اخبار محلية

هذا ماذا سيحصل بعد رحيل سلامة: إشكاليات وعقبات قانونية

هذا ماذا سيحصل بعد رحيل سلامة: إشكاليات وعقبات قانونية

مع اقتراب نهاية ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في تموز المقبل، تبرز عدة إشكاليات دستورية وقانونية، أمام الحكومة ووزير المالية على وجه الخصوص، لجهة تعيين حاكمٍ جديد، كون المادة 18 من قانون النقد والتسليف، قد نصّت على تعيين الحاكم لست سنوات، بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية، وهي ولاية قابلة للتجديد لمرّة أو لمرّات عدة.

هذا هو النص القانوني، ولكن ماذا عن التطبيق والإجتهادات في لحظةٍ سياسية بالغة الدقة والخطورة وسط شغورٍ رئاسي وفي ظل حكومة تصريف أعمال؟
عن هذه التساؤلات يجيب عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس مؤسسة “جوستيسيا” الدكتور بول مرقص، موضحاً أن النص القانوني قد ترك إمكانية التعيين والتجديد للحاكم، بناءً على مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وذلك بناءً على اقتراح وزير المالية.

ويؤكد الدكتور مرقص ل”ليبانون ديبايت”، أن الحاكم يتمتع بأوسع الصلاحيات لإدارة المصرف العام وتسيير أعماله، وهو مكلّف بتطبيق قانون النقد والتسليف وقرارات المجلس المركزي، ويؤمن إدارة مصرف لبنان، يعاونه أربعة نواب ومجلس مركزي، ومن هنا أهمية وحساسية هذا الموقع.

أمّا بالنسبة للشغور والشخصية التي ستتتولى مهام سلامة بعد نهاية ولايته وفي حال لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حاكم جديد، يشير مرقص إلى المادة /25/ من قانون النقد والتسليف التي تنصّ على أن يتولّى نائب الحاكم الأول مهامّ الحاكم ريثما يعيّن حاكم جديد.

كذلك يضيف مرقص، أن المادة /27/ من القانون عينه تقضي، وفي حال غياب الحاكم أو تعذر وجوده، أن يحلّ محله نائب الحاكم الأول، وبحال التعذّر على الأول، فنائب الحاكم الثاني، وذلك وفقاً للشروط التي يحددها الحاكم، علماً أنه بإمكان الحاكم ان يفوض مجمل صلاحياته إلى من حلّ محله.

ما الذي سيحصل في تموز المقبل خصوصاً في ضوء الحديث عن احتمال استقالة النائب الأول لسلامة؟

هنا يقول مرقص إنه ” عند انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان يتولى النائب الأول للحاكم بالوكالة مهامه إلى حين تعيين بديل عن الحاكم، ولكن الإشكالية تكمن في حال استقالة النائب الأول للحاكم تزامنًا مع انتهاء ولاية الحاكم، والذي من المفروض قانوناً أن يخلف الحاكم، من دون أن يجترح قانون النقد والتسليف أيّ مخرج، فالمادة /27/ تنصّ على تسلّم النائب الثاني مهامّ الأول في حال غيابه، لا استقالته.”

وأمّا الإشكالية الأخرى، وفق مرقص، فتكمن في الشغور الرئاسي، حيث جرت العادة أن يزكّي رئيس الجمهورية تسميّة حاكم المركزي رغم أن القرار الأخير يصدر عن مجلس الوزراء.
بإلإضافة إلى ما تقدم من إشكاليات، يتحدث مرقص عن “عقبة تكمن في مدى إمكانية اعتبار عملية تعيين حاكمٍ جديد للمصرف المركزي عبر مرسوم وبناءً على اقتراح وزير المالية، من الأعمال التي تدخل ضمن نطاق صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، أو حتى تعيين الحاكم الحالي لولاية جديدة.”

وفي هذا السياق، فقد ورد في المادة /64/ من الدستور اللبناني ما يلي: “…ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة، ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلاّ بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال”.

وفي هذا السياق، يلفت مرقص إلى القرار الشهير الصادر عن مجلس شورى الدولة رقم /614/ لعام 1969 بالنسبة للأعمال العادية التي يعود للحكومة المستقيلة اتخاذها، إذ أنّ نطاق تصريف الأعمال يحدِّده القضاء الإداري، ويتحقق ما إذا كانت أعمالاً عادية يجوز اتخاذها أو أعمالاً تخرج عن نطاق تصريف الأعمال.

ويوضح أن “هذا الرأي الصادر عن مجلس شورى الدولة جاء قبل التعديلات الدستورية عام 1990، والتي ضيّقت المعنى لتصريف الأعمال، ولكن رغم ذلك يبقى تعيين الحاكم في هذه الظروف المالية العصيبة ضروري جداً.”

بالإضافة إلى الواقع الدستوري، يكشف مرقص أيضاً عن “إشكالية عملية، تكمن في أن الحاكم الجديد قد لا تكون لديه الخبرة والمعرفة الكافية لتحملّ عبء تولّي هذا المنصب الحسّاس في هذا الظرف الإستثنائي”.

أمّا عن كيفية انعكاس العقوبات على سلامة بعد انتهاء ولايته، فيشير مرقص إلى أن المادة /12/ من القانون رقم 44/2015 (قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) نصّت على أنه: “يتمتع كل من رئيس “الهيئة” وأعضائها والعاملين لديها أو المنتدبين من قبلها بالحصانة ضمن نطاق عملهم”.

وبالتالي، فإن الحاكم وهو رئيس هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال يتمتع بحصانة مطلقة طوال مدّة توليه منصبه لكنها محصورة بعمله هذا كما أنها لا تقيه من الملاحقات القانونية في لبنان والعالم على أفعاله الشخصية، والعقوبات التي قد تفرض عليه في فرنسا بتهمة تبييض الأموال على فرض حصولها، ذلك أنه في حال أنزلت، فهي تقيّد تنقلاته وحساباته في المصارف وأصوله وعقاراته في فرنسا وفي سائر الدول الأوروبية، إذا حذت هذا الحذو.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com