للمرة الأولى في التاريخ… تعاون إسرائيلي – مع دولة عربية لتصدير الغاز إلى أوروبا
لاقى حدث توقيع مذكّرة تفاهم بين “إسرائيل” ومصر والاتحاد الأوروبي لتصدير غاز إسرائيلي إلى أوروبا، ترحيباً إسرائيلياً في ضوء الحديث عن أهمية هذا التفاهم ودلالاته، بالنظر إلى كونه باباً جديداً للتأثير الإسرائيلي في المستويين الإقليمي والدولي، ولا سيّما الأوروبي منه.
الترحيب والاهتمام الإسرائيليَان بالحدث انعكسا في مواقف وتصريحات، انطوت على توقعات وآمال، أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، بعد صمت لافت.
وخلال لقائه مع رئيس الحكومة الإيطالية، ماريو دراغي، الذي زار “إسرائيل” الثلاثاء الماضي, وقال بينيت إن: “أوروبا بحاجة الآن وفي أسرع وقت إلى الطاقة”، مضيفاً: “لدينا في إسرائيل الغاز الطبيعي في مياهنا الاقتصادية، وهذه أخبار جيّدة لإسرائيل، ولإيطاليا ولأوروبا”.
واحتفاءً بتوقيع مذكرة التفاهم الذي جرى في القاهرة، الأربعاء الماضي، أشارت وزيرة الطاقة الإسرائيلية، كارين ألهرار، التي مثّلت الجانب الإسرائيلي في مراسم التوقيع، إلى أنّ “أزمة أوروبا في مجال الطاقة مثّلت فرصة كبيرة لإسرائيل للمرّة الأولى لتصدير غازها إلى أوروبا”.
وشدّدت ألهرار على أنّ, “هذه هي المرّة الأولى التي يُنقل فيها الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا”، وأضافت أنّ “الواقع الصعب في أوروبا مثّل فرصة كبيرة لإسرائيل للتصدير إلى مكان لم يكن متاحاً في الماضي”، كذلك تناولت ألهرار الحدث في أكثر من مناسبة، موضحةً منافعه الاقتصادية ودلالاته السياسية والدبلوماسية بالنسبة إلى “إسرائيل”.
وفي ظلّ الأزمات السياسية المتلاحقة التي يعيشها ائتلافه، وجد رئيس الحكومة نفتالي بينيت من المناسب توظيف هذا الحدث في إطالة عمر حكومته المتداعية، بالقول: “حوّلنا إسرائيل إلى لاعب رئيس في سوق الطاقة العالمي، للمرة الأولى في التاريخ تتعاون إسرائيل مع مصر وتصدّر الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى الاتحاد الأوروبي”.
في موازاة الترحيب والتباهي الرسميّ، أجرى الإعلام الإسرائيلي قراءة في دلالات ومغازي هذا التفاهم بالنسبة إلى “إسرائيل” على المستويات الاقتصادية والمالية والسياسية. وأظهر النقاش الإعلامي، الذي جاء واسعاً ومتنوعاً، حالة التباين في المقاربة الإسرائيلية.
وكان الأكثر حضوراً الخلاف حول الدلالات السياسية والاستراتيجية. هناك فريق قلّل من الأهمية الاستراتيجية للتفاهم، حاصراً دلالته بالرمزية، ضمن تقدير بأنّ “إسرائيل” ستبقى لاعباً هامشياً في مسألة الغاز.
وفي هذا السياق، أشار الكاتب في صحيفة “The Marker” الإسرائيلية يسرائيل فيشر إلى أنّ توقيع مذكرة التفاهم “في أساسه رمزيّ، لأنّ فائض الغاز الإسرائيلي محدود نسبة إلى الطلب الأوروبي”.
في المقابل، اعتبر الفريق الآخر التفاهم
رافعة تعاون إقليمي، وبوابة إضافية إلى أروقة التأثير في القارّة الأوروبية. ومن أنصار هذا الفريق رئيس المركز المقدسي للشؤون العامة والدولة، دوري غولد، الذي أكّد الجدوى السياسية لمذكرة التفاهم، ونقلت عنه صحيفة “غلوبس” الاقتصادية
قوله: “موقع إسرائيل كمزوِّدة غاز مهم لأوروبا، يمنحها رافعات دبلوماسية أكثر دلالة من تلك التي كانت قبل ذلك، فمن جهة يتيح لها الصمود أمام الضغوط، ومن جهة أُخرى يتيح لها ممارسة ضغوطات أمام دول القارّة العجوز”.
من جهة ثانية، تتفق الأوساط الإسرائيلية
على أنّه في كل الأحوال، “تبقى إمكانيّات
تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا
حدودة جداً، لأسباب عديدة منها محدودية الكميّة المُنتجة أصلاً مقارنة بحجم الطلب الأوروبي، ومنها ما يتعلّق بمحدودية قدرة أنابيب الغاز من “
إسرائيل ” إلى مصر، حيث سيتم
تسييل الغاز الإسرائيلي
تمهيداً لنقله إلى أوروبا عبر البحر.
وفي هذا الصدد، يُشير الباحث
في معهد أبحاث الأمن القومي، عوديد عيران
، إلى أنّه “من المعروف أنّ لدى إسرائيل
ألف مليار متر مكعّب فقط من
احتياطياتها، ويمكنها تزويد أوروبا ب
حوالى 10 مليارات متر مكعّب
سنوياً مع الامتثال لقرارات الحكومة
لضمان كمية كافية للاستهلاك المحلي في العقود المقبلة”.
ويأضاف عيران, “كون الأزم
ة الأوروبية آنية، لذا فإنّ مدّ خط
أنابيب من الحقول في المياه
الإسرائيلية إلى أوروبا لا يوفّر
حلاً عملياً للمشكلة”.
وتابع, “أما على المستوى الداخلي،
فثمة اتفاق على أنّ هذا التفاهم
سيجلب منافع مالية واقتصادية لـ” إسرائيل “.
وفي هذا السياق، تقول وزيرة
الطاقة ألهرار إنّ, “الاتفاق يُدخل
إلى إسرائيل شركات أوروبية، ستأتي
وتنافس على المناقصة الرابعة ا
لتي أعلنتها، وهي مناقصة
للبحث عن الغاز في المياه الاقتصادية في إسرائيل
“، وفقاً لتعبيرها.
https://beirut-elhora.com/category/%d8%a7%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9/