“السيّد” يفتتح معركة فرنجية… بقصف على قائد الجيش
“السيّد” يفتتح معركة فرنجية… بقصف على قائد الجيش
افتتح الأمين العام للحزب معركة ترشيح “عينه الثانية” سليمان فرنجية، بقصف مركّز على قائد الجيش،
من دون أن يسمّيه، يقارب محاولة إخراجه نهائياً من السباق الرئاسي.
سليمان فرنجية
وما قاله نصر الله يتمّم ما تسوّقه الأقلام القريبة منه منذ أسابيع، عن أنّ الجيش اللبناني
“أرخى” حبال الأمن لثورة 17 تشرين، باعتبارها مؤامرة على الحزب.
واتهم نصر الله الأميركيين بصناعة الثورة والاستثمار فيها، و”ميّل” على انتقاد الدعم الأميركي الدائم للجيش اللبناني باعتبار هدفه “مواجهة المقاومة”.
هكذا وضع الجيش وقائده في خانة “أميركا” و”المؤامرة” عليه وعلى حزبه، من دون أن يسمّي قائد الجيش. لكن من له أذنان فقد سمع. وهذا القصف المركّز على محور المرشّح الجدّي جوزف عون، ليس سوى افتتاح لمعركة سليمان فرنجية، وبالأسلحة الثقيلة.
فقد حدّد نصرالله مواصفات يشترط حزبه أن يتحلّى بها الرئيس المقبل.وحدّد ما يريده منه: “أن يُطمئن المقاومة”.
فرنجية
… وإلّا فوضى وحرب أهليّة
في كانون الثاني 2020، قال رئيس الجمهورية ميشال عون،
صديق المقاومة وحامي ظهرها، إنّ المؤسّسة العسكرية “تصرّفت بحكمة” في أحداث 17 تشرين،
فحمت المتظاهرين والمواطنين الآخرين في آن معاً.
يسقط هذا الكلام اليوم مع تقاطع مواقف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مقابلته الأخيرة،
مع كلام نصرالله في يوم الشهيد عن “فوضى أتت بها الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان تشرين”.
وصف الأوّل قائد الجيش جوزف عون بأنّه بقي متفرّجاً على الأقلّ في تلك الأحداث،
والثاني فاخر بمواجهته الانتفاضة حين قال: “كان لدينا منذ اليوم الأوّل الشجاعة للتشكُّك في خلفيّتها على الرغم من أنّ كثراً في لبنان أُخِذوا بالشعارات الطنّانة”.
فرنجية
ليس هذا الموقف مستجدّاً، فمَن تابع كواليس المواقف الحقيقية للحزب وحلفائه،
يعرف جيّداً أنّهم حمّلوا عون مسؤولية ما اعتبروه “تواطؤاً وحمايةً للتحرّكات بإيعاز من الأميركي”.
واستكمل هذا الكلام إشارةُ نصرالله إلى الدعم الأميركي للجيش بهدفط
أن يكون في مواجهة المقاومة. فعلى الرغم من تأكيد نصرالله أنّ “الجيش،
قيادةً وضبّاطاً ورتباء وجنوداً، كلّه يرفض هذا الموقف بالمطلق”،
إلّا أنّ مطالبة نصرالله برئيس “مطمئن لهذه المقاومة” ربطاً بالكلام عن التدخّل الأميركي وبكلّ ما سبق، يرى فيها البعض تشكُّكاً كبيراً في قبول انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.
“جرح” ميشال سليمان؟
إضافةً إلى حيثيّات 17 تشرين، لا بدّ من التوقّف عند عبارة: “نريد رئيساً ما بينشرى وما بينباع”، التي مرّ عليها نصرالله في سرديّته الرئاسية، مضيفاً أنّ هناك سوابق، ومتحدّثاً عن أسعار مختلفة تراوح بين 100 مليون و50 مليوناً.
في المعلومات أنّ نصرالله لم يتحدّث عن عهدَيْ إميل لحّود وميشال عون عن عبث،
ولم يتحدّث عن إمكانية رشوة أيّ رئيس مقبل بالصدفة، بل في ذاكرته تجربة يعتبرها أقرب إلى الخيانة. والأرجح أنّه يقصد تجربة الرئيس ميشال سليمان الذي يعتبر الحزب أنّه انقلب على التفاهم معه في اتفاق الدوحة،
وأشهر إعلان بعبدا في العامين الأخيرين “مقابل ثمن قبضه لقاء ذلك”، فكان ذلك بمنزلة درس تلقّاه الحزب عما يمكن أن يقوم به رئيس الجمهورية في حال قرّر “طعن المقاومة بالظهر”.
فرنجية
وقد جاء كلام نصرالله في “يوم الشهيد” تذكيراً بتجربة سليمان ورفضاً قاطعاً لتكرارها.
وعليه، هل يمكن اعتبار أنّ كلّ ما جاء في خطاب نصرالله ربطاً بسياقه السياسي هو دليل مباشر على عدم إعطاء الحزب ثقته مجدّداً لقيادات الجيش “المموّلة أميركيّاً” لتولّي رئاسة البلاد؟
تعتبر مصادر مقرّبة من الحزب أنّ تجربة ميشال سليمان تقطع الطريق أمام جوزف عون إلى الرئاسة، فيما تفضّل مصادر أخرى التمعّن أكثر بقول نصرالله: “المقاومة لا تحتاج إلى غطاء أو حماية، بل نحتاج إلى رئيس لا يطعن المقاومة بظهرها”. كما لو أنّه يترك نافذة مفتوحة للحوار… وربما للتسوية.
خرق داخليّ واحد محتمل
على الرغم من الكلام الدائم عن توجّه الحزب بعد تصعيده الرئاسي هذا إلى خفض السقوف عبر القول لحليفه سليمان فرنجية إنّه “ما عاد باليد حيلة”، غير أنّ الواقع حتى الساعة يشير إلى تمسّك الحزب بحليفيه جبران باسيل وسليمان فرنجية مرشّحين وحيدين للرئاسة.
ولمّا كان باسيل لا يملك أيّ حظّ باختراق داخلي للاصطفاف النيابي، كما قال له نصرالله في لقائهما الأخير، فإنّ الحزب متمسّك بفرنجية مرشّحاً أوحد للرئاسة، ولا يزال أبرز من يعارضه قاطعاً عليه الطريق هو باسيل نفسه.
غير أنّ ما يجدر التوقّف عنده جدّيّاً هو العبارة الأخيرة التي قالها الأمين العام للحزب في خطابه بعد ظهر الجمعة: “إذا بدنا نستخرج غاز من مياهنا الجنوبية، وإذا بدنا لبنان يكون عصيّاً على الفوضى والحرب الأهلية مننتخب هيك رئيس”.
ماذا يعني هذا الكلام؟
هل يحذّر نصرالله من أيّ خرق داخلي يُبنى على التقاء سياسي على مرشّح رئاسي بعيد عن الحزب؟
أم يرفع السقف للحصول على ضمانات تتعلّق بسلاحه للمرحلة المقبلة مقابل الذهاب إلى مقاربة رئاسية جديدة؟
الجواب على هذه الأسئلة سيكون حتماً في الأشهر المقبلة، على أن يشهد منتصف العام المقبل دخّاناً رئاسياً أبيض كما يرجّح المعنيون.
المصدر: أساس ميديا
لمشاهدة المزيد اضغط هنا