“تكتيك” من باسيل قد يُحرج “حزب الله”.. هل من بوادر “إنقلاب”؟
“تكتيك” من باسيل قد يُحرج “حزب الله”.. هل من بوادر “إنقلاب”؟
لا يُنكر أي طرفٍ سياسي على صلة بـ”حزب الله” و “التيار الوطني الحر”، ازدياد حدّة “النفور” المُتصاعد بين الطرفين، وتحديداً عندما يتعلق الأمرُ بانتخابات رئاسة الجمهوريّة. إلا أنه في المقابل،
كان هناك رهانٌ كبير من أطراف مناوئة للحزبين على انقطاع التواصل بينهما،
باعتبار أن “الاختلاف” في ملف الرئاسة يجب أن ينسحب تماماً على أساس علاقة الحزب بـ”التيار”.
ما يمكن قوله في الوقت الراهن هو أن هناك حالة من “الركود” تسيطرُ على التواصل
بين الجهتين السياسيتين، وتقولُ معلومات “لبنان24” إنّه “لا قطيعة تُذكر بالمعنى
الحرفي بين الحزب والتيّار، لكنّ الأمور ليست على ما يُرام، في حين أنه لا اجتماعات جديدة بين الحزبين”.
ووفقاً للمصادر، فإن “تواصل غير مباشر حصل مؤخراً بين شخصيات رفيعة المستوى
مقربة من التيار الوطني الحر وآخرين مقربين من حزب الله، وذلك للوقوف عند آخر
المستجدات السياسية وتحديداً تلك المتعلقة بالتقارب المستجد بين الحزب والنائب السابق وليد جنبلاط“.
وبحسب المعطيات، فإن “بعض الأطراف أرادت حصول هذا التواصل لكسر الجمود الحاصل،
لكن الأمور لم تتطور إلى حدّ حصول اجتماعات متبادلة، علماً أن هذا الأمر واردٌ تماماً خلال الأيام المقبلة”.
بالنسبة لمصادر مقرّبة من “الوطني الحر”، فإن تواصل جنبلاط مع “الحزب” ليس مُزعجاً له،
مشيرة إلى أن “الوطني الحر كان سبق حزب الله في انفتاحه على جنبلاط وذلك بانعقاد
لقاء مشترك بين الأخير والنائب غسان عطالله”.
وأضافت: “الحديث عن قطيعة بين الأطراف ليسَ دقيقاً، لكن الكباش السياسي
قائمٌ إلى حد كبير وذلك وفق ما تقتضيه المصلحة السياسية في الوقت الراهن، وتبعاً للملفات المطروحة”.
ما يتبيّن تماماً في الآونة الحالية هو أنّ “حزب الله” قرّر الإنكفاء بعيداً عن رئيس “التيار”
النائب جبران باسيل، إذ لا توجد بوادر لدعمه رئاسياً. أمّا الأمر الأهم فهو أنّ الأخير وجدَ أن
التحالف مع “حزب الله” قد دخل مرحلة جديدة بعدما وجد أن الأخير بات أقرب إلى الحزب
“التقدمي الإشتراكي” الذي كان له دورٌ أساسي في “تحجيم” عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.
بسبب كل ذلك، قرّر باسيل تصعيد الخطابَ في الوقت الراهن بعدما بات مُتيقناً أنّ
الأمور مختلفة الآن، وقد ظنّ البعضُ أنه قد يجنحُ أكثرَ باتجاه “رفع السقف” ضدّ الحزب
خلال الأيام القليلة المُقبلة. إلا أنه في المقابل، يُدرك باسيل تماماً أن مغبّة الوصول إلى
صدامٍ مع الحزب لن تُجدي نفعاً نظراً لوجود مصالح مشتركة بين الطرفين، كما أن هناك
تأثيراً متبادلاً بينهما على صعيد الملفات السياسية.
يوم أمس، حاول رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن يُصوّب كل سهامه
باتجاه “حزب الله” ومن “يريد الاتفاق معه”، في حين أنه استهدف باسيلَ بشكل
مباشر من دونِ “كسره بشكل كامل”. أما الهجوم الأكبر من جعجع فكان ضد عون وعهده بقوة.
ما فعله جعجع استدعى “هجمة” كبيرة من “الوطني الحر” ضدّه، فساد التراشق
الكلامي ساحة “تويتر”، بينما كانت أوساط أخرى تشيرُ إلى إمكانية حصول تقارب
غير مباشر بين باسيل ورئيس “القوات” في مكانٍ آخر.
فعلياً، يرى مراقبون أن باسيل وخلال زيارته مؤخراً إلى الديمان للقاء البطريرك
مار بشارة بطرس الراعي، تمكّن من الغمز في قناةِ جعجع عندما تحدّث مُجدداً عن
ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية قوياً وأن يحظى بتمثيل نيابي وشعبي. حتماً، الأمرُ
هذا ينطبق على جعجع وباسيل في حال طُرح الحديث عن مواصفات القوّة التمثيلية،
علماً أن الأخير يقول حتى هذه اللحظة إنّهُ لا يطرحُ نفسه في الوقت الراهن لرئاسة الجمهورية.
