فن - منوعات

55% من اللبنانيين باتوا يستخدمون “الموقدة” لطهي الطعام

55% من اللبنانيين باتوا يستخدمون “الموقدة” لطهي الطعام

الموقدة” لطهي الطعام

لم يكن اللبنانيون عنصريين يوماً، او عديمي الإنسانية، او يمارسون التمايز ما بين البشر مهما اختلفت اجناسهم او اعراقهم تلك ميزة اعطها الله للبنان حصرا وكما يقال و «كسر القالب» أي لا مثيل له في الشرق او الغرب.

هو بلد الفرنكوفونية وبلد اللبناني الحربوق، الذي وصل الى العالم واثبت عن جدارة اننا نميل

الى الثقافة والانفتاح وتقبّل الآخر، ومهما عصفت بنا أزمات السياسيين حصراً لأنهم

سبب كل ما آل اليه اللبنانيون بما فيهم اللاجئون الا انهم صَدِّقوا باتوا أفضل حال في كل شيء

حتى وكأن اللبناني أمسي هو المهجر في وطنه الام. لبنان لطالما كان المحتضن

لكل أزمات اشقائه العرب ولطالما كان بوابة الازمات ومنه تنطلق المفاوضات

وعلى ارضه يحدث التقاتل والخلافات الدولية والإقليمية. وما انفك يدعو الى

احترام حقوق الانسان وعدم التفرقة بين الناس جميعا. ربما هذه الصيغة لم تعد

سارية المفعول في ظل النكبة تلو الأخرى لا سيما ان الحِمْل كَبُر وما عاد بالإمكان ان تبقى الأمور على حالها.

عهد قوي، اقتصاد قوي، كتل نيابية على مد عين اللبنانيين والنظر، اجتماعات

وتكتلات وقوى تغييرية، توقيع مراسيم مساعدات اجتماعية من هنا وهبات مالية

يلهفونها أصحاب القرار من هناك، كله لم يساعد المواطن على اطعام عائلته،

او شراء دواء او الدخول الى مستشفى او دفع فواتيره المتراكمة او حتى اكمال

تعليم أولاده والحبل على الجرار، يُنذر بأن الازمات لن تقف عند هذا الحد بل الأمور ذاهبة فعلا باتجاه جهنم وبئس المصير.

الموقدة حقبة قديمة انقرضت

في بلدات البقاع الغربي والاوسط، عائلات برم دولاب الحياة بها حتى باتت بلا غاز،

أمهات يطهون الطعام لأطفالهن على مواقد الحطب يقمن بخلط الزعتر بالماء

بدلا من الزيت لأنه أصبح للأغنياء، لتضحي نكهة المنقوشة اشبه بالكرتون.

عاد الشعب اللبناني الى أيام الحطب والخبز على «الصاج» بسبب انقطاعه

وغلائه الفاحش إذا وجد. فترى هذا المواطن يتخبّط ما بين مستنقع فساد سياسييه والغلاء

الفاحش والفقر المدقع، ناهيكم عن تجار الأزمات الذين يستغلون الوضع لجمع المال،

ما جعله غير قادر على تحديد أي حاجة هي الأهم ليلبيها ولكن الى متى…؟

السيدة كريمة صالح كشفت لـ»الديار»، أمورا اشبه بالعصر الحجري فقالت:

«مع ارتفاع سعر صرف الدولار وفحاشة الغلاء وغياب وزارة الاقتصاد لمراقبة ما يجري

على الأرض كان لا بد من ان أجد طريقة أطهو فيها لأطفالي الصغار، فارتفاع سعر

قارورة الغاز بات يقسم ظهر البعير وفي البقاع دائما الأسعار مضاعفة فلا يوجد من يراقب

ويلاحق المحلات والمحطات والبيع سوق سوداء على مدار السنة. والطامة الكبرى في

هذه الفترة هو عدم قدرتنا الحصول على أضعف مقومات البقاء وازهد انواع الطعام وابسط

السبل لان نبقى على قيد الحياة! فوجدت ان الحل قد يكون صعبا الا ان الأمور فرضت عليّ ا

ن آتي «بموقدة» اغلي عليها ابريق الشاي واطهو الطعام وبدأت اتكيف واهندس حياتي

بالتي هي أحسن، أحاول شراء كل ما يمكن ان احفظه دون الحاجة لوضعه في البراد في

ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء والاشتراك في آن معاَ. والخوف الحقيقي انني اضع الموقدة

في حقل مليء بالأعشاب اليابسة واخاف ان تأتي النار على هذا العشب فتحرق جميع الحقول

التي حولنا مما يعني ان لقمتنا باتت مغمسة بالدم في بلد النزيف فيه تلو النزيف!»

