مغارة علي بابا في وزارة الصحّة … اختفاء هبة دواء مناعيّ للسرطان: فضيحة جديدة
مغارة علي بابا في وزارة الصحّة … اختفاء هبة دواء مناعيّ للسرطان: فضيحة جديدة
في وزارة الصحّة
منذ أسبوعين وصلت إلى لبنان هبة دواء مناعي باسم “Opdivo” لجانب وزارة الصحّة ولكن… كأنّه لم يصل. هذه الهبة التي تكفي مدّة شهرين لمرضى السرطان الذين هم بحاجة إلى هذا العلاج المناعي للبقاء
على قيد الحياة، انتهت في غضون أسبوعين! هذا الدواء المناعي الذي يُعطى لمريض
السرطان في المرحلة الرابعة، ما إن وصل إلى الوزارة حتى اختفى، وتبخرت معه آمال المريض في الحصول على علاجه مجاناً.
في وزارة الصحّة
هذه الفضيحة التي فجّرها هاني نصار رئيس جمعية “بربارا نصار لدعم مرضى السرطان”
حول مسلسل سرقة أدوية السرطان، تُعيد إلينا مسلسل الفضائح التي شهدتها وزارة
الصحة منذ سنين، والتي لم يصدر أيّ حكم في الدعاوى المقدمة.
منذ
أسبوعين أثيرت
فضيحة دواء الـxtandi، الذي يعطى لمريض سرطان البروستات، وانتهاء الكمية التي
وصلت إلى الوزارة قبل أن يحصل عليها المرضى، واليوم جاء دور أدوية سرطانية أخرى، في ظلّ الفوضى السائدة والمحسوبيات و”الأيادي الطايلة”.
ما أثاره نصار دفع بعضو كتلة “الكتائب” النائب سليم الصايغ إلى المطالبة
“بإجراء تحقيق فوري لأنّ في الأمر جريمة موصوفة وانتهاك فاضح لأبسط حقوق
المواطن في الصحّة.” متسائلاً “كيف تصرف المساعدات المجانية وأين الدواء؟
في المقابل، هذه الفضيحة يمكن أن تُضاف إلى الفضائح المدوية الكثيرة التي
شهدتها وزارة الصحة منذ سنين، ولكنّ الكارثة الكبرى أنّ الدعاوى المقدمة في ملفّ الأدوية
ما زالت نائمة في أدراج قصر العدل، وسنقوم بتفنيد بعضها تباعاً.
بالعودة إلى هذه الهبة، يؤكّد نصار أنّ “هذه الكمية التي وصلت إلى الوزارة كانت
تكفي لمدة شهرين، ما دفع بالوزير إلى عدم طلب كمية كبيرة من الوكيل بعد تأمينها
في الوزارة على شكل هبة. والخبر السار أنّه يمكن لمرضى الضمان الحصول عليه بعد
تقديم طلبات إلى وزارة الصحة، لكنّ المفاجأة كانت أنّ الدواء لم يعد موجوداً.”
يستغرب نصار كيف يمكن أن تستنزف الكمية التي من المفترض أن تكفي شهرين في
غضون أسبوعين، وبعد البحث والتدقيق تبيّن أنّ هذه الأدوية تُباع في السوق السوداء وللأسف،
بعض الصيدليات وبالتعاون مع بعض النافذين في وزارة الصحّة، (حزبيين وغير حزبيين)،
يبيعون الدواء داخل الصيدليات وختم الوزارة مطبوع على العلبة.”
ويستشهد نصار بحادثة جرت قائلاً “تلقيتُ اتّصالاً من شابة مضمونة تؤمّن أدويتها
مجاناً من وزارة الصحة، لأنّ لديها وساطة مع أنّه لا يحقّ لها الاستفادة من هذه الخدمة
وفق القانون. والمضحك المبكي أنّ الصيدلي في منطقتها قادر على تأمين دواءين
مقطوعين بالسعر المدعوم، ولكنّها تريد أن تحصل عليهما مجاناً من خلال جمعيتنا.
في المقابل، لدينا مرضى مضمونون لا يحقّ لهم الحصول على هذا الدواء على حساب
وزارة الصحّة، وفي حال أرادوا شراءه يكون بالسعر غير المدعوم، وعليهم شراء هذين الدواءين من تركيا بسعر 1500 دولار.”
