باسيل يُصعدّ… شروطه أو الفوضى والفراغ؟!
باسيل يُصعدّ… شروطه أو الفوضى والفراغ؟!
لا تزال ردود الفعل على كلام رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل تتفاعل، بعدما رفع من منسوب المواجهة خلال كلمته الأخيرة بعد إجتماع تكتّل “لبنان القويّ” الأسبوعيّ، وخصوصاً بوجه حلفائه قبل خصومه في السياسة. وقد أتّى الحديث الصحفيّ لرئيس الجمهوريّة ميشال عون يوم أمس أيضاً،
ليزيد من التشنّج والخلاف، والحؤول دون الوصول قبل 31 تشرين الأوّل المقبل،
لاتّفاق بشأن إنتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهوريّة، إضافة إلى تشكيل حكومة.
فقد كان كلام كلٍّ من باسيل وعون متطابقاً، من موضوع الرئاسة إلى الحكومة،
مروراً بقضيّة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنّهما يُمارسان المنطق عينه، في كل الإستحقاقات.
ويتوقف مراقبون حول النقطة الأساسيّة التي يدور حولها الخلاف، وهي تشكيل الحكومة الجديدة،
وبشكل خاصّ إذا تعذّر إنتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، وهو أمرٌ متوقّعٌ، لغياب الإتّفاق حول إسمٍ جامعٍ حتّى اللحظة بين مختلف الأفرقاء، ولعدم وجود الأكثريّة النيابيّة القادرة على فرض المرشّح وإنتخابه.
ويقول مراقبون إنّ باسيل ربط الإستحقاقين الحكوميّ والرئاسيّ ببعضهما،
وأصبحت معركة الحكومة توازي الرئاسة بأهميّتها لدى فريق “العهد” الحالي،
من هنا، أتى طرح توسيع مجلس الوزراء إلى 30 وزيراً، مع إضافة 6 حقائب دولة.
ويُفسّر المراقبون أنّ هذا الإقتراح يُريد من خلاله أنّ يبسط باسيل هيمنته على الحكومة والرئاسة،
فهو أّكّد أنّه بعد مغاردة الرئيس عون، أنّ كلّ وزيرٍ هو رئيس للجمهوريّة، فماذا لو كان الثلث المعطّل من حصّته؟
ويُشير مراقبون إلى أنّ حكومة الـ30 وزيراً لن يُكتب لها النجاح، فقد أعلن صراحةً رئيس مجلس النواب نبيه برّي معارضته لها، ولن تُوافق عليها بقيّة الأفرقاء التي تنوي المشاركة في الحكومة، كيّ لا يتحكّم
باسيل بها وبرئاسة الجمهوريّة، إنّ من خلال مشاركته شخصيّاً، أو بطريقة غير مباشرة من خلال وزرائه.
ويُضيف المراقبون أنّ باسيل يُدرك أنّه لن تقوم حكومة بهذا العدد، فإذا عارضها برّي،
لن يُؤيّدها “حزب الله” حكماً. ويُتابع المراقبون أنّ الأخير يُريد إخراج البلد من دوامة التعطيل
الذي حصل خلال ولاية الرئيس عون، وسيُمانع أيّ تكريسٍ جديدٍ قد يُطيل من عمر هذا العهد،
فأتى تقاربه من رئيس الحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” وليد جنبلاط للبحث عن شخصيّة
مسيحيّة وسطيّة، تُعالج المشاكل الإقتصاديّة والماليّة، ولا تكون مستفزّة لأيّ طرفٍ آخر، لتجنّب الدخول في الفوضى السياسيّة كما هو الحال حاليّاً.
وفي الشقّ الرئاسيّ، أصابت سهام باسيل حليفه “حزب الله“، وأعلن من جديد معارضته
لأيّ فريق غير مسيحيّ يقوم بفرض إسم المرشّح المقبل، وذكّر بشروطه على أنّ أيّ شخصيّة
مسيحيّة يجب أنّ تكون ممثلة نيابيّاً وشعبيّاً ومسيحيّاً. ويعتبر مراقبون أنّ
باسيل من خلال هذا الطرح يقول لـ”حزب الله” إنّه المرشّح الأقوى في فريق الثامن من آذار، ويتوجّب دعمه للرئاسة، أو السير
بالمرشّح الذي يتبنّاه، وإلّا لن يُعطي أصوات كتلته النيابيّة لأيّ شخصٍ آخر،
وخصوصاً إذا كان وسطيّاً ومدعوماً من جانب نواب “الوفاء للمقاومة”.