مع هذا، فإنه لا يمكن أبداً نكران قوة باسيل وتأثيره على الساحة البرلمانية،
وبإمكانه أن يطرح شروطه بالكامل وأن ينتزع ما يريد من أمور أقلها على الصعيد الرئاسي
. حتماً، فإن باسيل وبتمثيله الواسع مسيحياً يستطيع أن يتقدم في الطروحات وأن يكون
عراباً أساسياً في أي تسوية مرتقبة وهذا ما قد يحصل.
بقراءةٍ بسيطة يُمكن طرحها للبحث، فإنّ ما يتبين هو أنّ “استدارة” باسيل مجدداً باتجاه
مواصفات الرئيس القوي قد تكون “تكتيكاً” باتجاه “حزب الله” من خلال جعجع.
فباسيل يعلمُ تماماً أن أوراقه الرئاسية يمكن أن تطرح بقوة على قاعدة التمثيل الانتخابي،
لكنه في الوقتِ نفسه يعي تماماً أن تفكيره بدعم جعجع بشكل مباشر أو غير مباشر في
خيار الرئاسة يمكن أن يساهم في استفزازِ الحزب، وبالتالي تشكيل انقلابٍ كبيرٍ عليه سياسياً واستراتيجياً…
ولكن، السؤل هنا: هل يمكن لباسيل أن يقوم بذلك حقاً؟
بمعزلٍ عن “الطلعات والنزلات” التي تسودُ علاقة “الحزب” و “الوطني الحر”،
فإن الأمر المحسوم بشكل كامل هو أن أي انقلابٍ بين الطرفين سيعني تبدلاً كاملاً على الصعيد السياسي.
واليوم، ورغم أن باسيل لا يحظى بدعمٍ واضح من الحزب للرئاسة، إلا أن ذلك لا يعني أن “النهاية”
قد اقتربت. وبمعنى آخر، قد لا يعمد باسيل إلى الإنجرار وراء أي ردّة فعلٍ ضدّ حليفه الوحيد،
أي أنه لن ينتحر سياسياً أبداً. ففي حال أراد باسيل مواجهة حارة حريك، فإن الخسارة ستكون كبيرة عليه على مختلف الأمور.
عملياً، فإن هذا السيناريو الصدامي بين الحزب وباسيل كان جعجع يأمله في الفترات الماضية.
فمن وجهة نظر الأخير، فإنّ الغطاء المسيحي سياسياً واستراتيجياً
لـ”حزب الله” عبر “الوطني الحر” هو إحدى الأخطاء الكبرى التي يجب معالجتها. لكنه في المقابل،
قد لا يكون هذا الأمر مطروحاً على طاولة باسيل، بمعنى أن الأمور قد لا تصل بالأخير إلى حدّ طرحِ ملف تحالفه مع الحزب على طاولة البحث،
وهنا تكمن الخطوة الإيجابية في تحصين الساحة المسيحية من أي صدام، وهذ أمر سيحسب لباسيل.
ولهذا، فإنّ حاجة رئيس “التيار” لـ”حزب الله” كبيرة والعكس صحيح، لكن في رئاسة الجمهورية
فإن الأمور ستختلفُ قليلاً. وبشكل أو بآخر، لو كان هذا الملف سيصبح تفجيرياً بين الحزب
وحلفائه لكانَ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية قد سلك هذا الخيار عام 2016 عندما
أعلن “حزب الله” التزاماً كاملاً مع عون في ملف الرئاسة. حينها، كانت لفرنجية مآخذ على
الحزب لكنه في المقابل لم يكن “منبوذاً” سياسياً. ففي ذلك الحين، كان الرئيس سعد الحريري قريباً منه
وكذلك الحزب “الإشتراكي” وقوى أخرى، واليوم الحالُ نفسه أيضاً سياسياً.
أما على صعيد الحزب، فإن خسارته لحليف مسيحي قويّ في “عز الهجمة عليه”،
إنما يعتبرُ انتكاسة كبيرة له. فاليوم، يسعى “حزب الله” إلى تطويق ساحته قدر
الإمكان والحفاظ على خطوط واضحة بين التحالفات. إضافة إلى ذلك، فإن هدف
الحزب اليوم يرتكز في جمع أكبر الكتل إلى جانبه وذلك من أجلِ تخفيف حدّة الهجوم
عليه داخلياً وأيضاً من أجل أن يكون عرّاباً أساسياً في المرحلة المقبلة التي ستشهدُ على تسويات كبرى قادمة في الإقليم.
مع هذا، فإن “حزب الله” لا يستطيع ضرب باسيل والتنصل منه بسرعة، باعتبار أن
الأخير على الصعيد التمثيلي يمكن أن “يحمي ساحة” الحزب انتخابياً وسياسياً والعكس
صحيح تماماً. وهنا، فإن ما يمكن تأكيده بشكل واضح هو أنّ المصالح تبادليّة، ما يعني
أن الرهان على أي انقلاب بين الطرفين قد يكونُ ساقطاً،
وهذه الورقة تبدو صعبة جداً على باسيل رغم كل مآخذه على الحزب.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا