السنيورة: لن نسمح باستعمال لبنان منصة لإطلاق الصواريخ
السنيورة: لن نسمح باستعمال لبنان منصة لإطلاق الصواريخ
اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، أنَّ “ما يجري في القدس وفي المسجد الأقصى بالذات من اقتحام مستمر من قبل المستوطنين الإسرائيليين، بحماية صارخة من الشرطة الإسرائيلية أمر مرفوض ومُدان وينبغي أن يصار إلى الردّ عليه من خلال مواقف عربية قوية وجامعة, وكذلك من خلال اتصالات مكثّفة على المستوى الدولي ومجلس الأمن الدولي، التي من خلالها يمكن الضغط على إسرائيل”.
وفي حديثٍ لـ”التلفزيون العربي” قال السنيورة: “باعتقادي أنها هي الطريقة والأسلوب الصحيح الذي يمكن أن يعتد به الآن من أجل الردّ على هذه الانتهاكات لردع إسرائيل عن استمرارها في ارتكاباتها وأعمالها العنصرية. أما بما خصّ الرد على إسرائيل، وذلك من خلال الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان، فهذا أمر آخر ولا أظن انه من المفيد القيام به الآن”.
ورأى أن “كل أمر أو موقف يمكن أن يتخذ من أجل الردّ على إسرائيل بهدف ردعها يجب درسه لمعرفة كلفته ومخاطره من جهة أولى، وكذلك مردوده السياسي والعملي من جهة ثانية، ولا سيما لجهة تحديد تأثيراته وانعكاساته على الوضع اللبناني، ومن ثم أيضاً لمعرفة تأثيراته على وضع مدينة القدس والمسجد الأقصى”.
وعلى الصعيد اللبناني، أشار إلى أن “استعمال لبنان كمنصة لإطلاق الصواريخ وبعث الرسائل إلى إسرائيل، أو الإيحاء بخطوة توحيد الجبهات ضد إسرائيل، وذلك في أمر لم يستشر به لبنان ولا الحكومة اللبنانية ولا يوافق عليه اللبنانيون الذين تعرضوا لردات فعل إسرائيلية مماثلة كثيرة في الماضي، والتي كان آخرها ما جرى في لبنان وللبنان في العام 2006, حيث ذاق اللبنانيون في حينها الأمرّين بنتيجة الاجتياح الإسرائيلي الذي حصل آنذاك”.
وأضاف, “لذلك، فإني أعتقد أنّ لبنان لا يستطيع أن يكون من جديد مكاناً لإرسال هذه الرسائل ولا أن يكون منصةً لعملية التصعيد هذه من خلال إطلاق هذه الصواريخ الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي الصواريخ التي إما جرى التصدي لها أو انها سقطت في أرض خواء داخل إسرائيل, ومن وجهة نظري، فإنَّ إطلاق هذه الصواريخ مخالف للقرار 1701، وهو ما سوف يُعرِّض لبنان لمخاطر كبيرة، والتي لها تداعياتها الخطيرة على السلم الأهلي اللبناني بسبب الانقسام الكبير في لبنان بشأن استخدام لبنان من جديد كمنصة”.
وتابع, “كذلك تداعياتها الخطيرة على الوضع اللبناني الهش، وبسبب ما يعانيه لبنان من انهيارات وإشكالات خطيرة في الوقت الحاضر, ومن المعروف أنّ لبنان الآن لا يتحمّل أي صدمات جديدة, والكل يعرف أننا في لبنان، وحتى الآن لا نستطيع ان ننتخب رئيس جمهورية فكيف لنا ان نتحمل التداعيات السلبية والخطيرة التي يمكن أن تنتج عن هذا التصرف اللامسؤول”.