وقالت احدى المعلمات في بلدة المنارة -البقاع الغربي «للديار»:

«دائما اسأل نفسي هل من أيام أسوأ من التي نعيش؟ فقد اجتاح الفقر

والجوع والفساد البلد كله. في كل يوم نسمع اخبارا سيئة عن انهيار العملة

وأيضا عدم قدرة الدولة في توفير الأمان للناس حتى بتنا نقول «هل اقتربت الساعة؟»

هذه الجملة بالتحديد تجعل الشاب اللبناني الذي يستعد ليبدأ جهاد الحياة يفكر هل

أُكمل بناء مستقبلي الذي لا ملامح له حتى الآن؟ او هل ارفع الراية البيضاء واستسلم قبل بداية المعركة؟

او ان إنجازي سيكون قطرة ماء في بحر الفساد فلن يجدي نفعا او يترك أثرا… «

اما تلك المعلمة تنهض كل يوم لتجفف آثار الخيبة عن ملامحها وترتدي ثوب

القوة وتتقن دور القبطان لتقود سفينة العلم مقابل ما يساوي اللاشيء تقريبا

في ظل الازمة المأساوية، نظراتها تجوبها الحسرة والالم على أبناء وطنها كيف أصبحوا في حالة يرثى لها.

أضافت «وأقول عن الطفل اللبناني: أصبح الطفل اللبناني يقاسي الحرمان

بسبب الظروف الاقتصادية الخانقة. حتى ابسط الحقوق التي هي التعليم أصبحت

غير متوفرة لأبنائنا بسبب ارتفاع الأقساط و»دولرتها».. وما زلنا مع كل هذا الأسى

لا نسمع الا عن المساعدات الضخمة كمَّاً ونوعا تُوزع على السوريين والمواطن

اللبناني كما يقال «آخر همهم»! نرى الدول الأخرى تتسابق للتقدم نحو المستقبل

بينما لبنان في سباق نحو الماضي ونحو الوراء».

بدورها، قالت اخصائية التغذية د. جاكي قصابيان شالوحي عن اضرار الطهو

على النار «للديار»، بداية قد تكون النار غير مشتعلة كفاية، بمعنى ليس من

كل الأطراف بحيث ان جهة يتم طهوها والأخرى لا او أقلّه ليس بشكل جيد،

وبالتالي تبقى البكتيريا في الطعام لعدم طهوه كما يجب وعلى درجة حرارة

غير متوازنة وموزعة على كافة القدر الذي يستخدم على «الموقدة».

كما ان عملية الطهو في الأماكن المفتوحة قد تعرّض الطعام الى امراض لوجود

الاتربة التي قد تتطاير وتدخل في القدر او لعدم غسل اليدين اثناء العمل في البرية

أي في الأماكن المفتوحة. اما فيما يخص عدم قدرة الكثير من الاهل والأطفال في

ان يحصلوا على السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم؟ اشارت شالوحي ان العديد

من المناطق اللبنانية لا يستطيعون تأمين أنواع اللحوم والسمك والدجاج في وجباتهم،

أضف الى الأطفال الذين لا يتناولون كفاتهم من الأطعمة التي تساعدهم على النمو

وبالأخص من هم تحت الخمس سنوات سيقاسون من نقص في النمو الدماغي

وبالتالي سيؤدي الى ما يسمى بـ LEARNING DIFFICULTES والى نقص في مناعتهم ويصبح عندهم استعداد للإصابة بأمراض أكثر.