ويُضيف المراقبون أنّ باسيل جدّد رفضه لإسم رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، ولن يسير به طالما هو و”الثنائيّ الشيعيّ” لم يستجيبا لشروطه ومطالبه، إنّ استُبعد من السباق الرئاسيّ.
وفي هذا السياق، يلفت مراقبون إلى أنّه من يريد أنّ يطرح نفسه على
أنّه مرشّح رئاسيّ، عليه أوّلاً أنّ يكون توافقيّاً بين أغلبيّة الكتل، وما يقوم به باسيل هو العكس تماماً، فلا يُفوّت مناسبة إلّا ويُعادي فيها الرئيس برّي وكتلته النيابيّة، ولا يزال يُحاول التفرقة
بين “حزب الله” و”حركة أمل“، من خلال الإستمرار بمطالبة السيّد حسن نصرالله بالتدخّل وأنّ
يكون الحكم بينه وبين رئيس المجلس النيابيّ. كذلك، يقول المراقبون إنّ باسيل بعد
رفضه أنّ يقوم الفريق الشيعيّ بتسميّة رئيس الجمهوريّة، تبنّى مواقف نصرالله،
وخصوصاً بشأن “الحصار الأميركيّ” الإقتصاديّ والكهربائيّ المفروض على لبنان،
وأشار إلى أنّه من هذا المنطلق تأثر قطاع الكهرباء، خلافاً لما أعلنه برّي خلال
الذكرى الـ44 لتغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه. فانطلق من منطق “حزب الله” ليردّ على “أمل”، في محاولة للقول إنّ برّي يُخالف نصرالله في تفسير أساس المشكلة الكهربائيّة.
ويُضيف المراقبون أنّه لو أراد باسيل إكمال ما بدأه الرئيس عون، أليس عليه أنّ
يتقرّب أكثر من الأطراف المسيحيّة الأخرى التي أوصلت عون إلى بعبدا، وفي مقدّمتها “القوّات”،
وهكذا يكون قد نال دعم الأكثريّة الساحقة من المسيحيين نيابيّاً وشعبيّاً؟ ورغم أنّ هذا الأمر أصبح مستحيلاً،
لاعتراف “القوّات” بالخطأ الإستراتيجيّ الذي ارتكبته عام 2016، وأعقبه الخروج عن إتّفاق “معراب”،
ومعارضتها وصول أيّ شخصيّة لها صلّة بمحوّر “الممانعة”، فإنّ حظوظ باسيل الرئاسيّة معدومة،
لأنّه لم يترك أيّ صديق، واستبعده بدوره “حزب الله” عن الملف الرئاسيّ.
ويختم مراقبون أنّ ما يقوم به باسيل في العام 2022، مُشابه تماماً لما قام به الرئيس عون عام 1988، وما قام به “التيّار الوطنيّ الحرّ” منذ العام 2014، بعد إنتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان،
وصولاً للـ2016 مع إنتخاب عون، وهو إدخال لبنان في الفراغ والفوضى الدستوريّة والسياسيّة،
إنّ لم يصل أو مرشّحه إلى بعبدا، أو ينال الثلث المعطّل في الحكومة الجديدة.
ويُتابع المراقبون أنّ أفضل سيناريو لإخراج البلاد من هذه الدوامة، أنّ تلتقي
بقيّة الأفرقاء على إسمٍ وسطيٍّ جديدٍ لرئاسة الجمهوريّة، وقد بدأ مرشّحون
لا ينتمون لأيّ فريقٍ سياسيٍّ بالإعلان عن ترشّحهم، وكفاءاتهم معلومة في
الخارج قبل الداخل، فهل تلتقي “المعارضة” و”الثنائيّ الشيعيّ” على دعم أحدهم،
ويكون هذا الحلّ الأنسب لتجنّب الفراغ الرئاسيّ، وإنطلاقة لتشكيل حكومة؟
المصدر: لبنان 24
لمزيد من المعلومات اضغط هنا