فن - منوعات

هل يُؤجج إرتفاع تكلفة المعيشة الخلافات العائليّة؟

ذكرت “الاقتصادية”، أنّ شحّ الأموال يتسبب أحيانا في انفلات الأعصاب لدى بعض الناس بسبب قلقهم على أوضاعهم الاقتصادية.

ويستشعر الألمان هذا بشكل ملحوظ خلال أوقات التضخم وأزمات الطاقة، حيث تلتهم أسعار الكهرباء والغاز المرتفعة الكثير من أموالهم، كما لا يجدون هوادة في أسعار المواد الغذائية، وبوجه عام، ارتفع التضخم في ألمانيا 7.4 في المائة خلال آذار الماضي على أساس سنوي.

لكن كيف يؤثر هذا الوضع الضاغط على العلاقات؟ هل يتشاجر الأزواج من أجل المال أكثر الآن؟ هل من المتوقع حدوث موجة طلاق؟، إذا صدقنا نتائج الاستطلاع الحديث الذي أجرته خدمة “إيليت براتنر”، فإن موضوع المال يمثل نقطة خلاف مستدامة في عشر العلاقات بألمانيا تقريبا.

فبحسب نتائج الاستطلاع، قال 11.4 في المائة من إجمالي 4,386 مشاركا خلال تشرين الاول وتشرين الثاني من العام الماضي إنهم كثيرا ما يتشاجرون مع شركاء حياتهم حول المال والنفقات. وتظهر الأرقام أيضا أن حوالي ربعهم قال إنهم بالكاد يستطيعون تغطية نفقاتهم دون دعم من شركائهم.

ومن اللافت للنظر أيضا وفقا للاستطلاع أن النساء أكثر عرضة للاعتماد المالي على شركائهن مقارنة بالرجال، وبالتالي فإن الوضع الحالي يؤثر بشكل خاص على النساء المتزوجات واللاتي لديهن أطفال، وفي المقابل، لا تشكل حالة الزواج أو إنجاب أطفال فارقا في الوضع بالنسبة للرجال.

وقد يرجع السبب في ذلك بالنسبة للأزواج الذين لديهم أطفال على وجه الخصوص، إلى أن النساء غالبا ما يجلعن أولوية الأسرة مقدمة على وظائفهن، في حين أن الرجال غالبا ما يكونون قادرين على مواصلة حياتهم المهنية دون أي انقطاعات تُذكر.

لكن هل يمكن أن تؤثر الاعتمادية المالية على العلاقة؟ نعم أحيانا، حيث يقول ميشائيل ماري مستشار العلاقات الزوجية لـ(د ب ا) “إذا كان لا يمكن العيش ماديا ووجوديا إلا سويا، فإن المشاعر والشغف يفقدان أهميتهما”.

وأضاف: “لا توجد إجابة عامة حول ما إذا كان يمكن إنقاذ علاقة غير سعيدة في مثل هذه الحالة”، موضحا أن الأمر يتوقف على الزوجين، حيث قال “بصورة مبدئية لا أقدم النصح للأزواج، لكنني أرافقهم عبر المواقف الحياتية الصعبة كمساعد إصلاح”.

ويرى أن المسائل المالية لا تزال من الموضوعات التي يستشعر بعض الأزواج الحرج من خوض حديث فيها، مشيرا إلى أن 10 في المائة، من الأزواج الذين يطلبون مشورته جاءوا إليه بشأن مسائل مالية. ويقول “عندما تظهر عواقب الصمت، غالبا ما يكون اللجوء إلى المحامي أكثر من اللجوء إلى مستشار الأزواج”.

هذا الأمر تعرفه جيدا أيضا إيفا بيكر المحامية المتخصصة في قانون الأسرة ببرلين، خلال العام الماضي كان عليها في كثير من الأحيان التعامل مع حالات لم يعد من الممكن فيها إنقاذ العلاقة، لكن الانفصال الفعلي يمثل تكلفة باهظة على الطرفين.

تقول إن هناك حاجة متزايدة لتقديم المشورة للأزواج المنفصلين عاطفيا ولكنهم يواصلون العيش في شقة واحدة لأنهم لا يستطيعون تحمل تكلفة شقتين، موضحة أن الأمر في برلين أيضا له علاقة بنقص المساكن.

ومع ذلك، ترى أن هذا الوضع يحمل بصمة أزمة الطاقة والتضخم الحالي. تقول إيفا بيكر التي تترأس أيضا لجنة قانون الأسرة في نقابة المحامين الألمان، “لقد ساءت الأمور منذ بداية حرب أوكرانيا”.

وأشارت إلى أن الوضع أصبح أكثر صعوبة، خاصة بالنسبة لذوي الدخل المتوسط والمنخفض، لأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع تكاليف الانفصال، موضحة أن المشكلة ليست جديدة، ولكن نتيجة لأزمة الطاقة والتضخم، أصبح الناس الآن أكثر توترا لأنهم صاروا الآن مضطرين أيضا للتعامل مع الزيادة في تكلفة المعيشة.

وغالبا ما يرتبط الانفصال بتكاليف عالية’ لا يشمل ذلك إيجار الشقة الجديدة فحسب، بل أيضا إعالة الشريك السابق أو الأطفال المشتركين. وتوضح بيكر أن تكاليف المعيشة تصبح مخصصة لأسرتين عند الانفصال على الرغم من بقاء الدخل كما هو.

ومع ذلك، ليس من الممكن بعد تحديد كيف ستؤثر الأزمة الحالية على معدل الطلاق في ألمانيا، والتي كانت تميل في السنوات الأخيرة إلى الانخفاض.

وبحسب بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي، بلغت حالات الطلاق عام 2021 في ألمانيا 142,800 حالة، بتراجع 0.7 في المائة، مقارنة بـ 2020، ومنذ 2012 انخفض عدد حالات الطلاق سنويا، باستثناء زيادة طفيفة في 2019.

وتقول دانيلا بيرنهارت المعالجة المتخصصة في العلاقات الزوجية، إن العديد من العوامل تتفاعل بشكل مبدئي في النزاعات الخاصة بالعلاقات، وأضافت “في معظم الأحيان يتراكم الإحباط على مر السنين لدرجة لم يعد التجاهل وغض الطرف والتفويت يجدي معها نفعا”، موضحة في المقابل أن الخلاف المتزايد حاليا حول المال هو الذي يسبب التفاقم.

وأضافت “وبما أن الأسباب الفعلية ليست تكاليف الطاقة، فلن تتحسن العلاقة تلقائيا إذا هبطت الأسعار مرة أخرى”. وبوجه عام تنصح بيرنهارت الأشخاص في العلاقات المثقلة بالنزاعات بعدم التغاضي عن المشكلات، وقالت “التحمل ليس فكرة جيدة. الحياة أقصر من تبديدها في علاقة سيئة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى