خطر الموت: لبنانيّون بلا أدوية للأمراض المزمنة
خطر الموت: لبنانيّون بلا أدوية للأمراض المزمنة
إنّ أخطر ما يحصل هذه الأيام هو أنّ بعض المرضى يعجزون عن شراء دوائهم بسبب الأسعار الخيالية، وبالتالي ينقطعون عن تناوله ما يترك تداعيات ومضاعفات كبيرة تؤدي الى دخول المستشفى.
وأمام هذا الواقع وتداركاً للأخطار التي يمكن أن تكبر في الأيام المقبلة،
وبهدف وضع الاصبع على الجرح وتحديد الحاجات الطبية وتوجيه وتوعية المجتمع كما الدولة،
بادر فريق عمل يضمّ عدداً من الأطباء من اختصاصات عدة الى جانب 76 طالباً من كلية
الصيدلة في الجامعة اللبنانية الى إجراء دراسة علمية دقيقة لمواكبة الأزمة القائمة
ونشرها على أوسع نطاق، وتهدف الى دراسة عواقب عدم أخذ الدواء المزمن بانتظام على صحة المريض.
وكشف مدير المركز الوطني لجودة الدواء والغذاء والماء والمواد الكيميائية في الجامعة اللبنانية
الدكتور نزيه بو شاهين،
المشارك في الدراسة،
عبر موقع mtv عن حجم المعاناة التي يعانيها اللبنانيون، لا سيما أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة
وهم بحاجة الى أدوية بشكل دوري وشهري، مشيراً الى ان السؤال الذي تم الانطلاق منه هو “هل المريض قادر على شراء أدويته أم لا؟”.
وفي أرقام صادمة لواقع الحال، كشف بو شاهين عن تكلفة شراء الأدوية المزمنة لمريض واحد شهرياً،
والمقصود بها أدوية الضغط والسكري والكوليستيرول والقلب والمسيّلات وسواها،
والتي تتراوح ما بين مليون و800 ألف شهرياً ومليونين و800 ألفاً. وهو رقم كبير
جداً نسبة لموظف لا يزال يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية ولديه مصاريف شهرية باهظة،
ما بين إيجار واتصالات وكهرباء ونقل ومصروف يومي.
وأعلن بو شاهين أن استهلاك الأدوية العصبية والأمراض النفسية والمضادة للاكتئاب
ارتفع بشكل كبير وبنسبة فاقت الـ37 في المئة.
وأشار بو شاهين الى ان الدراسة وُلدت من رحم الواقع الذي وصلت اليه البلاد،
حيث باتت هناك أدوية متوفرة وأخرى مفقودة، وأدوية مدعومة وأخرى غير مدعومة،
وحتى المدعومة تكون أحياناً غير متوفرة ما يجبر المريض على شرائها من السوق السوداء
أو بطلب الدواء البديل، محذّراً من هذه الأدوية التي لا تدخل البلد بطريقة شرعية والتي
تفتقد الى أبسط شروط السلامة العامة لجهة ظروف نقلها وحفظها وجودتها،
ما يفقدها فعاليتها لا بل تصبح مضرّة.
وامام هذا الواقع، قال بو شاهين: “لاحظنا انقطاع المرضى عن تناول الأدوية بشكل دائم
ما يجعلهم عرضة لمضاعفات من جلطات وشلل وذبحات قلبية وغيرها، وبالتالي الدخول الى المستشفى
غير المتوفر لذوي الدخل المحدود نسبة للكلفة العالية جداً”، لافتاً الى ان الدراسة تصنف الأشخاص بين مَن يأخذ دواءه بشكل منتظم وبين غير المنتظمين والمنقطعين عن أدويتهم.
وحذّر بو شاهين من تأثير هذا الأمر على الوضع الصحي، خصوصاً بالتزامن
مع فصل الصيف والأمراض الموسمية كالتسمم الغذائي بسبب انقطاع الكهرباء
وعدم حفظ الغذاء بشكل جيد أو الكوفيد وارتفاع الاصابات وكلفة العلاج الكبيرة جداً.
تراجع لبنان أشواطاً من حيث جودة الصحة لا سيما مع سفر الاطباء والكوادر الطبية
ونقص دخل المواطن والكلفة العالية للمستشفيات حيث بدأ بعضها بإقفال أقسام.
هذه هي صورة الواقع الطبي في لبنان اليوم، بينما المطلوب الكثير من الجهد
للحفاظ على ما تبقى من صمود الناس كما صمود المستشفيات والأطباء. فالبلد
أحوج ما يكون الى عناية فائقة تنتشله من مرضه العضال قبل فوات الأوان.
نادر حجاز – mtv