الجيش وأمن الدولة وطارق البيطار
الجيش وأمن الدولة وطارق البيطار
توحي الأجواء أن النزاع القضائي الدائر حالياً قد يتمدّد ويتوسّع باتجاه التحوّل نزاعاً أمنياً – قضائياً، وقضائياً – قضائياً، في ضوء إصرار المحقّق العدلي في تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار،
على تجاوز المواد القانونية والمضي قدماً في اتجاه تسطير مذكرات توقيف
في حقّ المسؤولين القضائيين والأمنيين، الذين سيبدأ استدعاؤهم بالتدريج بدءاً من نهار الإثنين المقبل.
حتى الآن، ما سُرِّب في الإعلام، أكدّ المؤكد. المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم،
والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، لن يمثلا أمام البيطار الإثنين. في المقام الأول،
يعود السبب إلى اعتبارهما أن البيطار مكفوفة يده، وبالتالي، لن يكون لمذكرات التوقيف
التي يصدرها أي قيمة قانونية، في ظلّ وجود بلاغ من جانب مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات،
موجّه إلى الأجهزة الأمنية بضرورة عدم تنفيذ أي إشارة تصدر عن البيطار. في المقام الثاني،
عاد ابراهيم قبل ساعات من سفره، وهو يستعد للعودة إلى تفعيل نشاطه في مكتبه بالمديرية بدءاً من الإثنين المقبل، متجاهلاً أي حركة “بيطارية”.
في المقابل، سيتوجه صليبا إلى خارج لبنان خلال اليومين المقبلين بإجازةٍ خاصة،
ينكر “محيطه” أن تكون نابعة من رغبةٍ في الفرار من أمام البيطار. الأمر ذاته ينسحب
على الأشخاص الآخرين المستدعين من قبل البيطار، وهم الوزيران السابقان غازي زعيتر ونهاد المشنوق، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب.
من جهةٍ أخرى، وإن بدا استعار الأزمة القضائية ـ القضائية مسألة وقت،
سيزيد من وقعها جنوح طارق البيطار صوب إصدار قراره الإتهامي قريباً في انفجار مرفأ بيروت،
متجاوزاً مطالعة النيابة العامة التمييزية بصفتها متّهمة من جانبه، وقد يؤدي لجوء البيطار
لحماية نفسه من خلال الجيش اللبناني، إلى افتعال أزمة أمنية ـ أمنية طرفاها الجيش اللبناني،
من جهة وأمن الدولة من جهة أخرى.
عملياً، توفّر قيادة الجيش من خلال سرية تتبع لفوج المكافحة الحماية للبيطار بناءً على
قرار مجلس الدفاع الاعلى. قيادة الجيش، تؤكد عبر مصادر مقربة منها لـ”ليبانون ديبايت”،
أن الحماية المؤمّنة للبيطار، توفّر له حماية شخصية من أي استهدافات إرهابية،
وليست مرتبطة بتغطيته من أي مذكرة جلب أو توقيف تصدر عن المراجع القضائية.
هذا الكلام، بحسب مصادر أمنية لـ “ليبانون ديبايت”، أبلغه قائد الجيش العماد جوزيف عون،
إلى اللواء صليبا، خلال لقائهما مطلع الأسبوع الجاري في اليرزة، ما فُهم لدى أمن الدولة أن
المذكرة المتوقّع صدورها من جانب عويدات، في حال مضى البيطار بتصعيده، لن تُواجه من
قبل الجيش، إلى حدّ يجعل الأمور تنزلق إلى مواجهة بين جهازين أمنيين، ووسط هذه المخاوف جاء لقاء عون وصليبا.
رغم ذلك، تمضي المصادر في قراءة السيناريوهات التي قد تحصل في حال أصدر البيطار
مذكرات توقيف، متجاهلاً إشارة عويدات، وردّ عليها الأخير بإصدار بلاغ بجلب البيطار،
وهنا يقول مصدر أمني لـ”ليبانون ديبايت”، إن المفترض حصوله، هو قيام أحد ضباط أمن الدولة بالتوجّه
إلى قائد سرية “المكافحة” المكلّفة حماية البيطار، وإبلاغه مضمون الإشارة القضائية.
وٌيفترض في هذه الحالة أن يتنحّى الضابط ليسمح لزميله ببدء تنفيذ إجراءات التوقيف،
فيما السيناريو الأسوأ أن يرفض الضابط السماح بتوقيف البيطار،
وهو داخل مكتبه وفي ظلّ وجود سرية الحماية، ويذهب باتجاه البحث في إيجاد مخرج من خلال مخابرة قيادته التي تتولّى منحه الإذن المناسب.
وفي هذا المجال، يؤكد أكثر من جهاز أمني، أن الجيش لن يكون طرفاً في النزاع القضائي ـ القضائي،
أو مسبّباً في توسيع المشكلة لتصبح أزمةً أمنية ـ أمنية، بمعنى أن الجيش لن يعترض على صدور
أي مذكرة توقيف، طالما أنها ستصدر عن الجهات الصالحة. في مقابل كل ذلك، ما زالت أوساط سياسية،
وأخرى أمنية، تردّد أن قائد الجيش جوزيف عون، أعطى وعداً للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وللبيطار شخصياً، بتأمين حمايته وعدم السماح بتوقيفه.
في الخلاصة، وفي ضوء المجريات الحاصلة، باتت المعادلة القائمة هي التالية:
لن يُصار إلى توقيف طارق البيطار في منزله، أو أثناء تجوّله، إنما ستصبح المذكرة
مفعّلة فقط في حال توجّهه إلى مكتبه في العدلية. وذلك سيُجبر البيطار على
ملازمة منزله كقاضٍ مكفوفة يده، وليس في مقدوره تنفيذ أي استدعاء أو إدعاء منه،
ولن يكون قادراً على مزاولة نشاطه في مكان آخر، طالما أن القرار الساري المفعول هو رفض نقل مكتبه إلى قصر عدل الجديدة قضاء المتن، لعدم تحوّله إلى سابقة.
لمزيد من المعلومات اضغط هنا