لا رئيس حتى مطلع العام الجديد……و بري سيعود إلى الحوار مجدداً حين تحين الظروف
لا رئيس حتى مطلع العام الجديد……و بري سيعود إلى الحوار مجدداً حين تحين الظروف
كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
يتمهّل «الثنائي الشيعي» في كشف أوراقه الرئاسية. إستقبال الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله للمعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والذي أتى في أعقاب زيارة قام بها رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل، يؤكد أن «حزب الله» دخل عملياً في وضع استراتيجية الرئاسة على
سكتها وهو يسعى الى الإنطلاق من البيت الداخلي ليتوسع لاحقاً. أكثر مما
تشده الجلسات المخصصة لإنتخاب رئيس في مجلس النواب، فلا بحث جدياً بعد
في ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية، تقول مصادر «الثنائي الشيعي»، وخارجياً
يتوزع اهتمام الدول بين المرتاح الى وضعه ويرفض رمي بيضه مجاناً، والمستعجل
لجني المكاسب، وطرف ثالث لم ينزل بثقله بعد، ومحلياً لا يزال المرشحون
يتجنبون الإعلان عن ترشيحاتهم ريثما تنجلي التحالفات داخل مجلس النواب.
تلاحظ المصادر من موقعها عدم وجود إرادة جدية عند أي طرف للتراجع عن موقفه
أو بلورته بشكل أوضح من دون إنكشاف الأفق إقليمياً ودولياً. الكل ما زال في مرحلة المناورة
الأولى. من اليوم وحتى بداية العام المقبل سنكون أمام مراوحة سلبية للوضع. كل جهة
ستغتنم الفرصة لتسجيل موقفها وتثبت قواعدها وهمها بأن تظهر للرأي العام بالصورة
التي تريدها ولو من دون أي نتيجة مرجوة. إنها مرحلة شد العصب الطائفي مسيحياً
ومحاولة كل جهة تسجيل الأهداف في مرمى خصمها السياسي.
همّ «التيار الوطني» اليوم ينصبّ على رفض الإنتخاب بالورقة البيضاء حالياً، فريق
آخر همه عدم فقدان النصاب في الدورة الثانية لكن عملياً لا مقاربة جدية لموضوع
الرئاسة بعد. الكل بحاجة للكل لكن الحوار بينهم جميعاً مفقود. حتى «حزب الله» يحتاج
للتحدث الى الآخرين متى دقت ساعة الحقيقة، وسيبدأ من حليفه رئيس «التيار الوطني
الحر». رفض باسيل لا يقفل الباب على ترشيح رئيس «تيار المردة « سليمان فرنجية
ولا يلغي حظوظه وإن كانت صعبة راهناً. أما حركة «أمل» فهي تتبع تكتيكاً مختلفاً عن
الدورة الماضية. يومها حشرها «حزب الله» بخيار عون وبقي التعطيل مستمراً الى أن فاز عون بموجب تسوية داخلية وخارجية ورغم ذلك لم تنتخب «أمل» عون وأصرت على مرشحها رئيس «تيار المردة». الخيار لهذه الدورة لا يزال ذاته إنما لم يتخذ القرار بشأنه كلياً بعد، اولاً لأن الإعلان عن الترشيح «يجب أن يصدر عن المرشح نفسه لنؤيد ترشيحه، والثاني لأننا
و»حزب الله» نريده رئيساً ولا نريده مجرد مرشح».
في هذا الوقت يلتزم فرنجية الصمت ويكتم غيظه من مواقف باسيل الذي
لا يفوّت فرصة للاعلان عن رفض ترشيحه وكأن هناك من نصحه بالتزام الصمت
ريثما يستوعب باسيل الموقف جيداً. مجرد أنّ الثنائي لا يملك مرشحاً بديلاً عن
فرنجية لغاية اليوم يعني أن فرنجية سيبقى مرشحه ولكن ساعة الصفر للعمل الجدي لم تبدأ بعد.
أما دولياً وإقليمياً فيرصد الثنائي إعادة شكل الإهتمام بلبنان إقليمياً ودولياً. واضح أنّ
لبنان ليس أولوية لأي دولة في الفترة الراهنة من أميركا المتريثة والتي تكتفي بدور
المراقب عن بعد، الى الفرنسيين لتقول مصادرهم أنّ العالم بأسره مأزوم سياسياً واقتصادياً. الدول الأكثر راحة الى وضعها أي الخليج العربي، والسعودية على وجه الخصوص لم تتوضح رؤيتها بعد.
للسعودية دور محوري في رئاسة الجمهورية وشروطها تعبر عنها حركة سفيرها
في لبنان وليد البخاري وإن لم يعلنها ولكنها سلة عالية السقف.
لأول مرة يرصد المراقبون أنّ السعودية تتحدث عن رئيس جمهورية ورئيس حكومة
أي أنها دخلت على خط التفاوض على الإستحقاقين. هي أيضاَ ليست على عجلة من
أمرها وتريد التمهل ريثما تتوضح العلاقة مع إيران والمفاوضات الإيرانية – الأميركية
ونتائج انتخابات الكونغرس الأميركي. وهذا يؤشر الى أنّها مرتاحة لوضعها ولا تستعجل
كشف أوراقها باكراً، على عكس الفرنسيين الذين هم على عجلة من أمرهم ويغدقون
الوعود اينما حلّوا. نقلاً عن مسؤول لبناني بارز التقاه قبل أيام، إعترف الرئيس الفرنسي
إيمانويل ماكرون انه تسرّع في التعاطي مع الملف اللبناني بالطريقة التي تعاطى بها،
حيث غلّب منطق العاطفة بينما كان يمكن أن يدار الموضوع اللبناني بطريقة أفضل.
في تقديره أن كلام ماكرون يكشف أن الفرنسيين لم يكن لديهم إستراتيجية
واضحة للتعاطي مع الملف اللبناني. شرّعوا أبوابهم أمام الجميع من دون أن يتمكنوا
من لعب دور مفيد. التعاطي الدولي المتريث مع لبنان سيستمر ما يعني صعوبة توقع
أي تطور متعلق برئاسة الجمورية قبل السنة المقبلة، ما يعني بحسب المصادر ايضاً أنّ
أمام لبنان أشهراً صعبة قبل التحرك الجدي على المستويين المحلي والدولي.
كتبت راكيل عتيّق في “نداء الوطن”:
لم تكن دعوة الرئيس نبيه بري الى حوار بين الكتل النيابية للوصول الى
رئيس توافقي، خطوة «ارتجالية» أو من باب «رمي حجر» في المستنقع
الرئاسي. فرئيس مجلس النواب لا يخطو «دعسة ناقصة» خصوصاً في استحقاق
دستوري أساسي كانتخاب رئيس للجمهورية، بل يستمزج الآراء ويسأل كثيراً «هون
وأبعد من هون»، قبل إقدامه على خطوة كهذه، بحسب مصادر مطّلعة على تحرُّكه.
وبالتالي، أتت دعوة بري الى الحوار، قبل أن يعتذر عن السير بها نتيجة اعتراض
كتلتي «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني
الحر»، بـ»مباركة» خارجية، فكلّ العواصم المؤثرة في لبنان، تدفع الى إنجاز
الاستحقاق الرئاسي، والأوروبيون يهدّدون بعقوبات على معرقلي انتخاب رئيس للجمهورية.
لذلك إنّ دعوة بري الى الحوار على المستوى الرئاسي ليست لمجرد «الحوار للحوار»،
بل لأنّه مقتنع بأنّ الحوار هو الطريق الصحيح الذي يوصل الى انتخاب رئيس، فما
يحصل الآن، من جلسات انتخاب صوريّة وبلا تفاهم، لا يأتي برئيس، بحسب المصادر
نفسها. فعملياً، تعلم الكتل النيابية الكبيرة ما الذي تريده رئاسياً، لكن أيّاً منها غير قادرة
بمفردها أو بالاتفاق مع كتلة أخرى على أن توصل مرشحها. لذلك يجب الاتفاق على
مخرج وإيجاد حلّ، وهذا الحلّ لا يعني الإجماع على مرشح، بحسب هذه المصادر، بل
الاتفاق على طريقة الذهاب الى الانتخاب، خصوصاً أنّ الوجوه الرئاسية الحقيقية لم تظهر بعد.