ولفت الى أنّ “الرد الإسرائيلي يبدو وكأنَّه مدروس من أجل أن يكون محدوداً ومحصوراً وبهذا القصف المحدود، وذلك لتجنّب التصعيد في هذه المرحلة. وإسرائيل ترى بذلك مصلحة لها في محدودية ردّة فعلها هذه, وهي بذلك قد حققت مكاسب سياسية محدودة على ما يبدو. أما بالنسبة لنا في لبنان، فإننا لا نستطيع أن نجازف ونسمح بأن يصار إلى استعمال لبنان كمنصة لإطلاق الصواريخ معولين على ردّ محدود من قبل إسرائيل”.
وأوضح أنّه, “علينا من جهة ثانية أن ننظر إلى وقع وتأثيرات ذلك على الداخل اللبناني لانّ هناك معارضة شديدة لدى اللبنانيين ضد إقحام لبنان بهذه المخاطر غير المحسوبة, وبالتالي ينبغي علينا ان ننظر إلى الأمور من الزاوية الحقيقية، وحسب ما يمليه علينا الوضع الداخلي اللبناني، وما قد يحمله انفلات الأمور على الأوضاع الأمنية في لبنان. لهذا، فإني أعتقد أنّ لذلك كلّه مخاطره الكبيرة. وبما يتعلّق بالقضية الفلسطينية وقضية القدس، فإنّ الأمر يقتضي بجميع المعنيين لدى الجانبين اللبناني والفلسطيني أن ينظر إلى الأمور بكثير من الجديّة والتبصّر ومن زاوية انعكاسات ذلك كلّه على المسألة الفلسطينية”.
وقال: “يجب على الجميع أن يُدرك أنّ إسرائيل تُعاني حالياً من انقسام داخلي خطير لم يسبق لها أن تعرضت له من قبل، وذلك بسبب طبيعة وأداء ومشاريع هذه الحكومة العنصرية الإسرائيلية وبسبب مجموعة الوزراء المتطرفين الذين أصبحوا في عداد هذه الحكومة الإسرائيلية المعرضة للسقوط في أي وقت بسبب أن الاكثرية التي حصلت عليها عند تأليفها هي أكثرية هزيلة وقليلة. وبالتالي هي معرّضة للسقوط الفعلي هي ورئيسها نتنياهو، وذلك حتى لا تكون نتيجة المواقف غير المتبصرة دعماً غير مباشر للحكومة الإسرائيلية ولرئيسها”.
وأشار إلى أنَّ, “هذا القصف من لبنان جاء ليُسهم في تغيير المشهد السياسي، وبالتالي فان إسرائيل قد أصبحت تبدو الآن انها تتعرض إلى مخاطر، وان إسرائيل عليها أن تدافع عن نفسها، وأنّ المسألة لا تعود بعدها، ومن وجهة نظر كثيرين لا تتعلّق بما تقوم به إسرائيل ضد المصلين في المسجد الأقصى وفي مدينة القدس، بل بمسألة دفاعها عن نفسها, ولذلك، فإنّ تخوفّي في أنّ السردية التي يمكن ان تسود الآن في المجتمع الدولي، وأيضاً لدى العديد من الدول الغربية تتعلّق بحماية إسرائيل لنفسها”.
وأكّد أنه, “بالتالي، فإنّ النتيجة التي يمكن ان نتوقعها من هذا التصرف غير المسؤول الذي تم من لبنان هو في سكوت العديدين عن رؤية الأصل الحقيقي لهذا التصعيد الأخير، والذي يعود لتفاقم العمليات الاستيطانية في القدس وما حولها وفي الضفة الغربية، وفي الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، والالتهاء عن كل ذلك الى التظر في حق لإسرائيل في الردّ على الاعتداء الذي تتعرّض له. أقول هذا مع تأكيدي على وجوب المسارعة إلى استنهاض ردود فعل شاجبة لما قامت وتقوم به إسرائيل في المسجد الأقصى وفي القدس والضفة الغربية”.
واستكمل, “لذلك، يجب عدم السكوت على ما تقوم به إسرائيل، بل يجب أن يكون هناك مواقف كبيرة وشاجبة من أجل إدانة إسرائيل وبالتالي ردعها. ولذلك يجب أن يصار إلى اجراء الاتصالات اللازمة عبر الجامعة العربية والدول العربية وعبر كل الدول الصديقة وفي مجلس الأمن”.
