هل النازحون السوريون مسؤولون عن الانهيار المالي في لبنان؟
هل النازحون السوريون مسؤولون عن الانهيار المالي في لبنان؟
بعد أن فشلت مقولة «إن الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان سببه تراكمات 30 سنة من حكم الحريرية السياسية» تطفو على السطح مقاربة إعلامية جديدة، تحمل النازحين السوريين المسؤولية عن الانهيار،
وهذه المقاربة تطلق من الفريق السياسي ذاته الذي أطلق المقولة الأولى،
وهذا الفريق يتحكم بمفاصل اللعبة السياسية منذ ما يزيد عن 6 سنوات على أقل تقدير.
تقول الإحصاءات الأكثر واقعية والمجمعة من عدة مصادر: أن كلفة النازحين السوريين
على الاقتصاد اللبناني تصل الى 3 مليارات دولار أميركي في السنة الواحدة،
أي ما يعادل 36 مليار خلال 10 سنوات، وقد دخل الى لبنان خلال هذه الفترة كدعم
عربي ودولي للنازحين 9 مليارات دولار، ويساهم السوريون، كمستثمرين أو نازحين بجزء من الناتج المحلي اللبناني،
من خلال نشاطهم في القطاعات التي تحتاج لعملهم، وقسم من هؤلاء تضرروا
من الكبوة التي أصابت المصارف اللبنانية، نظرا لحجم ودائعهم في هذه المصارف،
ولم يعد بإمكانهم الوصول اليها كما هو حاصل مع المودعين اللبنانيين.
جرت محاولات متعددة للمساهمة في إعادة النازحين الى ديارهم بعد أن حصل شيء
من الاستقرار في مناطق سورية عديدة بعد العام 2019، ومنها مبادرة روسية وأخرى قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية بالتعاون مع الأمن العام، لكن المعضلة التي تواجه كل هذه المبادرات تبقى،
ضمان أمن النازحين الذين سيعودون الى مناطق تسيطر عليها قوات الحكومة،
لأن غالبية هؤلاء من المؤيدين للمعارضة، لاسيما في ريف دمشق ومحيط العاصمة.
ومن نافل القول، أن هناك ما يزيد عن مليون عامل سوري كانوا موجودين في لبنان،
ويعملون في مرافق مختلفة قبل اندلاع الاحتجاجات في العام 2011،
وتقول مصادر متابعة أن حجم تحويلات هؤلاء الى سورية كان يقارب 5 مليارات دولار سنويا، وهذا يؤكد أن هناك تأثير للسوريين على الاقتصاد اللبناني قبل الأحداث التي سببت بالنزوح، ويعني ايضا:
أن ملف النازحين لا يقف خلف الانهيار المالي في لبنان كما يقول بعضهم،
في محاولة جديدة للتهرب من المسؤولية عن التسبب بالأزمة، وفي ذات الوقت،
لا يعني عدم وجود خسائر على الاقتصاد اللبناني من جراء إقامة هؤلاء في لبنان،
وهذه الخسائر واضحة من خلال استهلاك النازحين للسلع الغذائية المدعومة من الدولة ـ خصوصا القمح ـ
واستعمالهم للموارد المائية والكهربائية، وفي استخدامهم للبنى التحتية اللبنانية المتهالكة مثل الطرقات والصرف الصحي.
الأزمة السورية هي التي كانت وبالا على لبنان، وليس النازحين فقط،
ذلك أن تضرر القطاعات الإنتاجية كان كبيرا، والتهريب الذي يعبر الحدود
بالاتجاهين له تأثيرات سلبية واسعة على الاقتصاد اللبناني، وأحداث سورية سببت بزيادة الشرخ
بين المكونات اللبنانية بعد تدخل حزب الله الى جانب قوات الحكومة السورية منذ العام 2013،
وقد تكون كارثة تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 أحد أهم الحلقات التي ترتبط بالأزمة السورية،
وبسببها يتم تعطيل العدالة للتهرب من المسؤولية عن أضرار كبيرة وقعت من جراء الانفجار.
ضرورة إيجاد حل لمشكلة النازحين السوريين في لبنان، لا تعني بأي حال من الأحوال
التسليم بمقولة أن هؤلاء كانوا السبب بوقوع أزمة مالية ومعيشية لم يسبق أن شهد مثلها أي بلد بالعالم.
والدلائل الدامغة عن المسؤولية تقع على سوء إدارة الدولة خلال السنوات الست الماضية، والتي اعتمدت على التعطيل والاستدانة لتغطية الهدر والعجز في قطاع الكهرباء بما فاق 50 مليار دولار، من دون أي استثمار مجد فيه.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا