“الحريري الجديد” يتحدّث عن الرئاسة ويحدّد “مفتاح الحل”… لحظة قاسية تُطارده!
“الحريري الجديد” يتحدّث عن الرئاسة ويحدّد “مفتاح الحل”… لحظة قاسية تُطارده!
“ليبانون ديبايت” كتب الإعلامي والكاتب الصحفي المصري عماد الدين أديب مقالًا في موقع “الشرق” غلب عليه الطابع “الوجداني”، ساردًا فيه أسلوب حياة الرئيس سعد الحريري، قبل وبعد تعليقه العمل السياسي، إذ بدا وكأنه كتب المقال بعد جلسة مطوّلة مع الحريري على شاطئ السعديات في أبوظبي، عاصمة الإمارات التي اتخذ منها الحريري مقرّا له. يقول أديب أن الحريري يُحافظ على وزنه وصحته بشكل غير مسبوق،
ملتزمًا بوجبات وصفها له طبيب التغذية، منها وجبة الفواكه الطازجة والشوفان، ووجبة مشاوي وسلطة خضراء. لافتًا الى أن الحريري “ينام في الليل نوماً عميقاً، وفي ساعة غير متأخرة، يمارس الرياضة مرتين في اليوم: الاولى رياضة متنوعة في الجيم، والثانية ركوب الدراجة الرياضية من أجل تنشيط الدورة الدموية”.
وروى أديب كيف تُطارد الحريري لحظة رؤية جثمان والده متفحماً تماماً مسجى
في غرفة المعيشة بعد انتشالها ممدّدة في “قريطم”. ويقول “ها هو الآن يجلس أمام شاطئ بحر السعديات يدخن الميدواخ ويذهب بذاكرته لبعيد.
ويعود لبعض الوثائق ولبعض محاضر الاجتماعات ويقوم بتدوين بعض الوقائع
والأحداث والحوارات التي دارت في اجتماعات أو غرف مغلقة حتى لا تطير الوقائع
مع دخان الحياة أو تغييب الموت”. ولفت الى أن الحريري “لا يحيط نفسه إلاّ بقلة
قليلة من البشر المقربين معظمهم من الاداريين، وهو يجلس عند كل غروب أمام
شاطئ البحر ليطرح على ذاته أسئلة وجودية لم تمهله الصراعات او الانشغالات
أن يطرحها على نفسه: ما هو التعريف الحقيقي للقوة؟ هل القوة في السلطة أم ان القوة في البقاء بعيداً عن السلطة؟
ما هو الموت؟ هل هو التوقف اكلينيكياً عن التنفس ام التنفس مع التوقف عن الامل”؟ ويسأل الحريري نفسه أيضًا، “من هو الأفضل حالاً اليوم: رفيق الحريري الذي استشهد في حادث تفجير إجرامي أم سعد الحريري الذي اريد تفجيره وهو حي”؟ من هو الحليف الوفي؟ وهل يوجد مثله على كوكب السياسة اللبنانية؟
من باعه من الأصدقاء والاقارب والحلفاء والزملاء؟ من بقي منهم ومن تلاشى وذهب
يعرض نفسه في ساحة الاستئجار لمن يدفع؟ ليعود أديب ويطرح سؤالًا في مقاله،
“اي تجربة هذه التي قضاها هذا الشاب العاشق للحياة الذي كان يعرف انه خير من
يطهو الباستا وأفضل من يسعد اصدقاءه، وأكثر من يستمتع بالسفر والمستمتع
دائماً بأسرته الصغيرة والراغب دوماً في الاقتراب من دفء والده، وهو كان يصل الليل بالنهار لإقامة شبكة علاقات عامة في المملكة كي يحقق آمال والده فيه”. و
قال، “منذ لحظة اغتيال والده بدأت رحلة سعد مع الألم، عاد من عالم ليدخل عالم آخر، عاد من عالم يتعامل فيه مع أصحاب «سمو» ليتعامل في لبنان مع أصحاب «دنو». ويتابع، “دخل سعد الحريري في مستنقع السياسة اللبنانية، وسار في حقل ألغام السياسة فيها، ومع كل يوم، وكل موقف،
ومع كل سياسي يكتشف انه وسط حفنة من المافيا، واكتشف أنّ لا يوجد
سياسي لبناني هو لبناني الهوى او لبناني السيادة لكنه مربوط بخيط مشدود الى عاصمة خارجية، سواء في دمشق أم طهران أم باريس أم واشنطن”. وقال، “اكتشف سعد ان شراء الذمم وبناء الولاءات هو المصدر الرئيسي للدخل في الوسط السياسي اللبناني”. وتابع، “دخل عالم السياسة و
هو يعتقد ان أصدقاء ابيه وحلفاءه السابقون سوف يكونون خير داعم له، فاكتشف ان الصداقة مثل العشق لا شيء فيها نهائي وأبدي، وأن قصص الحب قد تنتهي بخيانة أحد الاطراف للآخر.
