اقتصاد

“عملة جديدة” بدلاً من الدولار… لماذا تصرّون على رفع العقوبات بما أنّكم أقوياء؟!

بقلم أنطون الفتى – أخبار اليوم

بما أن الروبل الروسي يقترب من الإطاحة بالدولار الأميركي، بحسب “المُهلّلين” للحرب الروسية على أوكرانيا. وبما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن دول “البريكس” تستعدّ لإنشاء عملة دولية جديدة.

 وبما أن الغرب بمعاقبته روسيا، عزل نفسه عن العالم (بحسب رأي الروس، وعلى أساس أن العالم هو روسيا فقط). وبما أن الروس انتصروا على أوكرانيا، لماذا تصرّ روسيا على الضّغط على الأوروبيّين، ليضغطوا بدورهم على الأوكرانيّين، من أجل الجلوس الى طاولة المفاوضات، مرّة عبر تقليص شحنات

الغاز الى دول أكبر الاقتصادات الأوروبية، ومرّات ومرّات عبر التلويح

بالسلاح النووي، وبـ “فخر” الصناعات العسكرية والصاروخيّة الروسية؟

وبما أن روسيا “مُنتصِرَة” دائماً، وهي “أمّة عظيمة” أكبر من الغرب،

مع دول حلفها العالمي “العظيم”، لماذا يصرّ بوتين شخصياً على

رفع العقوبات الأميركية والغربية عن موسكو، كشرط لـ “فكّ أسر”

القمح الأوكراني، والصادرات الأوكرانية الى دول العالم؟

ارتفاع أسعار النّفط والغاز لن يدوم الى الأبد، وهذا صحيح.

وهو ما يعني أن مرحلة من “البَوْخَرَة” الروسيّة تتسلّى بالعالم حالياً،

وهي تحتاج الى مدّة زمنية معيّنة قبل أن يذوب الثّلج، وتتوضّح آثار العقوبات المفروضة على الاقتصاد الروسي.

ولكن ماذا عن خطر تحويل الاقتصاد العالمي الى اقتصاد “أسود”،

وذلك في حال استحال “تحرير” مخزونات القمح والحبوب والبضائع الأوكرانيّة، من الأيادي الروسية؟

فروسيا تُمسِك بأوراق، ستستفيد منها هي، في مثل تلك الحالة،

على مستوى تصدير تلك المخزونات (الأوكرانية) للدّول “الصّديقة”

لموسكو، وعَدَم تصديرها للدول “غير الصّديقة” لها. وهو ما

قد يشرّع الأبواب لـ “الدّول الصّديقة” تلك، لتبيع المحاصيل الأوكرانية

الى الدّول “غير الصّديقة” لروسيا، بأسعار خيالية، أو لتُمارس “التشبيح”،

و”التهريب”… على مستويات رسمية، وغير رسمية، وعبر الوسطاء، والوكلاء، ووكلاء الوكلاء ربما…

مع الأبواب التي قد يفتحها هذا الواقع، على صعيد “الأسواق السّوداء”.

وهذا قد يعني زيادة الفوضى في الأسواق الدولية، و”شبه تشريع” لممارسة أنشطة

“الاقتصاد الأسود”، بحُكم الأمر الواقع.

فالى أي مدى يتوجّب التعامُل مع المخزونات الأوكرانية “السّاقِطَة” في الأيادي الروسية،

كأهداف عسكرية، مع مَنْح أوكرانيا الفرصة لقصفها، وذلك في ما لو لم تنجح الوساطات

في إعادتها الى أصحابها (في أوكرانيا)، ليقوموا هم ببَيْعها؟

أوضح مصدر خبير في الشؤون الاقتصادية أنه “في اليوم الذي بدأ فيه الروبل الروسي

بالانهيار أمام الدولار الأميركي، بُعَيْد بَدْء روسيا حربها على أوكرانيا، اهتزّت موسكو، وبدأ العالم يتحدّث عن

أنها ستخسر الحرب. ولكن بعد نحو شهرَيْن، أي في نيسان الفائت تقريباً،

بدأ الروبل يُظهر إشارات إيجابية، فانتقلت الحسابات الى مدى قدرة الروس على الصّمود في أوكرانيا، وعلى ربح الحرب”.

وأوضح في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أنه “لا يُمكن الحديث عن تعافٍ للروبل بالمعنى الحقيقي،

بل عن مرحلة من الإيجابيات الاقتصادية في روسيا حالياً، ستكون محدودة في الزّمن.

كما لا يُمكن تحديد مدّتها الزمنيّة الدّقيقة في شكل كامل، وتامّ، منذ الآن”.

وشدّد المصدر على أن “أسعار النفط لا تثبت على حالة واحدة الى الأبد، و

هو ما يعني أن انخفاض الإنتاج الذي يتسبّب بزيادة الأسعار حالياً، والذي يقع

في مساحة المصلحة الروسيّة، لا يُمكنه أن يستمرّ الى الأبد. ولكن لا حالة دولية حالياً،

تسمح برسم ما هو أبعَد من واقع “كلّ يوم بيومو”.

وأضاف:”إذا لم تتدخّل الصين لدعم روسيا، في مدى بعيد، فسيُصبح وضع

موسكو صعباً. ولكن تدخُّل بكين، يعني اندلاع مواجهة اقتصادية، وربما غير اقتصادية،

بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية والغرب. وهذا سيزيد من صعوبة كل الاحتمالات”.

ورأى المصدر أن “مستقبل القمح الأوكراني “السّاقِط” في يد الروس،

هو إما أن يُباع للدّول “الصّديقة” لروسيا، بما يوفّر لها (روسيا) المزيد من الأموال،

مقابل إعادة بيعه ونقله من دولة “صديقة” الى أخرى “غير صديقة”، بفوضى،

وبسوق سوداء… مع ارتفاع أسعاره كثيراً، وعَدَم تمكين نحو 60 في المئة من

الناس ربما، من الاستفادة منه، أو تركه كما هو، وكرهينة للمفاوضات”.

وختم:”أما اعتباره مادّة عسكرية، وقصفه، فسيحرم القدرة على الاستفادة منه لروسيا،

ولسواها. ولكن لعبة المصالح هي التي تتحكّم بكلّ شيء. ومن غير المرجَّح أن يتمّ التعامل معه كملفّ عسكري”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com