وقال: “لا أنكر أن هناك مسائل عدة يجب ان ندخلها في الاعتبار في هذا الظرف بالذات، لا سيما ما يتعلّق بالموقف الايراني وكذلك بمسألة توحيد الجبهات ضد إسرائيل، وهو ما لا يستطيعه لبنان في الوقت الحاضر. لكن الآن هذه القضية قد أثيرت واندلعت الاشتباكات مؤخرا بسبب هذا الاقتحامات الأخيرة التي تجري في المسجد الأقصى”.
وأضاف, “كما ذكرت، فإنّ الردّ الإسرائيلي على لبنان جاء محدوداً، وجاء التبرير له بأنّ حزب الله لم يكن هو الذي شارك في عملية القصف وهذا التبرير لإطلاق الصواريخ من لبنان. لا يمكن أن ينطلي على أحد، ولاسيما وأن الجميع يعرف، وإسرائيل تعرف بأن منطقة جنوب لبنان مغطاة بشكل كامل من قبل حزب الله ، والكل يعلم أنّه لا تدخل بندقية إلى تلك المنطقة إلا ويعلم بها حزب الله. فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بإطلاق أكثر من ثلاثين صاروخاً على الرغم من بدائية تلك الصواريخ”.
وشدّد السنيورة على أن, “اللبنانيين بأكثريتهم لا يريدون أن يتعرض لبنان لهذه المخاطر الشديدة، ولاسيما أن لبنان الآن يمر بمرحلة صعبة، والأوضاع فيه دقيقة جدا وهشة. وبالتالي، فإنّ تعريض لبنان لهذه المخاطر أمر غير مقبول ولا تقبله الاكثرية الساحقة من اللبنانيين. ولقد شاهد اللبنانيون كيف يجري التنسيق ما بين إسماعيل هنية في حركة حماس وبين السيد حسن نصر الله، وكيف لهما أن يتفقا سوية على أمر لم يستشر به لبنان ولم تستشربه الحكومة اللبنانية، وهو ما قد يعرض لبنان إلى مخاطر كبرى”.
وتابع, “مرة ثانية، لا بدّ لنا من أن نعود إلى ما جرى في لبنان في العام 2006، وحيث تعرّض لبنان حينذاك لاجتياح خطير. آنذاك لولا صمود اللبنانيين وما سعينا إليه في الحكومة آنذاك من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية الداخلية. بالإضافة إلى استبسال المقاومة، وبالتالي لا همية موقف الحكومة اللبنانية التي كانت على مستوى المسؤولية، وكذلك بنتيجة وبفضل الدعم العربي لما كان بإمكان لبنان أن يتخطّى تلك الكارثة الكبرى التي أصيب بها, كل تلك العوامل وفرت للبنان واللبنانيين الصمود، وهي العوامل كانت بالفعل متوفرة آنذاك. ولكن ما هو المتوفر منها لدى لبنان الآن؟ لا شيء على الإطلاق وهو ما لا يسمح للبنان القبول بهذا التصرف غير المسؤول”.
واوضح أنّ “الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية أصبحت مختلفة الآن عما كانت عليه في العام 2006. وبالنسبة لاوضاع لبنان الوطنية والسياسية والاقتصادية والمعيشية اصبحت الان أسوأ بكثير. أما في ما خص الحوار السعودي الإيراني الجاري بهدف التوافق، فإنّي أعتقد بأنّ ردّة الفعل الأولى ضد هذه المبادرة كانت من إسرائيل التي لم تكن راضية عنها”.
