اخبار محلية

هل بدأ التقارب بين “حزب الله” والسعودية

هل بدأ التقارب بين “حزب الله” والسعودية

لا جديد سُجِّل رئاسياً على خطّ القوى السياسية المسيحية خلال اليومين المنصرمين، سوى لجوء مجموعة منهم إلى محاولة نفي انهيار المفاوضات في ما بينها، من أجل التوافق حول إسم مرشّح موحّد لرئاسة الجمهورية، من خلال ضخّ معلومات حول “مباحثات” غير منظورة. ما تقدّم، يخدم عملياً ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية.

لأن المياه تُكذِّب الغطاس، سُجل تراجع واضح في النقاشات المسيحية – المسيحية، مع سريان الحديث حول “خلافات” أخذت تعصف بالقوى الداخلة في المفاوضات، فيما أكدت مصادر متنوعة وأخرى حصرية لـ”ليبانون ديبايت”، سقوط النقاش بورقة أسماء المرشحين الخمسة الرئاسية التي عمل بوحيها رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ما يعني على وجه التحديد تراجع أي إمكانية لتبني الوزير السابق جهاد أزعور. واسترعى الإنتباه حالة جمود تعتري الإجتماعات، إذ لم يُسجل أي اجتماع جدي خلال اليومين المنصرمين. والملاحظ أن كل فريق بات يتموضع في نقطة مواجهة للفريق المقابل منتظراً ما سيصدر عنه.

وفُهم من متواصلين مع قوى معينة، أن الجمود مردّه – فضلاً عن الخلافات – انتظار نتائج القمة العربية في جدّة، ومدى انعكاساتها على مسألة الإنتخابات الرئاسية في لبنان، وسط حديث أخذ مداه حول “انفراجات” محتمل حصولها خلال الشهر المقبل، ربطاً بنتائج القمة بمعناها السياسي، ولو أن نقاشات الرؤساء وممثلي الدول بقيت بعيدةً عن تناول الوضع في لبنان.

وسط ذلك كله، أخذت الرياح العربية تعصف في بعض القوى السياسية اللبنانية، بحيث صُدم بعضها جراء تبنّي القمة العربية “نفساً مختلفاً” في مقاربة المسألة اللبنانية من زاوية الصراع مع العدو الإسرائيلي.

وحمل البيان النهائي للقمة، تأكيداً على “التضامن مع لبنان في ظل أزمته وحق اللبنانيين في تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وحقه بمقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة والتفريق بين الإرهاب والمقاومة”.

النَفَس “التغييري” الذي لاحظه البيان النهائي لـ”قمة جدة” في ما يتعلق بلبنان، وعودتها إلى تبنّي بعض المصطلحات، قُرئ داخلياً بتمعّن، واندرجَ في سياق التغييرات الهائلة التي ذهبت إليها المملكة العربية السعودية، مؤخراً لا سيّما في مقاربة الملف اللبناني.

فالإنتقال من “الصمت السلبي” في مقاربة مسألة رئاسة الجمهورية إلى “الحياد الإيجابي” المُعبّر عنه بتدرّج مواقف السفير وليد بخاري وتأكيده عدم وجود اعتراض على أي من المرشحين، والآن تضمين البيان النهائي للقمة بنداً يعترف بالمقاومة ويميّزها عن الإرهاب، قد يفتح كوّة في الجدار الصلب، بين المملكة العربية السعودية بصفتها راعياً أساسياً وسياسياً في لبنان، و”حزب الله” بما يمثله في الداخل اللبناني من حضور وقوة، وهو ما يخدم نظرية توقّع بدء النقاش بين الجانبين، ولو على مستوى الوسطاء، أو بشكل غير مباشر حول مسائل عدة، مع التذكير أن الرياض تدرّجت في مفاوضاتها مع أخصامها في المنطقة لا سيما سوريا، بدء بالتواصل الأمني لغاية بلوغه البعد السياسي ثم توّجَ بزيارات متبادلة. وبهذا المعنى، ثمة من يتحدّث عن قرب بدء النقاش الأمني بين الحزب والسعودية (وقد يكون بدأ فعلاً)، على اعتبار أن لدى الفريقين ملفات ذات اهتمام مشترك.

ولا بدّ من الإشارة إلى كون الرياض، ومع تصفير مشاكلها في المنطقة، بدأت نقاشاً جدياً حول مسألة تهريب المخدرات بشكل عام إلى أراضيها وأهمها الكبتاغون، إذ ظهرت نماذج تعاون في هذا المجال لا سيما بين الأردن وسوريا. وتشير تقارير إلى أن الأراضي السورية تمثل “معمل الإنتاج” فيما يتّخذ الأردن كممرّ، وليس بعيداً لبنان المُستَغَلّ من قبل عصابات لهذه الغاية. وفهم من جراء تواصل “ليبانون ديبايت”، مع أمنيين وسياسين، أن لبنان مُستثنى في الوضع الراهن من أي تنسيق أمني أو عسكري محوره الطرفان الأردني والسوري، ما يؤكد أن العمليات الأخيرة على الحدود بين البلدين، لم تكن منسّقة مع الجانب اللبناني، أو أن الاخير على علمٍ بها.

ويبدو أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حاول استلحاق الأمور من خلال البدء بتفعيل آلية أمنية – قضائية – سياسية لبنانية لمواكبة “الحرب الشاملة على المخدرات”، حيث دعا خلال اليومين الماضيين إلى اجتماع أمني – قضائي موسّع خرج باستنتاجات وقرارات واضحة، وُضعت على سكة التنفيذ سريعاً. وعلم “ليبانون ديبايت”، أن ميقاتي حمل خلاصات الإجتماع ومقرّراته إلى القمة العربية، ومن المرجّح أن يكون أبلغها إلى المملكة العربية السعودية المهتمة على نحوٍ واضح وخاص في هذا المجال، ويحتل سُلّم الأولوية لديها.

وعطفاً، لا بد أن يكون المعيار وفق الشكل الآتي: “ماذا لديك لتعطيني أرى ما لديَ لأعطيك”، وطالما أن الأمور باتت تجري على هذا النحو إذاً، من المتوقع حصول “إنفراجات” على المستوى السياسي اللبناني. فمن الواضح الآن أن إسم فرنجية متقدِّم على ما سواه من أسماء، ولا يبدو في الأفق أي بصيص لاتفاق المعارضين حول إسم “ثقيل”. في المقابل تبدو السعودية تتقدم تدريجياً إلى المساحة التي تمكنها من إعلان الدعم لفرنجية بعدما رفعت الفيتو عنه. وليس سراً أنه من بين الأسماء المتوفرة، يحظى فرنجية بتفهّم كبير من جانب الرياض وسبق لها أن أوحت في الشكل أن لا مشكلة معه، فيما الواقعية السياسية التي تعلمها الرياض جيداً مستحيلٌ أن تتجاهل وجود فريق لبناني وازن يدعم فرنجية، ولا بد من مناقشته. أما طريق إعلان التأييد بشكل واضح، فيبدأ بحصولها على ضمانات لبنانية، سياسية وغير سياسية، ربما من قبيل انضواء هذا البلد في تحالف “الحرب على الكبتاغون”.

ليبانون ديبايت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى