشركات على تطوير وإستثمار مشاريع محددة تؤمن المردود وتحافظ على الملكية العامّة.

4 – صندوق سيادي لإدارة التراخيص الجديدة

بالكامل والمناطق الإقتصادية المتخصصة

التي سيتم إنشاؤها يخصص قسم من أسهمه

لتعويض الشطور العالية من ودائع اللبنانيين

حصراً، والتي ثبتت شرعيتها ومصادرها النظيفة.

إعادة إحياء الإقتصاد اللبناني ممكنة وواجبة لكن هناك ضرورة لحملة «تنظيف بالعمق» تسبق النهوض وترافقه. والأهم هو أن يكون بناء الإقتصاد الجديد جزءاً

من رؤية وطنية إستراتيجية تحدد دور لبنان

كوطن ودور إقتصاده في محيطه

العربي والمتوسطي وبين دول العالم.


https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com