واعتبر أنَّ, “هذه المبادرة السعودية الإيرانية تاريخية إذا نجحت وإذا صدقت النوايا فإنها قد تسهم بتغير جميع المعادلات في المنطقة ويمكن ان تضع حداً نهائياً لهذه الحروب المتناسلة والرهيبة التي تحملت المنطقة نتائجها الكارثية منذ العام 1979 الى الان، وذلك بسبب احتدام الصراع الإيراني العربي وفي كل الجبهات الإيرانية والعراقية والسورية واليمنية واللبنانية وغيرها وغيرها, ليس من أقل حوالى عشرة ملايين قتيل وعشرات الملايين من الجرحى والمعاقين وتريليونات الدولارات من الخسائر والفرص الضائعة على المواطنين العرب والإيرانيين. لذلك إذا نجحت هذه المبادرة فهي فرصة كبيرة جداً للطرفين الإيراني والعربي”.
وزاد, “كما قلت لك ردّة الفعل السلبية الأولى ضد هذا الاتفاق كانت من إسرائيل، وكذلك أيضاً من الذين لا يحبون ان يتخلوا عن سلاحهم أو عن مصالحهم في لبنان وكذلك في دول أخرى هم أيضاً ليسوا راضين”.
وشدد على ان “استعمال لبنان ساحة لإطلاق الصواريخ لا يمكن ان ننظر إليه باستخفاف وان نعوّل على أمل أن يكون رد فعل إسرائيل محدوداً، بل يجب ان يكون هناك تبصّر كبير في مآلات مثل هذا التصرف المستخف باستقلال لبنان وسيادته. ويجب أن يؤخذ الوضع اللبناني بعين الاعتبار، ذلك لأنه غير مستعد أن يصار إلى تعريض أمنه الداخلي والخارجي للخطر. الامر الثاني على الصعيد الإسرائيلي، ماذا تريد إسرائيل أحسن من هذه الفرصة التي جرى إتاحتها لها لإنقاذها من ورطتها ولمساعدتها على جمع الإسرائيليين ولإنقاذ نتنياهو من هذه الأزمة والورطة التي أصبح فيها، والتي يمكن أن تقلّص الخلافات الداخلية في إسرائيل بسبب هذه الحادثة، وبالتالي يمكن أن تعيد جمع الإسرائيليين من جديد”.
واعتبر أن “الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل إما أنها انفجرت في أرض خلاء أو جرى التصدي لها من خلال القبة الحديدية الإسرائيلية. والسؤال هنا: ما هذا الإنجاز العظيم الذي نكون قد فعلناه في هذه العملية. تعلمين ان لكل أمر له كلفته وله مخاطره. فهل تستحق هذه العملية تعريض أمن لبنان للمخاطر، التي لا يمكن ان نتصرف إزاءها وكأنّ إسرائيل سوف تكتفي بردود فعل محدودة؟”.
وقال: “لا أعتقد أن هذا الأمر يمكن أن يقاس بردة فعل إسرائيل المحدودة الآن. لكن علينا ان نتحسَّب أيضاً لما يمكن ان يكون لهذه التصرفات من تداعيات عقب ذلك. اذ لا يجوز ان يقتصر موقفنا على ما حصل حتى الآن والذي يعني حتى الان على شكل ردّات فعل محدودة لهذه الحادثة”.
وأضاف, “بل علينا ان نأخذ بعين الاعتبار ما قد يحصل من تطورات عقب ذلك وماذا ستكون عليه النتيجة. لننظر أيضاً إلى ما يتحدث عنه الإسرائيليون الآن وما كانت عليه ردات فعل جماعة المخابرات الإسرائيلية وما ابلغته الحكومة الاسرائيلية في أن هذا الأمر إذا كان هناك من ردود فعل حقيقية على إسرائيل ان تتخذها، فإنّ ردّة فعلها يجب أن تكون رداً ساحقاً ماحقاً. هل الأمر كله يستحق أن نقامر ونضع لبنان واللبنانيين في وجه مخاطر غير محسوبة وبهذه الطريقة. إننا لا نستطيع أن نقبل بهذا والحقيقة لا يقبل به اللبنانيون”.
لمشاهدة المزيد اضغط هنا