وألمحت شالوحي «الى ان الكثير من التلاميذ في المدرسة التي يتعلم

فيها اطفالها كانوا ميسوري الحال الا انه مع الازمة باتوا يأتون بعرائس الزعتر

وغابت حصص الفواكه التي تمدهم بالطاقة والعناصر الغذائية التي تساعدهم

على التركيز أثناء الدرس. وذكرت شالوحي ان احدى الراهبات في مدرسة «راهبات اللعازارية»

قامت بمبادرة لمساعدة هؤلاء الأطفال فأمنت لهم عرائس اللبنة، الجبنة والتركي وفي

داخلها كل الخضراوات لمدة شهر ونصف. والسؤال، بقية السنة من سيؤمن لهؤلاء

السعرات الحرارية التي تحتاجها أجسادهم لنمو صحي بعيد عن الامراض او الخلل».

واردفت

شالوحي قائلةً:

«كما ان

نقص فيتامين (A) شائع في المجتمعات الفقيرة وقلّما يشاهد في العائلات التي تتناول وجبات

متكاملة العناصر الغذائية. ونقصه يؤدي الى العمى الليلي، ويمكن أن يُحدث

جفاف الملتحمة، تليُّن القرنية، والعمى الكامل وتجدر الإشارة الى أن فيتامين (A)له دور كبير في تكوين الصورة».

واستكملت بالقول: «ان نقص فيتامين (A) يعتبر السبب الرئيسي للإصابة بالعمى في مرحلة الطفولة، وما يقارب 250.000 إلى 500.000 طفل يعانون سوء التغذية في العالم النامي يصابون

بالعمى كل عام، والنصف الآخر يموتون. وعليه وضعت الدورة الخاصة للأمم المتحدة المعني

ة بالأطفال في عام 2002 هدف

القضاء على نقص فيتامين (A) بحلول عام 2010. الا ان الأمور ما لبست ان تعقدت أكثر فعلى سبيل المثال عشرات الالاف من الأطفال في لبنان والعالم يتناولون اقل من الحد الأدنى مما تحتاجه أجسامهم

للنمو والتطور ومكافحة الامراض.

كما ان نسبة انتشار العمى

الليلي بسبب نقص فيتامين (A) مرتفعة أيضا بين النساء الحوامل في المجتمعات التي تعاني من سوء التغذية،

وقد يؤدي إلى وفاة الأم ونتائج سيئة أخرى في فترة الحمل والرضاعة

. ويقلل نقص فيتامين (A) القدرة على محاربة الالتهابات، خاصة في المجتمعات والبلدان التي

لا يتم تطعيم الأطفال فيها بحيث ان معدل الوفيات مرتفع وانتشار الأمراض

المعدية مثل الحصبة. وأتْبَعَتْ شالوحي، ان نقصه يضاعف من خطر التهابات

الجهاز التنفسي والإسهال، وانخفاض معدل النمو، نمو بطيء للعظام، وتقليل احتمالات البقاء على قيد الحياة بما فيها المناعة.

يعاني لبنان على امتداد قراه ومدنه من حالة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية،

تُترجم آثاره الصحية القاسية على اللبنانيين عموماً والنساء والأطفال خصوصا.

يحصل انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والنزاعات،

أو تدهور الأوضاع الاقتصادية وفقدان الليرة قيمتها مقابل سعر صرف الدولار

وغيرها من الأحداث التي تؤدي إلى اهتزاز الاستقرار وتعطيل سبل العيش الطبيعي

للعائلات المتضررة، ما يتطلب دعمًا فوريًا من المنظمات الإغاثية المحلية والدولية

لتقديم المساعدات الغذائية وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة الا انه وللأسف

على ما يبدو القرارات الدولية بشأن لبنان غيّبت هذه المنظمات وبطبيعة الحال لا دولة واللبنانيون تُركوا لقدرهم.

فالكثير من القرى اللبنانية عادت لتهتم بتربية المواشي والأعمال الزراعية و

الطهو على الموقدة والحطب، الامر الذي خلق انعاشاً محدوداً وتأمين الإنتاج

الغذائي اليومي لعائلات ليس لديها حيلة الا الابتكار.

ويرتكز الأمن الغذائي على

أربعة أبعاد حددتها منظمة الأغذية والزراعة (FAO) التابعة للأمم المتحدة، وهي توفر الغذاء وإمكانية الحصول عليه، واستخدامه، واستقراره.