دخل السياسة وهو يعتقد ان الدم الذي يربطه بالعائلة أقوى من أي مصالح
وأي سلطة وأي أرقام، وأصيب بالذهول حينما اكتشف ان رابطة الدم تتحوّل
الى ماء اذا كانت هناك رغبة مرضية للحصول على سلطة حتى لو كانت على جثته”.
ويضيف، “الآن سعد الجديد الذي خرج من مرارة تجربة السنين، وتعلم الدرس القاسي
انه لا يمكن أن تكون بريئاً في عالم من الاشرار، ولا يمكن أن تصدق كل ما تراه عيناك،
ولا تثق بكل ما تسمعه اذناك،
وبعد مراجعة شاملة وقاسية لكل الاحداث والعثرات والاصدقاء الحلفاء والاعداء
هناك رؤية مختلفة تماماً عن رؤيته للدنيا والناس والمصالح مثل تلك التي كانت في شباط 2005″.
ويتكلّم أديب عن لحظتين أجبرتا سعد على طرح سؤال وجودي على نفسه وضميره. اللحظة الأولى لحظة تخرّج ابنه الأكبر حسام الدين من إحدى الكليات العسكرية في بريطانيا،
حينها قال لنفسه: “الآن كبر حسام وأصبح في سن تحمّل المسؤولية المهنية،
فماذا تركت له؟ هل أترك مشاكل سياسية وعداوات تاريخية؟
وحسابات مفتوحة غير محسومة؟ واللحظة التغييرية الثانية، حينما نصحه طبيبه الخاص والمقرّب منه د. حسام ياسين بإجراء عملية قسطرة (تمييل) في المستشفى الاميركي في باريس، وقيل يومها إنه كان إجراءً وقائياً. يومها فكر سعد الحريري البالغ من العمر (52 عاماً) ماذا يحدث لو كانت الضغوط أكبر من القدرة على أن يتحملها جسدي؟ وينقل أديب أن “الحريري يبدأ بعد الافطار والرياضة بمتابعة دقيقة لكل الاحداث المرتبطة بلبنان.
ولا يتابع التفاصيل المحلية بحرص شديد لكن يتابع ويستفسر ويتصل في ما يختص
بالشؤون الاقليمية والدولية، لأنه يدرك ان “مفتاح الحل” للكارثة اللبنانية خارج لبنان
وليس داخله. ويقول، “يدرك الحريري ان اللاعب المحلي في لبنان فاقد للإرادة والقوة
في تقرير مصير لبنان. ويدرك ان مفاتيح الحل متعددة، مكانها في باريس وواشنطن
وطهران ودمشق والرياض والدوحة،
“الحريري
وحينما يأتي ذلك اليوم وتتفق هذه العواصم على تسوية إقليمية ما سيكون امام لبنان مشروع للحل”. ويشير الى أن “الحريري يستبعد أن يكون هناك توافق قريب أو سريع على رئيس للجمهورية في لبنان،
لافتًا الى أنه “ليس متلهفاً على سلطة او مسؤولية رغم ان بداخله حسرة شديدة على
الفرصة التاريخية التي ضاعت او ضُيّعت عن عمد بذهاب أموال مساعدات سيدر، التي يؤمن أنها ذهبت مع الفراغ السياسي المتعمد،
ولن تعود لأنها ببساطة لم تعد موجودة ولا تجد نظاماً سياسياً صالحاً لإدارتها”.
ويختم أديب مقاله بالقول، “من هنا يعود كل غروب ليجلس على شاطئ السعديات
ويضع رسالة في زجاجة لعلها تصل الى شاطئ بيروت تقول “أنتظر حتى يعود لبنان الى سيادته”، وفي نهايتها يذيلها بعبارة: “بحبك يا لبنان – سعد الحريري”.
لمزيد من الاخبار الرجاء الضغط هنا