إذاً المشكلة ليست فقط بنقص التمويل المخصّص لاستيراد الأدوية السرطانية،
بل السرقة الموصوفة التي يقوم بها بعض العاملين في وزارة الصحة المدعومة
من الأحزاب. وبينما لفت نصار أنه “سيقوم بتسليم نقابة الصيادلة لائحة بأسماء
الصيدليات التي تبيع هذه الأدوية السرطانية المدعومة”، أكّد نقيب الصيادلة جو سلوم لـ”النهار” أنّه “
في انتظار تسلم اللائحة وسيتابع الموضوع مع المعنيين ولن نرضى بأن يتمّ استغلال
وجع الناس وسنتخذ الإجراءات اللازمة، كما سنعمل على ملفّ تهريب الأدوية”.
في حين نسترجع مع رئيس الهيئة الصحية “الصحة حقّ وكرامة” الدكتور اسماعيل
سكرية في حديث مع “النهار” عن بعض الدعاوى والفضائح التي تطال
الأدوية ومنها أدوية السرطان، وأهمّ هذه المحطات كما يقول سكرية تتمثل بـ:
– في 22/12/2011: اختفاء ملفّات مرضى السرطان وأمراض مستعصية في
وزارة الصحة وإتلافها قبل وصول التفتيش المركزي.
– في تموز 2007: دوّت فضيحة إبرة Taxotere التي تعطى للسرطان بعد أن تبيّن أنّها كناية عن ماء، وقد تسبّبت في وفاة مريضة لدى سكرية، والدعوى ما زالت موجودة في قصر العدل.
– في 26/2/2013: قامت وزارة الصحة بتوزيع أدوية منتهية الصلاحية.
– في 23/9/2011: فقدان أدوية للأمراض المستعصية وقام السماسرة ببيعها في السوق السوداء.
– في 30/12/2016: شراء أدوية سرطان بقيمة 106 مليارات ليرة لبنانية وتمّ بيعها خارج لبنان.
– في 26/4/2010: تهريب أدوية أمراض سرطانية من الكرنتيتا وبيعها في صيدليتين مذكورتين في الدعوى الموجودة في قصر العدل.
– في 1 تموز 1998: إصدار تقرير لباخرة محمّلة بالطحين يفيد بأنّها غير صالحة
للاعتماد لأنّها تحتوي على نسبة عالية من الرماد. ولكن في 8 تموز صدر تقرير آخر يفيد بأنّها صالحة للاستهلاك.
وعليه، يؤكّد سكرية أنّ هذه العينة من الفضائح تكشف حجم ما يجري داخل
أروقة الوزارة وخارجها، لذلك لم أعد أتفاجأ بأيّ خبر مماثل من هذا النوع، فطالما
الدعاوى المقدمة منذ سنين ما زالت نائمة في أدراج قصر العدل ولم يصدر أيّ
حكم في حقّ المخالفين والمسؤولين، ستبقى سرقة الأدوية التهريب والتلاعب قائمة في لبنان من دون رادع.”
وأمام صرخة المرضى والفضائح التي تُكتشف بين الحين والآخر، أكّد وزير الصحة
في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في حديث سابق أنّ “مشكلة أدوية السرطان
تكمن في التمويل، إذ نحتاج إلى موازنة أكبر لتأمين كميات أكبر من الأدوية”. وأشار إلى أنّ
الرئيس ميقاتي وعدنا “أن يرتفع المبلغ من 25 إلى 30 مليون دولار”.
كما شدّد على أننا “سنبدأ بتطبيق MediTrack لتتبّع أدوية السرطان، ومن ثمّ الأدوية التي
توزّع على الصيدليات، والتي ستسمح لها بتتبّع مسار الدواء”.
ولكنّ الخلاصة واحدة، المتاجرة بأوجاع الناس لن يتوقف، والوساطة ستبقى قائمة
على”ناس وناس” للحصول على الأدوية في حين أن قسماً كبيراً من المرضى محرومون
من العلاج. فأين أصبحت كلّ الدعاوى في قصر العدل؟
وماذا عن أرواح الناس المرهونة لجشع بعض التجار والصيدليات وبعض الموظفين؟
لمزيد من الاخبار اضغط هنا