التأجيل يقترب.. ما موقف قوى المعارضة من الانتخابات البلدية؟!
التأجيل يقترب.. ما موقف قوى المعارضة من الانتخابات البلدية؟!
رغم إعلان الحكومة نيّتها تنظيم الانتخابات البلدية والاختيارية، التي حدّد وزير الداخلية بسام مولوي مواعيدها المفترضة في شهر أيار، تطبيقًا للنصوص الدستورية، يبدو أنّ “قطار التأجيل” يقترب، مع تزايد الحديث عن تمديد محتمل للمجالس البلدية والاختيارية يصدر بقانون عن مجلس النواب في جلسة تشريعية يعقدها، وقد بات نصابها شبه مؤمّن، وكذلك ميثاقيتها بـ”غطاء” تكتل “لبنان القوي” بقيادة الوزير السابق جبران باسيل.
بدا هذا “السيناريو” واضحًا في جلسة اللجان النيابية المشتركة الأخيرة، التي فتحت الباب أمام “المَخرَج” المنتظَر، والذي يقال إنّ جميع القوى السياسية متفقة ضمنًا عليه، باعتبار أنّ إجراء الانتخابات البلدية في هذا التوقيت، وقبل حسم الاستحقاق الرئاسي، ليس في مصلحتها، علمًا أنّ بعض هذه القوى كانت “أجرأ” من غيرها، بالحديث صراحةً عن عقبات لوجستيّة وظروف “قاهرة” ربما تحول دون إجراء هذه الانتخابات بما يضمن الشفافية.
لكنّ “المَخرَج” المشار إليه أعلاه، إن حصل، لن تشارك فيه بعض القوى السياسية، خصوصًا المعارضة منها، وعلى رأسها “القوات اللبنانية” و”الكتائب اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، كما ما يُعرَف بـ”نواب التغيير”، فهل تؤيّد هذه القوى فعلاً إنجاز الانتخابات البلدية في موعدها، ولا سيما أنّها تتّهم الآخرين بالعمل على تعطيلها؟ وما صحّة الحديث عن اتفاق “ضمني” بين جميع هذه القوى على “تطيير” الاستحقاق البلدي؟
الانتخابات “واجب دستوري”
في العلن، تتفق قوى المعارضة على أنّ إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لا يفترض أن يكون “ترفًا”، باعتبارها “واجبًا دستوريًا” لا نقاش بشأنه، ولا سيما أنّها مؤجّلة من العام الماضي، بذريعة “تزامنها” مع الانتخابات النيابية، ما كان يتطلب أن تكون السلطات على أتمّ الاستعداد لها، بعيدًا عن أيّ أعذار تقنيّة، ولو أنّها تقرّ ضمنًا بوجود بعض الصعوبات والمعوقات اللوجستية، بسبب إضرابات الموظفين، وعدم القدرة على تأمين بعض المعاملات الأساسية.
ومع أنّ أوساط هذه القوى تؤكد على “أولوية” انتخاب رئيس الجمهورية، وسبق أن أعلنت رفضها المشاركة في أيّ جلسة تشريعية تهدف إلى فتح الاعتمادات اللازمة، وبالتالي تأمين تمويل الانتخابات، فإنّها تصرّ على أنّ الكرة لم تكن في ملعبها أصلاً، فالعقدة في مكانٍ آخر، علمًا أنّ التمويل لم يكن العقبة الحقيقية بل المصطنعة إن جاز التعبير، بدليل أنّ وزير الداخلية تحدّث صراحة عن مصادر تمويل متنوّعة، ويمكن اللجوء إليها عند الحاجة والضرورة.
وتلفت أوساط هذه القوى في المقابل، إلى المواقف “الملتبسة” لبعض الأطراف السياسية من الاستحقاق، على غرار “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، التي عمدت في الآونة الأخيرة على التشكيك بالقدرة على تنظيم الانتخابات، تشكيكٌ لم يُفهَم منه سوى “حثًا ضمنيًا” على تأجيل الانتخابات، وهو ما كانت أطراف المعارضة تتصدّى له، بمواقف واضحة وصريحة، تؤكد استعدادها لخوض الاستحقاق، اليوم قبل الغد.
هل تريد الانتخابات فعلاً؟
لا يعني خطاب المعارضة هذا أنّ هذه الأطراف بمجملها كانت ترغب فعلاً في حصول الانتخابات البلدية، سواء اعتمدت “الصمت” في مقاربة الملف، أو لجأت إلى “الهجوم المضاد”، علمًا أنّ أيًا من هذه القوى لم يذهب بعيدًا لحدّ خوض “معركة” الانتخابات البلدية، حتى إنّ جو التعبئة الذي سبق مثلاً الجلسة التشريعية التي كانت مفترضة للتمديد للمدير العام للأمن العام لا يبدو متوافرًا اليوم، على الأقلّ بالحدّة نفسها.
ومع أنّ آراء هذه القوى تتفاوت، فما يسري على “التغييريين” مثلاً، الذين قد يعتبرون أنّ الانتخابات البلدية بطابعها المحلّي، قد تكون في صالح الخط الذي يمثّلونه، لا يسري بالضرورة على سائر قوى المعارضة، التي تبقى “تقليدية”، فإنّ الثابت أنّها جميعها تتّفق على أنّ الانتخابات البلدية ليست “الأولوية” في الظرف الحالي، حتى إنّ المدافعين عن إجراء الانتخابات بدا “متفهّمًا” للأسباب الموجبة لتأجيلها، في مفارقة مثيرة للانتباه.
أما المفارقة الأكبر، فتبقى أنّ بعض المعارضين ذهب لتبرير امتناعه عن المشاركة في “جلسة التمديد”، إن حصلت، بموقفه “المبدئي” الرافض للتشريع في ظلّ الفراغ، ما يعني غياب موقف “مبدئي” رافض لتأجيل الانتخابات، علمًا أنّ العارفين يكادون يجزمون أنّ هذه القوى مثل غيرها لا تريد الانتخابات البلدية بكل بساطة، ولا تعتبر أنّها تمثّل أيّ مصلحة لها اليوم، خصوصًا مع فتح “البازار الرئاسي”، تأسيسًا على نتائج الانتخابات النيابية.
لا أحد يريد الانتخابات البلدية، ولو جاهر الجميع بوجوب إنجازها. تبدو هذه الخلاصة “محسومة” وفق ما يرى متابعون، ولو استمرّت سياسة “تقاذف المسؤوليات” داخل المجلس النيابي، وبين القوى المصنّفة “موالية” أو “معارضة”، أو حتى “تغييرية”. أكثر من ذلك، ثمّة من يؤكد أنّ المعارضة قادرة على “إجهاض” أي جلسة تمديد للمجالس البلدية والاختياري، إذا ما كانت تعترض فعلاً عليها، وهو ما لا يبدو واقع الحال اليوم!
لبنان 24
لمشاهدة المزيد اضغط هنا