نائب رئيس جمعية المستهلك د. ندى نعمي «للديار»، في الواقع القدرة الشرائية

هي التي تحدد امن الانسان الصحي والغذائي، وإذا المستهلك لم يكن لديه القدرة الشرائية

فلن يستطيع شراء احتياجاته الأساسية. وأشارت نعمي الى دراسة تقوم بها الجمعية على

الأرض تشمل الأنواع الغذائية التي يتناولها المستهلك اللبناني وتبين ان الكثير من العائلات

حذفت اصنافا كثيرة وأساسية من حصتها الغذائية، ما يعني ان امنها الغذائي بخطر وامن

الأطفال الذين يجب ان يتناولون جميع الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية المهمة

لصحتهم ونموهم الذي اضحى مهدداً.

وتضيف نعمي من الطبيعي ان تؤثر الازمة الاقتصادية على الامن الغذائي

في لبنان أضف الى عملية الاحتكارات وفقدان بعض المواد. كما بيّنت لنا الدراسة

ان الكثير من اللبنانيين قاموا بتأجيل زيارة اطبائهم بما فيها الفحوصات الطبية

وصولا الى تأجيل شراء ادوية، وعلى المدى القريب سوف تتكشّف تداعيات هذه

الازمة وأننا امام مشكلة حقيقية ولا أحد يتحدث عن هذا الموضوع لا بل الناس

متروكة لمصيرها بالاعتماد على المساعدات التي قد يتلقونها من اقربائهم

او بعض المساعدات الغذائية عن طريق الأحزاب. وبالتأكيد الامن الغذائي

يرتبط ارتباطا وثيقا بحياة المواطن والمستهلك والقدرة الشرائية.

وأشارت نعمي، للأسف يوجد أطفال لا يأخذون احتياجاتهم الأساسية

من الحليب والبروتين والخضار والفاكهة لابل تم حذفها من واجباتهم اليومية وحتى الأسبوعية وقد يمر شهر بدون وجبات متوازنة لهؤلاء الأطفال.

وعن استخدام الطرق البدائية «كالموقدة» قالت نعمي: ليس من الخطأ

ان يلجأ الناس الى بعض الطرق لتتكيّف مع هذا الوضع المستجد كالعجن

والخبز على الموقدة، انما ان يكون ظرفيا وليس دائما بحيث ان العالم تقوم

بالزراعة لتأمين احتياجاتها على المدى القريب، الا ان توفير هذه الأمور يقع

على عاتق الدولة في تأمين الامن الغذائي للمستهلك وليس هذا من شأن الناس وكل ما يقومون به هو في خانة المبادرات.

منسقة برنامج «دعم» في مجلس الوزراء السيدة ماري لويس أبو جودة عن

الشكاوى التي تصلهم من مواطنين لجهة عدم الاستقامة في توزيع المساعدات

المالية بالمساواة على المحتاجين والعائلات الأكثر فقرا وعوزاً تقول «للديار»:

لقد جزأتم هذه القضية بشكل أكثر من ممتاز وصحيح نتلقى الكثير من الشكاوى

في هذا الخصوص ونقوم بتجميعها ووضعها بين يدي وزير الشؤون د. هيكتور

حجار للمعاينة على الأرض من جديد والوقوف على صحة كل ما يردنا من ملاحظات

واعتراضات عن اشخاص يتلقون المساعدات وليسوا بحاجة لها، وهذا الاجراء هو

استثبات ان الدعم يسلك الطريق الصحيح ويذهب للأسر المحتاجة، كما ان كل فرد نعطيه ما قيمته الـ 20 دولارا اميركيا ونعطي للعائلة المكونة من 6 افراد لا أكثر.

وتضيف أبو جودة سنجد طريقة لأخذ هذه المساعدات من هؤلاء وصرفها لمن

يستحق. ولمّحت الى ان هذا البرنامج تم فتحه لشهرين وتسجل عليه الكثير م

ن المواطنين. وأشارت أبو جودة يجب معرفة إذا كان هؤلاء الذين لم يستفيدوا من «دعم»

تسجّلوا على المنصة ولم يزورهم أحد للكشف او لم يستطيعوا التسجيل،

هذه نقطة جدا مهمة يجب ان نبني عليها.

المصدر: الديار

لمزيد من المعلومات اضغط هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com