وفي الحوار يجري تظهير المرشحين الفعليين، من خلال الاتفاق على المبادئ
والمواصفات التي يجب أن يتمتّع بها الرئيس المقبل، والتي تكون «جامعة» أو
متفقاً عليها بين الجميع، بحيث لا يكون رئيس تحدٍّ، ويعترف بـ»اتفاق الطائف» و
يتمسّك بالدستور وبعلاقات لبنان التاريخية مع الدول العربية والغربية…
لذلك، يدعو بري الى التفاهم حتى على الخلاف، والاتفاق على المبادئ الرئاسية وتظهير المرشح الحقيقي لكلاً من الأفرقاء والذي يحمل هذه المبادئ. وبعد الاتفاق على المبادئ والمواصفات الرئاسية، يدعو رئيس المجلس الى جلسة انتخاب و»ساعتها ليربح من يربح»، فلا يُنتخب الرئيس «على زعَل».
وتلخّص المصادر نفسها قصد بري من الحوار، بأنّه يقول: «لندخل في الجدّ».
وفي حين أنّه لن يدعو الى حوار بلا مشاركة أكبر كتلتين مسيحيتين إنطلاقاً من
أنّه لا يستثني أحداً وهو «أبو الحوار» في البلد، إلّا أنّه استناداً الى هدف الحوار
المدعوم من الخارج ومن مرجعيات معنية في الداخل، لن يرمي هذه الورقة، وعندما
يجد أنّ الأجواء مناسبة سيدعو الى الحوار مجدداً. وفي الغضون، لن يغلق أبوابه،
وسيطبّق الدستور، لكنه لن يدع المسرحية الرئاسية تستمرّ من دون نتيجة، بل
سيواصل عمله التشاوري – التوافقي بمعزل عن صيغته، بالتوازي مع الضغط
الدولي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، فالأوروبي والأميركي وكلّ الدول العربية يدعون
الى انتخاب رئيس، بحسب المصادر المطّلعة، ويتدخلون ويسألون
عن أسباب التأخير، كذلك يهدّد الأوروبيون بعقوبات.
لذلك يتحرّك بري رئاسياً إنطلاقاً من أنّ هذا الاستحقاق «ليس متروكاً لقدرنا».
وتعتبر المصادر نفسها أنّ الأفرقاء الذين يعارضون الحوار، «سيأتون عاجلاً أم آجلاً».
وتشدّد على أنّ بري «العين الساهرة التي لا تنام»، معتبرةً أنّ النائب ميشال معوض
ليس المرشح الفعلي لمن ينتخبونه وأنّ فريق الثامن من آذار لم يتوصّل الى مرشح بعد
ويعطّل نصاب الجلسات، وهذه عملية قانونية، إذ إنّ أي فريق قد يستخدم المقاطعة
أو التعطيل، ففي الجلسات التشريعية ينسحب نواب
اعتراضاً على اقتراح أو مشروع قانون، وبالتالي لا يُمكن إجبار
أحد على المشاركة. ولوقف هذا المسار رئاسياً، لا حلّ إلّا بالحوار.
أمّا طرح «القوات» رداً على دعوة بري الى الحوار، والذي يقضي بأن يدعو بري
الى جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس ويُمكن التشاور خلالها، فغير قابل للتطبيق بحسب مصادر قريبة من بري، إذ إن هناك استحالة لمحاورة 128 نائباً، فللحوار أصوله، بحيث تتمثّل كلّ كتلة نيابية بحسب حجمها، ولا يتعدّى عدد المشاركين في الحوار الـ15 نائباً. وهذا الطرح لا يلبّي الهدف من الحوار، والذي من أسبابه «تظهير ما لم يظهر بعد». وفي حين أنّ بري «ميّال» الى انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، إلّا أنّه
«يتحدّث مع جميع الناس»، وتشير المصادر نفسها، الى أن «لا كلام رئاسياً جدّياً بعد»،
ولا يزال من الباكر الوصول الى رئيس تسووي أياً كان اسمه، من فرنجية الى قائد الجيش
أو غيرهما، وبلا حوار: «لا نتيجة ولا رئيس».
لمزيد من الاخبار الرجاء الضغط هنا