باسيل يُعيد “فتح الخطوط” مع “حزب الله”
باسيل يُعيد “فتح الخطوط” مع “حزب الله”
هل أدركَ رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، أنه ذهب بعيداً في خلافه مع “حزب الله”، لذلك ينتهج منذ فترة قصيرة سلوكاً ومساراً مختلفاً يتّسم بإبقاء الإعتراض قائماً، في مقابل تخفيف السقف؟ ثمة مؤشّرات توحي بذلك، وتترافق مع رسائل مباشرة وغير مباشرة يُرسلها باسيل من خلال مقرّبين منه.
المواقف الأخيرة لعضو تكتل “لبنان القوي” النائب غسان عطالله، المقرّب جداً من باسيل، ودعوته إلى ضرورة العودة بالتحالف والشروع في محادثات تطوير “إتفاقية مار مخايل”، تُعَدّ لافتة من حيث توقيتها، في ظل الخطاب “المحموم”، ولا تأتي من عدم، إنما تنسجم مع أجواء تتبنّاها مجموعة من القياديين المؤثرين في “التيّار”، وداخل بعض المستويات في “حزب الله”، فيما خشيتهم تتصاعد من “عزلة التيار” سياسياً، بعدما بات أمام فقدانه آخر حليف قوي له.
عملياً، ثمة من يردّ التغييرات، إلى وصول الخلاف إلى نقطة اللاعودة بين الطرفين، ما حتّم إجراء مراجعة على مستوى قيادة “التيار”. ثمة مواقف متدرِّجة كان يجري إيصالها من خلال قنوات معتمدة. فقبل فترة، وصلت إلى ميرنا الشالوحي معطيات تفيد أن الحزب خفّض مستوى التواصل مع “التيار”، ولم يعد الملف محصوراً في يد الأمين العام السيد حسن نصرالله. لاحقاً، ومع اشتداد الخلاف، تبلّغت ميرنا الشالوحي أن الحزب بات يعتبر الطلاق على المستوى السياسي واقعاً، ولم يعد الأمر يحتاج سوى لإشهار، لن يكون الحزب طرفاً فيه. غير أن الحزب، كان متهيِّباً لضرورة عدم “هبوط” الطلاق إلى المستوى الإجتماعي، بما قد يؤثر على علاقة الجمهورين، بعدما لاحظَ “قبّة باط” لبعض مؤيّدي “التيار” على وسائل التواصل، أخذتهم إلى استهداف الحزب وتركيز الإستهداف على أمينه العام، ومحاولة إسقاط موقعه لدى جمهور “التيار”، ووضعه في خانة جديدة، ما استدرج ردود فعل على مستوى جمهور الحزب، قادت إلى جولات من المعارك الإفتراضية. كل ذلك، قوبل بضرورة إرساء ظروف المعالجة، واستباق أي قرار سلبي قد يحصل بمحاولة الوصول إلى تفاهمات مشتركة تُبقي على هامش من التنسيق. في الواقع، لا يمكن الإدعاء أن انفراجات دخلت على علاقة “التيار” بالحزب. الإتصال التقليدي الذي يحصل بمناسبة الأعياد بين رئيس وحدة “الإرتباط والتنسيق” في “حزب الله” الحاج وفيق صفا، ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ليس ثمة ما (أو من) يؤكد حصوله “بصفة رسمية”، وهذا له دلالاته. التواصل مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون منقطع أيضاً، وآخر لقاء جمع الطرفين كان على هامش زيارة وفد كتلة “الوفاء للمقاومة” برئاسة رئيس الكتلة النائب محمد رعد قبل أشهر، وتخلّله عتاب. ويأخذ الحزب على عون تجنّبه التدخل في الخلاف الحاصل مع قيادة “التيار”، على الرغم من أنه يتعاطى ملفات تياره، ما فُهمَ أنه “رسالة بالغة”، يوجّهها عون بعد رسالة العَتَب أمام وفد “الكتلة”. القطيعة تنسحب على ملفات أخرى. لا تواصل أو اجتماعات أو تنسيق على أي مستوى بين الطرفين، باستثناء الخرق الوحيد الذي سُجّل في موضوع الجلسة التشريعية التي عقدت يوم أمس، فيما معلومات “ليبانون ديبايت”، تفيد أن الحزب كلّف نواباً ضمن كتلة “الوفاء للمقاومة” التنسيق والمتابعة مع الحلفاء (بما فيهم التيار الوطني) في ملفات محدّدة وتحت سقف الضرورات في مجلس النواب والمصلحة العامة”. نظرياً، جمهور “حزب الله” قبل قيادته، “مصدوم” من المستوى المتدنّي للخطاب أو التوجّه الذي سلكه التيار (وجمهوره) في مقاربة ملف العلاقة مع الحزب! ولعلّ أكثر ما يزعج، سقوط بعض الأقنعة، وتبنّي بعض المجموعات العونية “خطاباً” يكاد يتوافق مع النموذج الذي يقدّمه مناصرو “القوات اللبنانية”، ما جعل البعض يظنّ أن “اتفاقية التفاهم” كانت ـ بطبيعة الحال – كذبة كبيرة، عاشها الجمهوران لسنين طويلة، وليس من الصعب تفسير الأسباب. فطوال مدة صلاحية ورقة “التفاهم”، لم تسمح قيادة “التيار” بإسقاطها إلى مستوى الجمهور، لقناعة لديها بأن ذلك قد يسمح بتجسير الهوّة بين جمهورين يمثلان عملياً “مجتمعين مختلفين”، ما قد ينزع من قيادة “التيار” “ورقة مهمة” لها علاقة بتأثيرها سياسياً على جمهورها. بموازاة ذلك، كان رئيس “التيار”، يستفيد ـ وبخاصة بعيد إشهار خلافه مع الحزب – ويرفع من منسوب شعبيته في الشارع المسيحي ،مستخدماً مفردات غير معهودة كإعادة تمجيد “المقاومة المسيحية”. إلاّ أن ذلك كله قوبل بعدم استفادة أو “تقريش” حقيقي يعود فائدةً بالنسبة إليه. كما أن كل ذلك، لا يحتمل أن تعود العلاقة بين “الحزب” و”التيار” إلى سابق عهدها، بل إننا مقبلون على طريقة جديدة في العلاقة، تقوم على “دفن اتفاقية مار مخايل” بعدما فقدت صلاحية أو أسباب استمرارها. |
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
لمشاهدة المزيد اضغط هنا